قرر مكونان من مكونات الكتلة الديمقراطية (الاستقلال والتقدم والاشتراكية) المشاركة في حكومة بنكيران، فما مصير الكتلة بعد هذا القرار؟ مشاركة كل من حزبي التقدم والاشتراكية والاستقلال قرار لأجهزتهما التقريرية؛ المجلس الوطني لحزب الاستقلال واللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية. إذن لا بد من احترام هذا القرار، ويجب ألا يختلط الأمر على الرأي العام في ما يتعلق بمصير الكتلة. صحيح أن “الكتلة الديمقراطية” لم تستطع أن يكون لها موقف موحد، لكن لا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي اختار التموقع في المعارضة، ولا حزبا الاستقلال والتقدم والاشتراكية، اللذان اختارا المشاركة، قال إنه تخلى عن ميثاق الكتلة الديمقراطية، وعن التصريح الأولي لسنة 2007، أو البيان الهام الذي وافقت عليه ليلة الانتخابات. فمبدئيا يمكن القول إن ثمة مشكلا داخل الكتلة، وهو أن طرفين منها يشاركان في الحكومة وطرفا في المعارضة، لكن لا يمكن أن نتنبأ بمستقبلها ونحكم عليها. سبق لأحد قياديي التقدم والاشتراكية أن اتهم الاتحاد الاشتراكي بإعدام الكتلة. هذا رأيه وهو حر فيه. أما أنا فأعتقد أنه صحيح أن الأحزاب الثلاثة لم تستطع أن يكون لها موقف موحد من موضوع المشاركة، وهذا مؤسف، ولكن لا يمكن أن نتصور ما سيقع في ما يخص مستقبل الكتلة. في المجلس الوطني الأخير للاتحاد، وجهت انتقادات شديدة اللهجة للكاتب الأول عبد الواحد الراضي مفادها أن النتائج التي حصل عليها الحزب مردها إلى سوء تدبير المرحلة من طرف القيادة. هل انتم متفقون مع هذه الانتقادات؟ أعتقد أنه ما زال الوقت غير مناسب لتقييم المرحلة الآن، والاتحاد الاشتراكي تموقع في المعارضة، ولا بد أن يترك المجال لهيآته التقريرية ولمؤتمره المقبل لتقييم التجربة كاملة. صحيح أن النتائج لا بد أن ينظر إليها من الناحية السياسية، وهي نتائج أعادت حزب الاتحاد الاشتراكي إلى نفس الموقع الذي كان فيه عام 2007، وربما أقل، وهذا بطبيعة الحال من ضمن الأسباب التي جعلت الاتحاد يختار المعارضة. هل كنتم مع موقف المعارضة أم مع المشاركة؟ أنا كنت مع الموقف الذي عبر عنه المجلس الوطني، لكن لا ننسى أن داخل قواعد الاتحاد الاشتراكي كان هناك نقاش قوي، ربما لم يتبلور في المجلس الوطني، إذ كان هناك من يعتبر أنه من الأفضل أن يكون الاتحاد مشاركا في الحكومة الجديدة، خاصة في مرحلة الدستور الجديد. وبالمقابل كان هناك رأي آخر يقول إنه مادام أن الصدارة لم تعط لا للاتحاد الاشتراكي ولا لأي حزب من أحزاب الكتلة فلا يمكن للاتحاد أن يشارك مشاركة تكميلية، كما فعل في المراحل السابقة. وحتى كثير من الأطر الاتحادية كانت منقسمة في الموضوع، فبعضها استحسن الخروج إلى المعارضة، والبعض الآخر كان يرى أن على الحزب المشاركة إلى جانب حزب العدالة والتنمية في الحكومة الجديدة. وبحسب هؤلاء، فالمرحلة دقيقة والتحديات كبرى، خصوصا وأن تجربة الاتحاد الاشتراكي يمكن أن يستفيد منها البلد في هذه المرحلة. لكن قرار المجلس الوطني كان شبه إجماعي، وهو المجلس الوطني ذاته الذي قرر المشاركة وقيادة الاتحاد الاشتراكي لحكومة التناوب 1998، وهو المجلس نفسه الذي قرر المشاركة بأغلبية ساحقة في 2002، رغم ما أبداه المكتب السياسي من ملاحظة حول غياب أي تبرير للخروج عن المنهجية الديمقراطية لما عين الملك إدريس جطو وزيرا أول، وهو المجلس الوطني نفسه الذي قرر المشاركة في 2007… ونظرا لعدد من الاعتبارات، كان دائما هناك معارضون للمشاركة في الحكومة، ففي 1998 كان موقف المعارضين أن لا يتحمل الاتحاد الاشتراكي المسؤولية الأولى لما نادى الحسن الثاني الأخ عبد الرحمان اليوسفي، ومنهم من خرج بعد ذلك حتى من الاتحاد الاشتراكي وأسسوا أحزابا معارضة، لكنهم الآن يعيشون وضعا صعبا نتمنى أن يستخلصوا منه الدروس ويتجهوا نحو توحيد اليسار. مشاركتكم في حكومة التناوب اعتبرها الاتحاديون خطأ تاريخيا أدى إلى ما وصل إليه الحزب الآن من تقهقر… هذا تحليل بسيط وساذج. ليس مقدرا على حزب من الأحزاب أن يكون دائما في الحكومة أو أن يكون دائما في المعارضة. فالمعارضة أو المشاركة هي مسألة متعلقة بالظرف السياسي. صحيح أنه على الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن يعمل على تقييم تجربته الكاملة ليفتح آفاق المستقبل، ولكن أيضا علينا الاعتراف بأن الاتحاد الاشتراكي تحمل مسؤولياته بقرارات هيآته التقريرية ولو بنقاش حاد، وهذا برأيي لم يمنع الاتحاد الاشتراكي من طرح الإصلاحات، ففي انتخابات 2007 طرحنا جيلا جديدا من الإصلاحات تبلور في البرنامج الانتخابي في المؤتمر الثامن. والحزب وهو في الحكومة طرح مسألة الإصلاح الدستوري، فبالرغم من كون الحزب في الحكومة فهو الوحيد الذي قدم مذكرة للملك حول الإصلاحات الدستورية. ألا تخشون أن تندموا في ما بعد على عدم مشاركتهم إلى جانب حلفائكم في الكتلة في الحكومة الجديدة؟ أستبعد ذلك. حزب الاتحاد الاشتراكي سيقوم بدوره كاملا في المعارضة، خصوصا أن تفعيل الدستور يقتضي معارضة حقيقية وقوية، وهذا ما سيقوم به حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من خلال عمله البرلماني ومن خلال عمله داخل المجتمع. فالدستور الجديد يفرض أن تكون أغلبية قوية ومعارضة قوية، والاتحاد الاشتراكي يمكن أن يشكل هذه المعارضة بتجربته الطويلة في محاربة الفساد والاستبداد لأكثر من 30 سنة، وأيضا لغنى تجربته في مسار الحكومة… فالمغرب دخل الانتقال الديمقراطي في 1998 والتاريخ سجل للاتحاد الاشتراكي مسؤوليته الكبيرة في هذا الإطار، والآن جاء الوقت لتقييم كل ذلك للتوجه نحو المستقبل. ألا ترون أن عليكم أولا كحزب إعادة ترتيب بيتكم الداخلي، ومعرفة مكامن الخلل… الخروج إلى المعارضة ليس راحة بيولوجية تمكن الاتحاد الاشتراكي من استرجاع أنفاسه وقوته، كما يعتقد البعض، فالمعارضة أو المشاركة في الحكومة ومسألة التنظيم الحزبي هم مهمتان أساسيتان. ففي يوليوز 2010 عقد الاتحاد ندوة وطنية مهمة حول التنظيم، واستخلصت توصيات تتعلق بإعادة تنظيم الاتحاد الاشتراكي وارتباطاته الشعبية وعمله في الميادين الثقافية والاجتماعية والنقابية وأيضا على مستوى البرلمان. ما نحتاجه هو الشجاعة عند القيادة لإدخال هاته التوصيات إلى حيز التنفيذ، للذهاب نحو مؤتمر حقيقي يجعل الاتحاد قادرا على تصحيح ما يمكن تصحيحه والاستفادة من تجربته الطويلة، سواء في المعارضة أو في الحكومة. ما هي توقعاتكم لحكومة بنكيران، هل ستنجح في مهمتها؟ لا نستطيع إقامة حكم مسبق. علينا أولا الاطلاع على برنامج هاته الحكومة، وأيضا معرفة من هي الشخصيات التي ستتحمل المسؤولية داخله. هناك سيناريوهان للحكومة الجديدة؛ الأول يقول بأنه ستكون هناك حكومة ظل ستمارس السلطة الحقيقية، والثاني يقول بأنه سيكون ثمة اصطدام حاد بين حكومة بنكيران ومراكز القرار؟ أي السيناريوهين ترجح؟ أعتقد أنها كلها سيناريوهات تخيلية. الملك، وفقا للدستور الجديد، عين عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة وتمنى له النجاح، وهو الآن يعمل على تشكيل حكومته، وما علينا نحن سوى الانتظار. فهذه الحكومة نجاحها أو فشلها مرتبط بتركيبتها؛ هل ستكون حكومة في مستوى المسؤوليات التي أعطاها الدستور لرئيس الحكومة وللجهاز التنفيذي، أم بالعكس ستكون حكومة ضعيفة لن تستطيع تفعيل الدستور؟ فالامتحان الكبير لبنكيران وحكومته هو مدى قدرته على تفعيل مضامين الدستور. أما النقطة الثانية المهمة فهي البرنامج الحكومي، والمعارضة تنتظر هذا البرنامج. صحيح أن الحكومة السابقة تركت لحكومة بنكيران أوراشا مهمة، وإصلاحات كبيرة، ويجب أن لا ننسى أنه خلال العشر سنوات الأخيرة عرف التشريع المغربي تطورا كبيرا في كثير من الميادين، أتمنى أن تستمر الحكومة المقبلة في تأكيد هاته الإصلاحات والأوراش الكبيرة والإشراف عليها ودعمها. ثم هناك الأولويات التي ستظهر في البرنامج الحكومي والتي سنرى كيف سيتعامل معها. إذن ليست هناك حكومة ظل أو حكومة موازية… لا أعتقد أن الملك في حاجة إلى حكومة ظل، والدستور واضح الآن والاختصاصات واضحة ومحددة، فما يطرح في المجلس الوزاري واضح وما هو من اختصاص المجلس الحكومي واضح وبالتالي الأمور لم تعد بالشكل القديم. كيف قرأتم تعيين فؤاد عالي الهمة مستشارا للملك؟ من حق الملك أن يعين مستشاريه، فالديوان الملكي هو ديوان ملكي، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يناقش اختيار الملك لهذا الشخص أو ذاك. المهم هو أن فؤاد عالي الهمة، الذي خرج إلى الحياة السياسية وخاض تجربة الانتخابات البرلمانية، وتجربة تأسيس حزب، الآن يبتعد عن العمل السياسي ويكون بجانب جلالة الملك مع مجموعة من المستشارين. تعيينه عادي وطبيعي في رأيكم؟ نعم، تعيينه كمستشار هو أمر طبيعي. فالشخص المعني تخلى عن العمل السياسي المباشر وهو الآن موظف بالديوان الملكي، وهذا يعطيه شفافية أكثر. محمد اليازغي شغل الناس طيلة عقود، هل يمكن أن نقول إن هذا آخر عهد لك بالمسؤولية السياسية؟ أنا الآن لا زلت عضوا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وسأستمر في دوري كمناضل في القاعدة. أما المسؤوليات فإني ابتعدت عنها، وبالتالي لن أرجع لطلب أي مهمة أو مسؤولية داخل الأجهزة التسييرية في الاتحاد الاشتراكي. قرار ناتج عن قناعة أم أنك مضطر للتواري في هاته الظروف؟ أرى أنه آن الأوان أن يفتح المجال للعناصر الشابة لتقتحم الميدان، ففي الانتخابات الأخيرة برزت الكثير من العناصر الشابة ومن المحقق أن فريق الاتحاد الاشتراكي في البرلمان الجديد هو أقوى من كل الفرق النيابية السابقة. ونحن نتحدث عن ضرورة تشبيب الحزب، هل ترون في علي اليازغي محمد اليازغي آخر؟ هل تحضرونه لخلافتكم؟ لا أبدا، فهناك اختلاف كبير بيننا، هو هو وأنا أنا، ولا أعتقد أن لعلي نفس المسار السياسي، فلكل منا اختياراته … هل السبب راجع إلى اختلاف الشخصيات أم اختلاف الظروف؟ اعتقد أن الأمر راجع بالأساس إلى اختلاف في الشخصيات، وفي التجارب وبالتالي لا بد أن ينخرط مع جيله في العمل الذي تتطلبه إعادة بناء الاتحاد الاشتراكي، وإعطاء المعارضة المصداقية اللازمة والاهتمام بمستقبل الحزب. انتقدتم في الجزء الأول من مذكراتكم عبد الرحمان اليوسفي، فهل ستتعروضون لمرحلة ما بعد اليوسفي؟ ( متعصبا) مذكراتي غير متعلقة بشخص عبد الرحمان اليوسفي، بل هي تعني طفولتي والحركة الوطنية والاتحاد الوطني للقوات الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتعرضت فقط في المرحلة الأخيرة لتجربة حكومة التناوب. الحليمي وصف مذكراتكم ب”كلام عجائز”؟ غير صحيح، فأنا رويت المسائل كما عشتها، المفاوضات الأولى للكتلة، وكنت مع اليوسفي فيها إلى جانب محمد بوستة ومحمد بنسعيد ايت ايدر في 1993 و1994، وتكلمت عن المفاوضات الثانية لحكومة التناوب التي خاضها الأخ عبد الرحمان اليوسفي، وبالتالي حكيت ما عشته أنا مباشرة. -أما الجزء الثاني فسيستعرض مرحلة حكومة التناوب إلى الآن، وسيكون لي الوقت الكافي الآن لكتابتها. نجاح الحكومة أيضا مرتبط بكاريزما رئيس الحكومة، أنتم خبرتم شخصية بنكيران، هل لديه كاريزما القيادة؟ رئاسة الحكومة غير متعلقة بالكاريزما، بل بالحزب الذي يتصدر الانتخابات، فالدستور واضح في هذا الباب، وهو لا يشترط كاريزما لرئيس الحكومة الجديد. الملك طبق الدستور وعين بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الذي تصدر الانتخابات. ومع تحمل المسؤوليات سنرى هل بنكيران هو فعلا قائد وقادر على قيادة الحكومة في إطار الدستور الجديد أم لا؟ الأيام هي التي ستبرز هل له كاريزما أم العكس. ماذا تتذكرون عن الفترة التي عمل فيها بنكيران ضمن الشبيبة الاتحادية؟ عبد الإله بنكيران كان في الشبيبة المدرسية لحزب الاستقلال بمعية محمد الساسي، وبعد ذلك جاءا إلى الشبيبة الاتحادية. بنكيران استمر فيها لفترة جد قصيرة أما الساسي فاستمر فيها إلى حين انسحابه من الاتحاد الاشتراكي. كما مكث لفترة قصيرة أيضا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. سنة 1976 التحق بنكيران بالشبيبة الإسلامية التي لا ننسى أن قتلة عمر بنجلون كانوا ينتمون إليها، ورغم أن بنكيران لم يكن ساعة اغتيال بنجلون عضوا بالشبيبة، غير أنه تظاهر أمام المحكمة التي كانت تحاكم القاتلين. كما أن عبد الكريم الخطيب الذي سيحتضن أعضاء الحركة الإسلامية لجعلهم ينخرطون في الحركة الدستورية التي كان يترأسها والتي سيتغير اسمها لتصبح العدالة والتنمية، كان على اتصال بمطيع المسؤول آنذاك عن الشبيبة الاسلامية وهو كذلك من الأشخاص الذين أوجدوا محامين للدفاع عن قتلة عمر بنجلون. بطبيعة الحال هذا تاريخ قديم لا يمكن أن ننساه. هل حضرت هذه المسألة في النقاش حول المشاركة من عدمها في حكومة الإسلاميين؟ –لا أبدا، لم تكن حاضرة في ذلك النقاش. تعاملنا مع الدستور الجديد ومع الانتقادات الموجهة للاتحاد الاشتراكي.. لكن كان هناك تيار قوي داخل الاتحاد الاشتراكي يرفض رفضا قاطعا المشاركة في حكومة يسيرها أحد المدافعين عن قتلة بنجلون، بحسب التيار؟ نعم هذا صحيح، لكن المجلس الوطني لم ينطلق من هذا المعطى، بل من الوضع الراهن ومن الدستور الجديد ومن نتائج الانتخابات الأخيرة، وبالتالي لم يتعرض كمجلس لهذا الموضوع. ربما هناك اتحاديون تطرقوا للمسألة، ولهم الحق في أن يقتنعوا بفكرة أن دم عمر بنجلون بيننا وبين من كانوا في الشبيبة الإسلامية، لكنه لم يكن قط الاعتبار الذي ارتكز عليه المجلس الوطني في اتخاذ قرار عدم المشاركة في حكومة بنكيران. كانت لكم انتقادات ضد بعض الأحزاب التي توجد اليوم أيضا في المعارضة. كيف ستنسقون في ما بينكم؟ كنا نعتبر أن هناك ثلاثة أقطاب؛ قطب الكتلة الديمقراطية، قطب العدالة والتنمية وقطب “التحالف من أجل الديمقراطية”. الناخب المغربي اختار قطب العدالة والتنمية، واختياره هو الذي دفع الاتحاد الاشتراكي إلى التموقع داخل المعارضة، فهو لم يختر أي من مكون من مكونات الكتلة أو جي 8. في الأقطار الديمقراطية، المعارضة تكون متعددة. واختيارنا للمعارضة لا يفرض علينا أن يكون لنا نفس المنهج ونفس أسلوب العمل مع الأحزاب الأخرى التي اختارت المعارضة. لكن لا بد من توحيد المواقف كمعارضة داخل البرلمان؟ لسنا مضطرين لتوحيد مواقفنا مع أحزاب المعارضة الأخرى، فكل واحد سيعبر عن رأيه وتحليلاته حسب اختياراته، فنحن لسنا بليبراليين أما الآخرون فهم يمثلون أحزابا ليبرالية سينطلقون من قناعتهم الليبرالية أما نحن فحزب اشتراكي ديمقراطي وبالتالي معارضتنا ستكون معارضة حزب اشتراكي ديمقراطي. ففي إسبانيا، مثلا هناك معارضة الحزب الشعبي ومعارضة اليسار المتطرف وليس هناك أدنى تنسيق في ما بينهما، وأيضا في فرنسا، هناك معارضة اشتراكية ومعارضة شيوعية ومعارضة الوسط، ومعارضة اليمين المتطرف، لكن ليس هناك أي تنسيق بين الاشتراكيين مثلا والجبهة الوطنية لمارين لوبين. يمكن أن يكون التصويت واحدا وأن نلتقي في نفس المواقف، لكن ليس ضروريا أن نتفق. أما زلتم تؤمنون بوجود فروق بين الإيديولوجيات والمبادئ الحزبية، في وقت نرى فين تحالف الإسلامي مع التقدمي الشيوعي… الخلط دائما هو فكرة يمينية، فالأحزاب اليمينيبة في العالم ترفض التصريف الإيديولوجي وترفض وجود يسار أو يمين. هذا معروف تاريخيا، وعاشته الأقطار التي خبرت الديمقراطية قبلنا. في أوربا كان الذين ينكرون أن ثمة يسارا أو يمينا غالبا في اليمين، في حين أن اليسار معتز دائما بانتمائه إلى اليسار، والفرق هو أن الليبراليين محتشمون ولا يفتخرون بأنهم ليبراليون، في حين أن الاشتراكيين هم دوما مفتخرون باشتراكيتهم. ليست لديك مخاوف على مستقبل مغرب يقوده الإسلاميون، وهل المغرب في أياد أمينة الآن؟ الحياة السياسية هي التي ستبرز كيف ستواجه لا الحكومة ولا المعارضة التحديات المطروحة على المغرب في هذه الظرفية. انا لا يمكن لان ابني تخوف مسبق على المستقبل، لكن سأحكم على الممارسة في المستقبل. ستعقد جبهة البوليساريو مؤتمرها وسط انقسامات في صفوفها، كيف تنظرون إلى مستقبل قضية الصحراء؟ لا بد أن نعرف حقيقة أساسية، وهي أن مؤتمرات البوليسارية ولم تعد مؤتمرات حقيقية، بسبب تدخل الأمن العسكري الجزائري في مسارها الحزبي، وما لم يسمح بحرية الرأي داخل المخيمات فلن يكون هناك مؤتمر حقيقي. ومن المحفق إذا استمروا بنفس الموقف برفض المقترح المغربي وجعله أرضية للحوار والمناقشة، النتيجة ستكون السير في اتجاه مسدود. فما حصل عل إثر رياح الحرية والديمقراطية التي عرفها العالم العربي، وتغير الأوضاع في تونس وليبيا هو معطى جديد يفرض من جهة تعاون حقيقي بين المغرب والجزائر، لكن ترون انه داخل الجزائر هناك مواقف متباينة، فهناك من يرى ضرورة تطبيع حقيقي بين البلدين ولو على مستوى القطاعات، وهناك من يربط العلاقة بين البلدين بحل قضية الصحراء من منظور جزائري محض.