اختار نُقّاد وفنّانون مغاربة ومصريون زاوية المسرح لترميم العلاقات بين الرباطوالقاهرة، التي عرفت اضطراباً غير معهود في الآونة الأخيرة، حيث جمعت منصة المركز الثقافي المصري بالرباط، الفنان المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد بالممثلة المصرية سميحة أيوب، الأخيرة التي تمثل مصر عضوةً بلجنة تحكيم الدورة 7 من مهرجان المسرح العربي المعاصر، المقام حاليّاً بالعاصمة. الفنان برشيد اختار الزاوية الدينية للحديث عن عمق العلاقات بين شعبي مصر والمغرب، بقوله إن "حبّ النبي هو من يجمعنا"، مشيرا إلى أن الإنسان المصري "لا يتحدث في حياته اليومية إلا بإسم النبي.. والشعب الذي يحب النبي لا يمكن إلا أن يكون شعباً نبيلاً". وخصص برشيد جزءً من مداخلته، في الندوة التي نظمت بمقر المركز الثقافي المصري اليوم بالرباط، لحديثه عن الفنانة المصرية المعروفة سميحة أيوب، التي تلقب ب"سيدة المسرح العربي"، حيث احتفى بمشوارها المسرحي وبسيرتها الفنية والذاتية، في حين قاطعت سميحة مسيّر الجلسة بقولها "جدتي مغربية". الفنانة المصرية سميحة أيوب، التي تألقت على خشبة المسرح منذ خمسينيات القرن الماضي، قالت إن العلاقات المغربية والمصرية الممتدة من آلاف السنين أُسَريّة وليست قومية، "المغاربة كانوا يعيشون ويتزوجون في مصر بعد عودتهم من الحجاز"، مشددة أن تلك اللحمة "لن تعكر صفوها أية شائبة.. فنحن إخوة وأنساب". وفي تقييمها لواقع المسرح العربي اعتبرت سميحة أيّوب أن الحال لا يفارق ما يقع للعالم العربي "فهو مضطرب وبعد كل نصف ساعة يحدث مستجد، لأنّ المسرح مرآة المجتمع"، لتضيف قائلة "المسرح بعافية شْوَيّه"، على أنه بدأ يستعيد عافيته "رغم أنه يجنح أحياناً للنكتة بعيدا عن المسرح الأدبي الحقيقي". ولم تُخْفِ الفنانة المصرية أمنيتها في التمثيل ضمن عمل مغربي، "أتمنى أن أقف على المسرح مع المغاربة وننتج عمل جميلا يمتع الجمهور"، فيما دعت ممتهني وهواة المسرح في العالم العربي إلى ضرورة الاهتمام بالكلمة في الأعمال الفنية، "للأسف نرى أن لغة الجسد هي التي تطغى وجميع الشباب يعتنقوا هذه الأعمال". من وجهة نظر النقاد، تحدث حسن محمود عطية، العميد السابق للمعهد العالي للفنون المسرحية والمعهد العالي للفنون الشعبية بمصر، عن اندهاشه من السينما المغربية مطلع سبعينيات القرن الماضي، "كانت لها قدرة على التقاط تفاصيل الدقيقة في الحياة وإعادة صياغتها". وعبّر عطية عن حزنه وأسفه لقلة الإنتاج المغربي في المجال الفني، "لكن السينما المغربية تمكنت أخيرا من رفع إنتاجها كمّا وكيفاً، والدليل مشاركتها السنوية في مهرجان القاهرة الدولي"، مشيرا إلى أن اللهجة المغربية تكون أحياناً عائقا لمعرفة ما يحتويه فيلم سينمائي مغربي على الشاشة، "نحن حزانى حين نشاهد فيلما مغربيا مرفوقاً بترجمة للعربية". وشدد المتحدث على الحاجة إلى رؤية الأعمال الفنية المغربية على الشاشة المصرية، قبل أن يتوجه بحديثه للسفير المصري بالرباط، أحمد إيهاب جمال الدين، محملا إياه مسؤولية نقل العمل المغربي إلى مصر "إنه عبء كبير على السفارة المصرية". أما سيد علي إسماعيل، أستاذ المسرح بكلية الآداب بجامعة حلوان، فاكتفى بسرد تاريخي للتواجد المغربي في حارات القاهرة، مشيرا إلى تواجد نحو 600 مسجد ومقام ل"الأولياء الصالحين" من المغاربة بالعاصمة المصرية، مضيفا أن أرشيف معهد الفنون المسرحية، كشف عن تسجيل طالبَيْن مغربيّين درسوا المسرح في أقسامه زمن ثلاثينات القرن الماضي. واعتبر اسماعيل أن العلاقات المسرحية بين البلدين وُثّقت مع مطلع القرن ما قبل الماضي، مورداً عملا مسرحيا أخرجته جمعية "المعارف" المصرية عام 1903 يحكي عن "كفاح المغاربة ضد الإسبان"، إلى جاب مسرحية تحكي عن كفاح عبد الكريم الخطاب الخطابي ضد الاستعمار عام 1924، معتبرا بذلك أن المغرب كان حاضرا بتاريخه في المسرح المصري.