أثارت مطالب حزب "بوديموس" الإسباني، معناها بالعربيّة "نستطِيع"، بإرجاع ثغري سبتة ومليلية إلى المغرب، الكثير من الجدل في الساحة السياسية الإسبانية.. خصوصا وأنها صادرة عن حزب حديث التأسيس ويتصدر جميع استطلاعات الرأي بخصوص نوايا التصويت ضمن الانتخابات البرلمانية المقبلة. وكتب الحزب على حسابه في تويتر "من أجل تطبيع العلاقات مع المغرب، وتجاوز قرون من الصراع، على الدولة أن تعيد سبتة ومليلية للشعب المغربي، ونصبح إخوة وجيرانا"، هذه التدوينة كانت كافية لجعل حساب الحزب يتحول إلى ساحة للصراع بين مؤيدين للفكرة ومعارضين لها، وكان أشد المعارضين لهذه الفكرة هم أنصار الحزب الذين ينتمون لمدينتي سبتة ومليلية، بل منهم من ذهب إلى حد اتهام الحزب بكونه "يخون إسبانيا". موقف "بوديموس" يعتبر مفاجئا لأنه صادر عن حزب يصنف بكونه "لا يكن الودّ للمغرب"، وخصوصا ضمن ملف الصحراء حيث يتبنى توجها حاليا مساندا لأطروحات جبهة البوليساريو. وبعد أن واجه الحزب موجة من الإنتقادات من طرف أنصاره قام بسحب تدوينته على تويتر، وغيرها بأخرى تقول "بخصوص الجدل حول سبتة ومليلية، فنحن نأمل فتح نقاش مسؤول مع جارنا المغرب، من أجل إيجاد صيغة للتسيير المشترك للمدنيتين".. وزاد نفس الحزب أنه "يجب الحديث بصراحة مع المغرب حول وضع المدنيتين"، بل ذهب بعيدا في طرحه لدرجة أنه اقترح فكرة تنظيم استفتاء تشارك فيه ساكنة سبتة ومليلية بشأن الانضمام للمغرب أو البقاء تحت السيادة الإسبانيّة. وتأتي مطالب الحزب الإسباني ذي التوجه الإشتراكي في الوقت الذي أصدر المعهد الملكي الإسباني "أليكانو" تقريرا يدق ناقوس الخطر بشأن التحول الديمغرافي الذي تعرفه كل من سبتة ومليلية، يشير إلى ارتفاع نسبة المغاربة القاطنين في الثغرين، وهو الأمر الذي قد تنجم عنه تغييرات سياسية واجتماعية "لن تكون في صالح إسبانيا". وتوقع التقرير أن تصبح مليلية "مدينة يمثل فيها العرب أغلبية السكان إن لم يكن الأمر قد تحقق بالفعل، ونفس الأمر بالنسبة لمدينة سبتة" وفق تعبير المعهد الذي قدم صورة عن التطور الديمغرافي بالمجالين الترابيّين، ذلك أنه سنة 1986 كان 18 في المائة من سكان مدينة سبتة لهم أصول مغربية وكان يصل عددهم إلى 12 ألف شخصا، أما في مدينة مليلية فقد كان المغاربة يمثلون 32 في المائة من مجموع السكان وبلغ تعدادهم 17 ألف مغربيا، غير أن هذه الأرقام تغيرت خلال العقدين الماضيين إلى أن وصلت نسبة المغاربة في مليلية إلى 45 في المائة من مجموع السكان، ب100 ألف شخص، و35 في المائة من سكان مدينة مليلية يصلون 85 ألف شخص.