أثار برنامج تحقيق للإعلامي محمد خاتم ثاني يوم عيد الأضحى ، قضية من القضايا المسكوت عنها في مغرب الهامش، ألا وهي زواج القاصر، حيث من خلال الحوار المدلى به من قبل المستجوبين والمستجوبات، تبين بالصوت والصورة مدى التهميش الذي طال ويطال العديد من الدواوير التي تنتمي للعديد من المدن كمكناس وميدلت وميسور وأوطاط الحاج.." الجهة الشرقية" . وتبين للعيان مدى تناقض الخطابات السياسية للعديد من الأحزاب، وجمعيات المجتمع المدني.. التي لم يظهر لها أثر في هذه الجهة موضوع التحقيق. كم كانت خيبة المشاهدين باختلاف أطيافهم، وتنوع انتماءاتهم، لما صرح به من قبل بعض "الأطفال" الأزواج ، وبعض "الطفلات" الزوجات. وكذا ما صرح به بعض أولياء أمورهم من أمهات و آباء.! الموضوع كان صادما، وخلق العديد من التساؤلات حول ما تعيشه هذه المناطق من عزلة تامة عن تيار التحديث الذي يعرفه المغرب نتيجة فتح العديد من الأوراش، للنهوض بالمجتمع ككل على جميع الأصعدة، وبالتالي فغياب السلطات المحلية والمنتخبين وجمعيات من المجتمع المدني.. عما تعيشه المنطقة من تخلف سواء على المستوى الاجتماعي أو الفكري أو العقائدي أو الديني.. يكرس التحكم إلى عادات وتقاليد هي بعيدة كل البعد عن فحوى الروح المغربية، التي تطبع كل مواطنة ومواطن يعيش بربوع هذه المملكة السعيدة. فما يجري في هذه المناطق من انتهاك لحرمات الطفولة بشكل قهري، وتحت العديد من المسميات التي لا تمت للقانون لا السماوي ولا الوضعي بصلة ، يجعل من كل ازدياد طفلة مشروع اغتصاب على المدى القريب، بحكم الطابع الذي يهيمن على عقليات هذه الربوع والمتجلي في زواج القرابة، وتزويج طفلات هن في حاجة ماسة إلى الالتحاق بالمدرسة من أجل التربية، واللعب لتكوين شخصياتهن على مستوى العقل والجسم، بحكم سنهن الغير المتجاوز ل : أحدعشر عاما ، وأربعة عشر سنة.. ماذا عن مدونة الأسرة التي تم الإجماع عن تطبيق موادها وبنودها بخصوص هذا الموضوع ؟. وما مدى معرفة سكان هذه المناطق بالمدونة ؟. في إجابة لوزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة ..السيدة نزهة الصقلي بخصوص هذا الموضوع المثار والذي يخص برنامج تحقيق " زواج القاصر". تأسفت كثيرا لما شاهدته من لقطات صادمة لاغتصاب طفولة بريئة بحكم عادات وتقاليد تعتمد العرف القبلي مقياسا لتسيير شؤونها، مشيرة بالقول يجب لمعالجة هذا الموضوع أن تتوحد قوى العديد من المتدخلين ابتداء من المدرسة والكتاب والمسجد، والأحزاب السياسية، وجمعيات المجتمع المدني، وسلطات محلية، ومواطنين أفرادا وجماعات..لتغيير مثل هذه العقليات التي لا زالت بعيدة كل البعد عما نطمح إليه جميعا . كما ردت القاضية السيدة :الحر بحكم مهمتها في معالجة ملفات قضايا متعلقة بمدونة الأسرة، بأن المدونة حددت مسارا قانونيا لكيفية تنظيم الأسرة ابتداء من الزواج، وانتهاء بالطلاق، مراعية في ذلك العديد من الشروط التي تم الاتفاق حولها. إلا أن الملاحظ في العديد من القرى والأرياف ما زال ساكنتها لم يصلهم سوى رذاذ المدونة، مما يجعل الأمر بيد القاضي الذي له صلاحية منح إذن زواج قاصر بشروط محددة في القانون. أما دون ذلك فلا يتم زواج. هذا ما أقرته المدونة في قوانينها ، أما الواقع فيصرح جهرا وللعيان ، وبالصورة والصوت بزواج القاصر دون البلوغ ، نتيجة أعراف متفق حولها مما جعل المنطقة تعج بمواليد لا ينتسبون لآبائهم وأمهاتهن، بحكم العرقلة التي يجدونها في عملية إثبات النسب. أولا لعدم وصولهم إلى السن القانوني الذي يخول لهن الزواج. وثانيا لعدم توفر أولياء الأمور "الأطفال" على كناش الحالة المدنية، التي من خلالها يتم إثبات النسب. فهل سيتم تصحيح الوضع من خلال اتخاذ إجراءات عملية من قبل السلطات المختصة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لحصر هذه الحالات، وإتباث النسب لكل وليد ووليدة ؟ أم سيبقى الوضع كما هو عليه، وسترتفع نسب الازدياد بعيدا عن كل عملية إحصائية تتوخى منها الدولة وضع استراتيجة لمواجهة تحديات مستقبلية ؟. أم أن دار لقمان ستبقى على حالها، إلى أن يتفاقم الوضع، وتحدث الكارثة – لاقدر الله-. فإذا كان مفهوم الأم العازبة بدأ يتكرس في أذهان المواطنين نتيجة ما يعرفه المجتمع من سلوكيات شاذة من قبل بعض الشباب والشابات نتج عنه تأسيس جمعيات تهتم بالموضوع وأخص بالذكر جمعية التضامن النسوي الذي ترأسه أم الأمهات العازبات السيدة عائشة الشنا، فإننا نلحظ من خلال برنامج تحقيق الذي بثته القناة الثانية في خميس ثاني عيد الأضحى، بأن مقهوما آخر ينضاف إلى معجم الانحرافات التي تعرفها بعض الجهات ك " الطفلات الأمهات" وهذه أم الكوارث. فمتى سنتصدى لتدفق تيار السلوكيات المنحرفة ، ومواجهتها في الآن، وفي الزمان والمكان، دون أن تكون لها انعكاسات مؤثرة فيما سيأتي من الولادات..؟.