أصبح من الصعب على المتتبع لمسار التيار الذي يريد أن يؤسس لنفسه موقع قدم في الساحة السياسية، أن يفهم ما الذي يريده أصحابه و بأي منطق يفكرون ؟ ففي كل مرة يلوحون بالإنشقاق و بالالتحاق بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية أو تأسيس إطار سياسي جديد أو ...؟ بعد أن أعلنوا الطلاق مع الاتحاد الاشتراكي و قيادته الحالية.. غير أن قرار الانفصال يترك في كل مرة لاجتماع التيار المقبل، فتوالت الاجتماعات تلو الأخرى و كان أكبر محطاتها اجتماع عين السع الأخير و الذي بعد المناقشة و التحليل الكبيرين قرر أن يؤجل القرار إلى الوقت المناسب، حتى بات هذا القرار المرتبط بتوقيت إعلانه من درب الخيال و التمثلات الدونكيشوتية .. قادة هذا التيار غير قادرين على الاشتغال داخل مؤسسات الحزب، لأن أصبحوا أقلية وفق إحصائيات المؤتمر الوطني التاسع و غير قادرين اتخاذ قرار الانفصال، فأي منطق هذا الذي يسير و سيسير به هذا التيار و من عول على بناء مجده السياسي داخله.. اجتماع الجنة الادارية الوطنية للاتحاد الاشتراكي الأخير اتخذ قرارا جريئا لمساعدة أصحاب التيار على الرحيل و المغادرة بشكل سلس عندما صادق على توقيف و تجميد عضوية قياديين منه داخل الحزب .. العجيب أن ما حصل هو صراخ و إدانة للقرار من طرف التيار و من يدور في فلكه و كأنهم ما زالوا في صلب الحزب، عوض استغلال القرار الهدية للتوكل على الله في أرضه الواسعة... خلاصة القول لمن يهمه الأمر قبل فوات الأوان، أن داخل التيار من يدفع في اتجاه الاحتجاج و التصعيد و هو يفاوض من وراء التيار لانتزاع مكاسب خاصة و هناك السذج الذين يظنون فعلا أن الانفصال حتمي و لكن قرارهم معطل بسبب لبس موقف السالف ذكرهم ... و المحصلة أن كل محاولات الابتزاز السياسي لم تنجح أمام ثبات و صمود قيادة الاتحاد الاشتراكي سواء تلك المتعلقة بإعادة هيكلة الأجهزة التقريرية للحزب على قاعدة تمثيلية رموز التيار داخلها، أو تلك المتعلقة بانتزاع ضمان الترشيح للاستحقاقات الانتخابية المقبلة... فقدر ما تزداد خيبة أمل زعماء هذا التيار بعد يمسي تيار الانفتاح و الديمقراطية غير قادر على ترجمة قراراته على أرض الواقع، و بذلك يبرهن على ضعف و وهن تنظيمي و سياسي يقتلانه في المهد بل في الرحم و يجعلان من استمراره مسألة وقت ليس إلا، و إلى حين ذلك يبقى التيار ظاهرة صوتية، لا أقل و لا أكثر.