وضعٌ صحيٌّ بالغُ السُّوء باتَ عليه أكادِيميٌّ مغربيٌّ يقِيمُ بألمانيَا، بعدَ رفضهِ وقفَ الإضراب عنْ الطَّعام إثر وضعه رهنَ الاعتقال الاحتياطِي، واتهامه القضاء الألمانِي بالتواطؤ ضدَّه، في قضيَّة خلاف لهُ مع جيران ألمَان. المغربيُّ مصطفَى بيُّوض، الذِي يقيمُ في ألمانيَا بصفته لاجئًا سياسيًّا، منذُ 1996، ويعملُ أستاذًا للفلسفة وعلمَيْ النَّفس والاجتماع، منذُ سنوات. متزوجٌ بسيدَة ألمانيَّة، ولهُ منهَا ابنَان. بيدَ أنَّ حذقهُ في اللغة والقانون الألمانيَّينْ لمْ يكونَا مساعدَين لهُ دائمًا، وأفضيَا به، مؤخرًا، إلى الدُّخول في دوامةٍ من المشاكل القضائيَّة. بدءُ المشكلة، منْ اليوم الذِي انتقلَ فيه بيُّوض إلى العيش بشقَّة فِي بناية منْ ثمانِ شقق بمدينة "إسنْ"، الواقعة في شمال الراين، بجوار منتزه غالبًا ما يقصدهُ ساكنة الحيِّ مع كلابٍ يربُّونهَا. كمَا أنَّ منْ بين جيرانه الستة في العمارة، ثلاثة كانُوا يربُّون حيواناتٍ طيلة الوقت، فيما كان الرَّابع يأتِي بكلبٍ، بين الحين والآخر. ومعَ تحوُّل حياة الأكاديميِّ المغربي إلى جحِيمٍ بسبب كثرة الفئران والطيُور والزواحف التي يربيها الجيران، ويخرجون بعضها إلى ركنٍ من السُّلم حتى أنَّ رائحتها كانت تبلغُ بيته، ما سبب له مشاكل صحيَّة، ولمْ يكن منْ حلٍّ نسبي إلَّا فتحَ النافذَة على سلم العمارة، كيْ يهوِّي المكان بعض الشيء. بيدَ أنَّ أحد جيران المغربي سيعترضُ على فتح نافذة السلم، بذريعة أنَّ الهواء البارد يضرُّ بصحَّة الطيُور التي يربيها، وأنَّ عليه أنْ يذرها مغلقةً، كما سيعمدُ إلى قيادةِ حملةٍ ضدَّ الرجل، مؤلبًا عليه من يعرفُ من مُربِّي الحيوانات في المنطقة. تحاملُ الجيران جعلهم يعمدُون إلى إلحاق أضرار بليغة بسيارة زوجته من باب الانتقام ورميه بتهم عنصرية، ما دفع بيوض إلى قصد الشرطة وتقديم شكاية، بيدَ أنَّ شكاياته غالبًا ما كانتْ تحفظ أوْ تحرف في المضمون، وهو ما جعلهُ يعمدُ في وقتٍ لاحق إلى وضع شكاية ضدَّ رجال الشرطة أنفسهم، على خلفية عدم تعاملهم بالصُّورة المطلوبَة مع شكايته، وانحازُوا إلى المواطنِين الألمَان. حين درى بيُّوض أنَّ مشكلته بدأتْ في التعقد قام بمراسلة العمدَة، وحدثهُ عمَّا يلاقِي من هجوم، وتواطئ من الشرطة ضدَّه، بيدَ أنَّه لمْ يتلقَّ جوابًا من العمُوديَّة، وجاءهُ الردُّ، عوضًا عن ذلك، تهديدًا مقذعًا في السبب يوردُ أنَّه سيتعلمُ كيفَ يجرؤُ ثانية على التشكِي والتبليغ بالجيران. الردُّ الذِي تتوفرُ هسبريس على نسخةٍ منه، جاء موغلًا في السب، ويضمُّ صورةً لخنزير يشوِي رجلًا ملتحيًا بمثابة وعِيد، كما يعيِّرهُ لكونه مسلمًا، ويصفُ المسلمِين ب"حثالة البشريَّة"، وبأنَّ من الأجدر به أنْ يخلِي ألمانيا ويمضي إلى خارجهَا. وتقُول ألكساندرا، إنَّ زوجها بيُّوض اعتقل من قبل الشُّرطة، في السابع عشر من أكتوبر الماضي استنادًا إلى أقوال، سحبوه من البيت دون حذاء ولا معطف، ووضعُوا الأصفاد بيديه في السلم، وقادُوه تحت المطَر إلى السيَّارة. المتحدثة تقُول إنَّ زوجها ظلَّ أيامًا في زنزانة بسجن إسنْ حافي القدمين، وحين دخل يومه السابع والعشرين من الإضراب عن الطعام، واضطرَّت الشرطة إلى أنْ تأخذه لمستشفى يقعُ خارج المدينة، لمْ توفر لهُ سيَّارة إسعاف، وبعثتهُ في حافلةٍ للسجناء، استغرقتْ ما يزيدُ عن خمس ساعاتٍ من الطريق، رغم كونه فِي حالة جد متردِّية، كما أنَّ رجل أمن حاول إطعامه قسرًا لثنيه عن الإضراب في وقتٍ لاحق. وتناشدُ الزوجة تصحيح القضاء الألمانِي للثغرات التي شابتْ قضيَّة زوجهَا، عسى أن يعدل عن إضرابه على الطعام، الذِي يخضوهُ منذُ مدَّة تزيد عن الشهر ولمْ يقطعه سوى إطعامه عصيرَ عنبٍ، معتبرةً ما طاله انتهاكاتٍ حقوقيَّة خطيرة، فِي بلدٍ مؤسَّساتٍ مثل ألمانيَا.