يضعُ المسلمُون أيديهُمْ على قُلوبهم جراء سقوطِ قتلى وجرحَى فِي الهجومٍ الذي تمّ على مقرِّ صحيفة "شارلِي إيبدُو" الفرنسيَّة الساخرة ببارِيس، وذلك بفعل مخاوف منْ تغذية الهجوم كراهية أشد تجاهَ المُسلمِين، وتحميلهمْ وزر الترويعْ الذِي طال فرنسا. "أيَّام المسلمِين في فرنسا ستكُون صعبة للغاية، سيما إذا دخل اليمين المتطرف على الخط، بسبب ما حصل اليوم" على هذا النحو تنبأ صحافيُّ، بعينين تذرفانِ دمعًا، لدى حديثه إلى قناة إخبارية عنْ الهجوم، الذِي يجرِي تفسيرهُ حتَّى اللحظة بمثابة انتقامٍ منْ نشر الصحيفة رسمًا مسيئًا لشخص الرَّسُول، استنادًا إلى شاهد عيان. الرَّئيسُ الفرنسيُّ، فرانسوَا هولاند، استبقَ ما سيعقبُ الهجوم فشددَ، في أوَّل ردِّ فعلٍ له، على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنيَّة، واصفًا الهجوم ببربريَّة لا نظيرَ لها.. وواصل: "علينا أنْ نظهر في لحظةٍ كهاته أننا بلدٌ موحد، وأنْ تكون ردود فعلنا مناسبة، أيْ أنْ نتفاعل بصرامةٍ، لكنْ بما لا يغفلُ عنصر الوحدة الوطنيَّة". الصحافية المغربيَّة المُقيمة في فرنسا صوفيا المنصورِ، تقولُ في حديثٍ لهسبريس إنَّ الكلَّ في فرنسا، من مسلمِين وغيرهم، لا يزالُون في حالةٍ من الصدمة، مردفةً أنَّه بالرُّغم منْ عدم كشف الجهة التي تقفُ وراء الهجوم الإرهابي المدان حتى اللحظة، إلَّا أنَّ المعطيات المتوفرة تشيرُ إلى متطرفِين إسلاميِّين، الأمر الذِي ستكون لهُ تبعاتٌ على مسلمِي فرنسا. وتخشى صوفيَا أنْ تتنامى العنصريَّة تجاه المسلمين في فرنسا، بعد الهجوم، سيما أنَّها تزايدتْ بصورة كبرى بعد هجمات محمد مراح، وصعود اليمين المتطرف بسبب الأزمة السياسية التي تكابدها البلاد. زيادة على ذلك، يجري ترويج خطاب مؤداهُ أنَّ تأزُّم الوضع في فرنسا مردُّه إلى الهجرة، التي فتحتْ الباب أمام الوافدين للاستفادة من مساعدات الدولة ومزاحمة الفرنسيِّين، على أنَّ العنصريَّة زادتْ وتيرتها بعد إعدام الرهينة الفرنسي، هفري كوردَال في فرنسا، من قبل جند الخلافة التابع ل"داعش". ما يذكِي جذوة الحقد على المسلمِين، تقول صوفيا، كتابٌ لإيريك زمور، طالب فيه بترحِيل كلِّ مسلمِي فرنسا، فوجدَ بعدما جرى إبعاده من قناة "إي تيلي" بسبب مواقفه المعادية للمسلمِين، عددًا كبيرًا من المتضامنِين، موازاةً مع صدُور رواية "خضوع" المهولة للمسلمِين لكاتبها هويلبِيكْ. وممَّا لا مرَاء فيه، بحسب المتحدثة، أنَّ أسهم اليمين المتطرف سترتفعُ في الفترة القادمة، وأنه سيركبُ الهجوم لإذاعة خطاب التخويف من الإسلام، وتحسيس المجتمع الفرنسي بوجُودِ خطر. "المسلمُون باتُوا اليوم في وضعٍ لا يحسدُون عليه، سنكُون مدعوِّين إلى أن نخرج للشارع والتعبير عن رفضنا لما حدث، وإيجاد مسوغات للفصل بين ما حدث وبين الإسلام الحقيقِي"، تردفُ صوفيَا. مأزقُ المسلمِين اليوم بفرنسا، بحسب المتحدثة، في كونهم مجبرِين على أنْ يبرُروا جرائم لا ناقة ولا جملَ لهم فيها، بالرُّغم من كونهم جزءً لا يتجزؤُ من المجتمع الفرنسي، الذِي يظلُّون معرضين فيها لهجمات الإرهاب الأعمى، شأنهم شأنَ صحافيِّي "شارْلْ إيبدُو".