آنفاً كان سقف ثقافتي تحت الصفر الى درجة الصفر،حينها.. لازلت أذكر، اُرغمتُ أن أركّب جملة مفيدة ، تكون { اليد البيضاء } محور الحديث. ولم تكن أي فرصة سانحة ، تعفيني من عدم القيام بهذا العمل المنزلي .لم يكن طريقا سهلا حتى أطلق العنان لقلمي، لينوب عن أميتي.كانت غرفتي أفْقر ما تكون من صور وسائل الإيضاح والأجهزة المعلوماتية ، أعتمد عليها لفك لغز اليد البضاء وجهالتي . أعددت ورقة وقلم رصاص، وبدأت أحملق في سقف غرفتي .. ماذا يعني استاذي باليد البيضاء ؟ لم أسمعها من قبل .آنفا، شاهدت فيلما Lamano Roga وأنا في الخامسة من عمري..رجل يرتدي قفازين سوداوين حين يقبل على جريمة أو سرقة، لكن يده لم تكن { روخا } ولن تكون حسب طبيعة خلق الله. اليوم, وقد أقبلت عظامي على الهشاشة, تعتريني نفس المشكلة .لا أحد في غرفة نومي.. سوى ميمي قطتي , تعودت انتظاري لأسلو بها وهي تحت سريري تداعب كومة من الصوف.تبادلنا النظرات كالعادة، غالبا ما كانت تموء لأحضر لها جبنا أو حليبا، هذه المرة الوضع يختلف، لا هي ألحَّت علي، ولا أنا كنت على استعداد. تسللت ميمي من تحت السرير ونطّت فوق مكتبي ، تحملت مداعبتها، وكأنها بفعلها هذا ، كانت تساعدني على كتابة ديباجة تركيب الجملة { اليد البيضاء }.كان زغبها أسود اللون، بخلاف بعض الشعيرات في لون البياض تغطي مخالبها.ولما لا ؟.. رددتها في خاطري ، لما لا تكون زغيبات ميمي هي غطاء للجملة ؟كل شيئ في ميمي قطتي جميل، حتى أخلاقها عالية،، لا تؤدي أحدا .سلمت الجملة المفيدة لمعلمي على طبق من ذهب ، واضعا رسم شعيرات ميمي، البيضاء الناصعة على الورقة، وكيف هي جميلة وناعمة. تلقيت صحوة كما البرق من معلمي :إسمع يامغفل.. اليد البيضاء لا تعني كما وصفته على هذه الورقة ، لكن .. لا ألومك ، لم تتعلم المجاز بعد, عوض أن تقول اليد السخية، تقول اليد البيضاء يعني { التّدْويرة } مثلا ، هناك رجالات كالتّنّانين عظام، أصحاب أظافر بيضاء حتى وان تنجّستْ بالدماء في وقتنا هذا، لأن الركوب على فرس الطروادة لمحاربة الارهاب ، أجاز ذلك كما أجاز أكل لحم الخنازير عند الضرورة. توقف معلمي ليسترجع نفسه ، ولم أكن جبانا ، رفعت بنْصري لا عن قصد، وسألته : ما محل اعراب هؤلاء ؟ابتسم قائلا : هؤلاء يجدون صياصيهم في القصور بسرعة البرق ، عند الناس الكبار ..كبار ..كبار. لا يبالون بدائرة السَّوْء ، يمشون مشية البطارقة، وتهابهم الغيلان ، لأن الامكانيات التي تتوفر لمثل هذه الأيدي البيضاء الوسخة بالدماء ، لا تتوفر لغيرها من الأيدي النظيفة .. النظيفة. ألأيادي البيضاء هي التي أبادت شعب العراق بكامله، واستخدمت رئيسها كبش فداء صباح عيد الأضحى المبارك.هذه الأيدي تنعم اليوم بحب الناس الكبار.. كبار ..كبارجداً. وهناك ايدي بيضاء خفية ، في لمساتها كل الحنان والدفء تساهم في يُتم وفقر وتشريد وترحيل وتقتيل الغلبة على ارض فلسطين . هذه الأيدي البيضاء الناعمة كما يحكون لنا، هي تحت مظلة في رعاية الناس الكبار، كساحة متجرة عالمية ، لا برزخ لها، معززة مكرمة، واللائحة طويلة ، تمتد من حزام الكرة الأرضية عرضا وطولا، وهذا يعطي الفرصة للآخرين ليدَّاركوا، ويسطو جبروتهم على بني جلدتهم ، باسم العسكر والحزام الإعلامي ، الذي يقوم بتغطية العضلات المهيمنة ، تجمعهم ، نقائض جرير والفرزدق . من نافذة المهجر