يبدو أن الانتظار الذي بدأ يخيم على العلاقات المتوترة بين الرباطوباريس قد أرخى بظلاله على دعوات مغاربة للاحتجاج على الخط التحريري لأسبوعية "شارلي إيبدو" الفرنسية، التي استُهدف مقرّها إرهابيا مطلع هذا العام.. فقد أبلغت سلطات جهة الدارالبيضاء الكبرى الداعين إلى تنظيم المسيرة الوطنية "إلا رسول الله" قرارا ب"تأجيل الاحتجاج" بطُعمٍ حمل "نكهة المنع" حين جاء مصحوباً بعبارة "إلى أجل غير مسمى". ويأتي قرار "المنع التأجيل" بالتزامن مع زيارة وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، المرتقبة غدا الخميس للعاصمة الفرنسية باريس من اجل لقاء نظيرته كريستيان توبيرا، فيما سارع منظمو المسيرة الوطنية إلى إصدار بلاغ يؤكد خبر تأجيل "مسيرة المغاربة المليونية بالدارالبيضاء"، وأشاروا إلى أنه "بالنظر للمستجدات الدبلوماسية المغربية والفرنسية، ارتأى المنظمون أن يفسحوا فرصة للدبلوماسية للضغط على صحيفة شارلي إيبدو لتوقيف إساءتها للرسول الكريم"، كما طالبوا بتبليغ وزير الشؤون الخارجية والتعاون بأسباب الدعوة للمسيرة وتأجيها. محمد زراري، المنسق العام لمسيرة "إلا رسول الله"، قال في تصريح لهسبريس إن قرار السلطات كان متوقعا "لاعتبارات أمنية وسياسية"، مشيرا إلى أن التنسيقية الجهوية لفعاليات المجتمع المدني مستمرة في حملتها من أجل نُصرة الرّسول الكريم والديانات السماوية "ندعو إلى حرية التعبير في إطار احترام الآخر والكتب السماوية"، مضيفا أن التنسيقية "يبقى لها حق الرد على كل من سولت له نفسه الإساءة للإسلام وباقي الديانات". بدوره، عبّر زبير الأمة، أحد النّشطاء الدّاعين للمسيرة "المؤجّلة"، في تصريحه لهسبريس عن أسفه لهذا الإجراء "المفاجئ"، "لقد تأخرنا كثيراً في ردة فعلنا على الإساءة التي طالت الإسلام ورسوله الكريم من طرف الصحيفة الفرنسية ومن يدعمهما"، مضيفا أن قرار انسحاب المغرب من مسيرة باريس التي تلت الهجمات على "شارلي إيبدو"، "حفظ ماء وجه المغرب". وأشار الناشط المغربي إلى أن المسيرة "لن تكون ناجحة، وفق مسؤولي الجهة، بسبب تقادم القضية"، مشددا على أن الداعين إليها يعلنون الاستمرار في نصرة الرسول الكريم وباقي الديانات ضد كل إساءة، "رفعنا شعار إن عُدتم عُدنا.. إن نشرت الصحيفة أقل شيء ممكن من ذلك القبيل، فسيخرج طوفان بشري نصرةً لرسول الله". وكانت فعاليات جمعويّة تنشط في جهة الدارالبيضاء الكبرى، قد التأمت قبل أسابيع في إطار "التنسيقية الجهوية لفعاليات المجتمع المدني"، ودعت إلى مسيرة وطنية يوم الأحد 2 فبراير القادم، تحت شعار "إلا رسول الله"، إذ جاء في نداءها الكتابي "التعبير حق لكن في الوقت نفسه الحرية لها حدود.. لا تعني أن تقوم الصحيفة الفرنسية (شارلي إيبدو) بالإساءة للمسلمين واستفزاز مشاعرهم والتهكم على معتقداتهم ورموزهم الدينية". واستنكرت التنسيقية ما أقدمت عليه صحيفة "شارلي إيبدو" من نشر صور مسيئة للرسول الكريم، بعد أيام من المجزرة الدموية التي طالت مقرّها، معتبرة أن "مثل هذا العمل مرفوض وغير مبرر ومتهور، وينتهك حقوق الأديان السماوية ويمثل انتهاكاً للقيم الإنسانيّة ولمبادئ التعايش السلمي والتسامح والاعتدال والاحترام المتبادل بين الشعوب". ويدعو النشطاء المغاربة من الدولة المغربيّة إلى مطالبة الأممالمتحدة بإحداث آلية دولية "تجرم الإساءة للديانات السماوية وللأنبياء والرسل"، إلى جانب مطالبة البرلمانات الدولية باستصدار قوانين تحرم تلك الإساءة، فيما جرت إدانة "كافة أشكال الإرهاب.. سواء إرهابا ترتكبه مجموعات وأفراد أو إرهابا تمارسه الدول". قبل ذلك بأسبوعين، كان نشطاء مغاربة قد دعوا لمسيرة وطنية بالرباط، لهدف إدانة العنف الذي عرفته فرنسا منذ الاعتداء المسلّح على مقر "شارلي إيبدُو"، قبل أن يتبادلوا رسائل إلكترونية للإشعار ب"تأجل الموعد"، دون تحديد تاريخ جديد له، حيث اكتفة المنظمون بتبرير ذلك كون أسباب تنظيميّة وقفت وراء هذا القرار.