تابعت الصحف التونسية ، الصادرة اليوم الثلاثاء ، المشاورات الجارية من أجل تشكيل الحكومة المقبلة في تونس، بينما واصلت الصحف الجزائرية خوضها في سياسة التقشف التي أعلنتها الحكومة وتضارب الإجراءات القطاعية بشأنها. ففي تونس، واصلت الصحف متابعتها ، على الخصوص ، للمشاورات الجارية من أجل تشكيل الحكومة المقبلة، وحفل تنصيب رئيس الجمهورية الجديد غدا الأربعاء، علاوة على مستجدات الملف الاجتماعي. وفي هذا السياق وتحت عنوان "هل ستكون تركيبة الحكومة استنساخا لنتائج التشريعية"، تساءلت صحيفة (الصباح)، في مقال على صدر صفحتها الأولى، جاء فيه "كيف ستكون تركيبة الحكومة المقبلة¿، لعله أبرز سؤال يطرح اليوم بالنظر إلى أهمية المسألة خاصة أن الحكومة المرتقبة التي ستشتغل على امتداد 5 سنوات لن يكون الطريق أمامها ورديا في ظل جسامة التحديات". وأضافت "ففي حين يرى البعض من المتابعين للشأن العام بأن الوضع يستدعي حكومة كفاءات تنكب على ترميم الوضعين الاقتصادي والاجتماعي اللذين بلغا الخطوط الحمراء، فإن شقا آخر يؤكد بأن الحكومة المرتقبة من الضروري أن تكون متحزبة على أنها ستكون على الأرجح في شكل "ترويكا" جديدة تمثل تركيبتها استنساخا لنتائج الانتخابات التشريعية ولانتخابات تركيبة مجلس الشعب". من جهتها، أشارت صحيفة (المغرب) إلى أن كتلة حزب (حركة نداء تونس) في مجلس نواب الشعب اجتمعت يوم أمس، ودار النقاش بينها حول مسألة رئاسة الحكومة ومآلها إلى قيادي من (نداء تونس) أو من خارجه. وأضافت الصحيفة أن الرأي الأغلبي داخل الكتلة هو اختيار شخصية من خارج الحزب لقيادة الحكومة القادمة. ونقلت عن أحد نواب الحزب قوله في تصريح صحفي إن اسمين مطروحين لرئاسة الحكومة من خارج (نداء تونس)، وهما وزير الدفاع الأسبق عبد الكريم الزبيدي، ووزير التجهيز الحالي الهادي العربي، في حين يفضل أعضاء الكتلة أن يكون وزراء السيادة من داخل النداء. من جهتها، وتحت عنوان "المطلوب... جبهة وطنية للإنقاذ"، كتبت صحيفة (الشروق) في افتتاحيتها أنه "بأداء الرئيس المنتخب غدا وتسلمه مقاليد الرئاسة بصفة رسمية تطوي بلادنا صفحة المرحلة الانتقالية لتفتح صفحة الوضع الدائم.. إن الانتظارات كبيرة والاستحقاقات أكبر والمشاكل بحجم الجبال (...)، لأجل مواجهة كل ذلك فإن الوصفة ستكون مؤلمة والعلاج مكلفا... ولأجل ذلك فإن السنوات الخمس القادمة لن تكون سنوات حكم وتنفيذ برامج ورؤى بقدر ما ستكون سنوات توافق ورص للصفوف... وسنوات التئام في جبهة وطنية واحدة في مواجهة التحديات الحقيقية من أمن واستقرار وتنمية شاملة وتشغيل....". وفي مقال آخر، كتبت الصحيفة "لن نشهد تحالفات إيديولوجية في الفترة المقبلة. لن تكون هناك بالضرورة تحالفات داخل العائلة اليسارية وأخرى للأحزاب اليمينية وأخرى للوسطية. التحالفات ستمليها البرامج والمصلحة الحزبية كما حدث إثر انتخابات المجلس التأسيسي بغض النظر عن العقيدة الحزبية....". ونقلت صحيفة (الضمير) عن الناطق الرسمي باسم (حركة النهضة) زياد العذاري، قوله في تصريح صحفي للصحيفة، أن الحركة لم تتلق إلى غاية يوم أمس أي دعوة رسمية للانضمام لمشاورات تشكيل الحكومة القادمة، مشيرا إلى أن المشاورات والترتيبات قد تكون فقط داخل (نداء تونس) حاليا. وأكد العذاري أن شروط انضمام النهضة للمشاورات ، إذا طلب منها ذلك ، تتمثل في "إيجاد برنامج عمل مشترك ومعرفة صيغة إدارة هذه الحكومة للمرحلة القادمة، ومدى إشراكها لجميع القوى السياسية، ومواصلة منهج التوافق". من جهة ثانية، أشارت كل من صحيفتي (الصباح) و(الشروق) إلى أن مراسيم تسليم السلطة ستتم غدا الأربعاء حيث ستكون البداية من المجلس النيابي بأداء الرئيس المنتخب لليمين الدستورية لينتقل عقب ذلك إلى القصر الرئاسي حيث سيكون في استقباله الرئيس المنتهية ولايته... ومن المتوقع أن يشهد مبدئيا يوم 14 يناير المقبل مراسم تنصيب شكلية أخرى بحضور رؤساء دول وحكومات ومبعوثين لدول صديقة وشقيقة، وتلقى خطب على أن يشهد قصر قرطاج مساء "حفل استقبال ضخم...". على المستوى الاجتماعي، توقفت مختلف الصحف عند تواصل المشاورات الاجتماعية، مشيرة في الصدد إلى الاجتماع الذي جمع أمس رئيس الحكومة مهدي جمعة ومجلس نواب الشعب محمد الناصر والأمين العام للاتحاد العام للشغل التونسي حسين العباسي، بهدف استئناف المفاوضات ذات الصلة. وفي الجزائر، لا حديث للصحف سوى عن خطة تجميد التوظيف في 2015 كأحد إجراءات سياسة التقشف التي سنتها الحكومة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي حلت بالبلاد على خلفية تهاوي أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، وإعلان قطاعات أنها غير معنية بهذه الخطة. وتناقلت الصحف في هذا السياق إعلان وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط ، مؤخرا ، أن مسابقة توظيف الأساتذة ستجري في مارس المقبل، وأن احتياجات القطاع تقدر بأكثر من 7 آلاف أستاذ في الأطوار التعليمية الثلاث. واعتبرت الصحف الجزائرية أن إعلان بن غبريط يتناقض مع ما أعلنه الوزير الأول عبد المالك سلال من أن سنة 2015 ستعرف تجميدا لمناصب الشغل في قطاع الوظيفة العمومية، عقب اجتماع وزاري مصغر ترأسه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وذكرت أن وزير التربية الوطنية لفتت إلى قطاعها "غير معني بهذا الإجراء باعتباره قطاعا استراتيجيا يحتاج إلى سد احتياجات المناصب الشاغرة". بدوره، أعلن وزير الصحة ، أمس ، وفق عدد من الصحف أن مذكرة الوزير الأول الخاصة بسياسة التقشف، لا تعني قطاع الصحة، مضيفا أن مصدرا من الوزارة ذاتها أكد أنه "لا تراجع عن برامج التوظيف الخاصة بالصحة". إلى ذلك، رجحت صحيفة (البلاد) أن يتم في المجلس الوزاري المقرر عقده اليوم "التراجع عن قرار تجميد التوظيف السنة القادمة". وقالت إن "قرار الحكومة القاضي بتعليق التوظيف سنة 2015، أثار سخط العديد من النقابات والأحزاب السياسية وحتى الطلبة الجامعيين المقبلين على التخرج، بالإضافة للتنظيمات المدافعة عن الشباب البطال (العاطل) والعاملين في إطار عقود ما قبل التشغيل الذين سبق أن تلقوا وعودا من طرف الحكومة بإدماجهم في مناصب عمل دائمة، فيما طالب الشباب خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من الحكومة بانتهاج سياسة تقشف عمودية تبدأ بالفئات الأكثر غنى، واسترجاع أموال الجزائريين المنهوبة، ووقف تهريب العملة الصعبة، قبل أن يكون المساس بقوت ومعيشة المواطنين أول إجراء تلجأ إليه الحكومة". في نفس الاتجاه، أفادت صحيفة (الشروق) بأن "التقشف" بدأ يزحف نحو فواتير الكهرباء والغاز والماء والوقود، موضحة أن وزارة الطاقة "شرعت في ضبط برنامج استثنائي لترشيد استهلاك الجزائريين من الطاقة بمختلف أنواعها، الكهرباء الغاز والوقود، وحتى الماء، وفي المقابل فتحت الحكومة من خلال وزارة المالية ملف دراسة كل الآليات المتاحة لتحديد الفئات المعوزة بشكل دقيق والنظر في إعداد بطاقة وطنية خاصة بالمعوزين في خطوة لترشيد الدعم والتحويلات الاجتماعية مستقبلا، بعد أن تبلور شبه إجماع داخل الحكومة بخصوص ضرورة تصويب الدعم وجعله مركزا على المحتاجين إليه". ونقلت صحيفة (الخبر) عن السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية (أعتد حزب معارض) محمد نبو أن إجراءات التقشف "غير نافعة ولن تحل أزمة البترول، بل ستزيد الأوضاع تعقيدا لكون الأمر يتعلق بانعدام استراتيجية اقتصادية وتبعية مطلقة للمحروقات".