بعد أن قرر المكتب السياسي لحزب الإتحاد الاشتراكي تجميد عضوية كل من أحمد رضى الشامي، وعبد العالي دومو، يبدو أن الصراع بين ادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، وتيار "الانفتاح والديمقراطية" وصل إلى نفق مسدود. زعيم حزب "الوردة" يتحدث في حوار مع هسبريس، عن أسباب خلافه مع أعضاء التيار، وعن المرحوم الزايدي، كما وجه اتهاما مباشرا لرئيس الحكومة بكونه يحاول تفجير حزب الاتحاد الاشتراكي، وعن موقف القيادي الاتحادي، عبد الرحمن اليوسفي، من كل هذه التطورات. ألا تفكرون في محاولة إيجاد صيغة للتفاهم مع الاتحاديين المنتمين لتيار الانفتاح والديمقراطية؟ ما يوجد في وسائل الإعلام لا يعكس حقيقة الوضع داخل الاتحاد الإشتراكي، لأن المشكل الوحيد لدينا هو أن المؤتمر الأخير خلص إلى قناعة تقول بضرورة الانتهاء مع حزب السيبة والانخراط في حزب المؤسسة، فلا يستقيم أن يكون الإنسان منتميا لهذا الحزب وليس لهذا الحزب أي حق عليه. فنجده لا يمدد بطاقة العضوية، ولا يؤدي واجبه الشهري، ولا يدافع عن أفكار الحزب، ولا يستقطب للحزب أي أعضاء جدد، وانتماؤه للحزب قائم فقط على ضرب الحزب والتشكي من القيادة. ولحسن الحظ أن هؤلاء لا يمثلون إلا أقلية، ويعارضون قيادة الحزب لأنهم استفادوا من الريع الحزبي. وبمقارنة بسيطة رئيس الحكومة عندما عقد لقاء مع فريقه البرلماني، قال لهم إنه سيطرد كل من لا يؤدي واجبه الشهري، ولو أصبح الحزب أقلية، ومع ذلك لم يعلق أحد، يعني حلال على بنكيران وحزبه وحرام علينا؟، مع العلم أن كل المنتمين لتيار الزايدي لم يؤدوا واجبهم الشهري، مع أن قيمة الأداء هي 2000 درهم فقط. تحاولون تصوير الخلاف مع تيار المرحوم الزايدي كأنه خلاف على أداء الواجب الشهري؟. أولا يجب أن ننهي هذه النقطة، لأنه كيف يعقل أن عددا من البرلمانيين يمثلون الحزب ويتقاضون أجورهم كبرلمانيين، ومع ذلك لا يؤدون ولو درهما لهذا الحزب الذي بفضله وصلوا إلى مقاعدهم البرلمانية. وعندما تحملت المسؤولية داخل الحزب وجدت أن مجموعة قليلة داخل الحزب هي التي تؤدي الواجب، اليوم يمكن القول إن مجموعة قليلة التي لا تؤدي، وأنا دوري أن أنفذ قرارات المؤتمر بأي ثمن حتى أنهي مع هذه العادات، وأعيد الاعتبار للحزب ومؤسساته. ومن يواجهني، فعليه أن يناقش معي برنامج الحزب واختيارات الحزب، أما أن يناقش معي الموقف من التيار، فأنا أؤكد لك أن كل الاتحاديين ضد أن يكون هناك تيار داخل الاتحاد الاشتراكي. هذا الصراع ألن قد يفقد الحزب كفاءات اتحادية انضمت للتيار، والحزب في حاجة لها؟. الأمر مثل الوطنية، فكيف يمكن أن نتحدث عن كفاءة من له قناعات وطنية مزعزعة، نفس الأمر بالنسبة للانتماء للحزب. يجب أن أولا أن يكون ولاءك للحزب، وأن تكون وضعيتك سليمة مع الحزب، حينها يمكن الحديث عن الكفاءة، كيف يمكن تفسير أن شخصا أصبح وزيرا باسم الاتحاد الاشتراكي ويتقاضى تقاعده كوزير، ولا يربطه بالحزب إلا السب والقذف، هل هذا يمكن اعتباره كفاءة سيفقده الحزب. التيار يعيب عليكم تحالفاتكم السياسية مع بعض الأحزاب وقيادييها؟ أنا أتحدى أن يخرج التيار ويكتب هذا باسمه، إذا لم أتحالف مع الحركة الوطنية مجسدة في حزب الاستقلال فمع من سأتحالف، وهذا تحالف استراتيجي ورثته عن اليوسفي واليازغي، إذن هؤلاء يرفضون قرارات الحزب لأنهم عندما يتحدثون عن التحالف مع حزب الاستقلال، فهم يعلمون أن القرار الذي خرجت به المؤتمرات السابقة هو ضرورة التحالف مع حزب الاستقلال. أما عن حزب الأصالة والمعاصرة، فأنا معهم في موقع المعارضة، وعلي أن أنسق مع أحزاب المعارضة، ولا أحد تحدث عن التحالف مع "البام"، لذلك أنا أطلب من الإخوان أن يحددوا نقاط خلافهم معنا، وألا يكتفوا بالمعارضة فقط. ولكن أن يصدر المكتب السياسي بلاغا يتوعد فيه بعض الأعضاء لأنهم كتبوا تعليقات في حساباتهم الشخصية تنتقد قيادة الحزب، أليس هذا تدخلا في الحياة الخاصة لأعضاء الحزب وحدا من حريتهم في التعبير؟ أنا أسأل هل هناك حزب يقبل إساءة أحد أعضائه لقيادة الحزب، بما فيهم الحزب الحاكم الذي طرد الطرفاوي من النقابة، لأنه قرر المشاركة في الإضراب الوطني. نحن مع الاختلاف ومع حرية الانتقاد والتعبير ولكن داخل الحزب، وعندما يقع اختلاف فإن مكان تدبير هذا الاختلاف هو داخل أجهزة الحزب التي تجتمع وتقرر، وليس عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. كم عضوا تم طرده من العدالة والتنمية، وكم من الأجهزة توقفت، ونفس الأمر بالنسبة لحزب الاستقلال والأصالة المعاصرة. نحن في الاتحاد الاشتراكي لم نصدر ولو قرارا واحدا بطرد أي مناضل في الحزب، لأننا نعتبر أن الاتحاد الاشتراكي يسع الجميع، وبأن بناء مؤسسة الحزب يتطلب منا الصبر وتحمل الذين تربوا على حزب السيبة. ثم منذ متى يخرج رئيس تحرير جريدة الحزب ليعلن خلافه مع قيادة الحزب، هل الجريدة ملكه أم ملك للحزب؟. المتتبع للصراع بين قيادة الحزب وأعضاء التيار يمكن أن يقول بأنكم وصلتم إلى باب مسدود. بالعكس هناك عدد من البرلمانيين الذين كانوا محسوبين على التيار أعلنوا انسحابهم منه، بل أكثر من هذا أنا لم أعد أفهم موقع البعض لأنه يخرج بتصريح يقول بأن التيار انتهى، وبأنه لم يعد ينتمي للتيار، ثم يأتي بعد ذلك ويقول بأن هناك تيارا، هذا الوضع الملتبس لا يمكن أن يستمر. لذلك نقول لهؤلاء الأخوان أبواب الحزب دائما مفتوحة، لكن عليكم أن تحددوا مواقفكم. هل هناك شروط حتى يعودوا إلى الحزب؟ ليست هناك شروط، فقط عليهم أن يباشروا مهامهم في الأجهزة التي ينتمون إليها، الذي في الفريق البرلماني عليه أن يحضر أشغال الفريق، ومن لديه انتقاد عليه أن يعبر عن هذا الانتقاد داخل الأجهزة التي ينتمي إليها. من الأمور الأخرى التي تعاب عليكم أنكم فتحتم الحزب للأعيان على حساب أبناء الحزب. أولا، أنا منذ تسلمي لقيادة الحزب، لم أشرف على أي انتخابات، ولم أفتح الباب أمام الأعيان ولا أغلقته أمام أبناء الحزب، ولم أحصل على نتائج انتخابية ضعيفة ، هذه الأمور كلها موروثة، وهي التي تجعلنا اليوم نعيد النظر في طريقة تسيير الحزب، وهو أيضا ما جعل الحزب الحاكم يوجه مدفعيته نحونا. مع كل الصراعات التي يعيشها حزبكم، أتعتقدون أن العدالة والتنمية يخشى منكم؟ في السابق كان الحزب الحاكم يعز حزبنا لأنه كان حزبا ميتا وضعيفا، وخلال السنوات الماضية كان الخصم الأساسي للحزب الحاكم هو الأصالة والمعاصرة، ثم الاستقلال، ولم يكن يتحدث عن الاتحاد الاشتراكي أبدا كخصم سياسي. وها هو اليوم يوجه "العدالة والتنمية" كل انتقاداته لحزبنا، وكل قياداته لا شغل لها إلا الاتحاد الاشتراكي، لذلك أنا أقول الذي يكون ضعيفا وميتا لا يسأل عنه أحد، ولكن هم يخاصمون الذي يتحرك، واليوم الحزب الحاكم أصبح يرى أن "الاتحاد" بدأ يستعيد عافيته. بالحديث عن علاقتكم بحزب بنكيران كيف كانت مفاوضات إقناعكم بالدخول في حكومة بنكيران الثانية؟ بنكيران، وبحضور المرحوم عبد الله باها، التقى بي أنا شخصيا وبحضور الحبيب المالكي، وعبر بنكيران عن رغبته في أن ننضم للحكومة، وبأننا نحن المفضلين بالنسبة له للدخول إلى الحكومة. قلنا له بأنه من المستحيل أن ندخل هذه الحكومة، لأننا سننفر المغاربة من السياسية، مثلما يقع الآن مع مزوار. كيف يمكن للمواطن أن يثق في بنكيران خلال الانتخابات القادمة وهم يتذكرون كيف أن رئيس الحكومة كان يتهم مزوار بالفساد والسرقة، وبعد ذلك أصبح يستأمنه على قطاعات حكومية إستراتيجية. وهذا ما نعيبه في رئيس الحكومة أنه يتحدث كثيرا، ولا يراعي لتطورات الزمن والتغييرات التي من الممكن أن تفرض عليه التحالف مع ألذ خصومه، وقلت لرئيس الحكومة أيضا عليك أن ترفع يدك عن حزب الإتحاد الاشتراكي. عندما كنتم في الحكومة كان حزب العدالة والتنمية يقول إنه سيقوم ب "مساندة بناءة" وكانوا يساندون حكوماتكم في العديد من القرارات، لماذا لم تقوموا بنفس الأمر عندما وصل حزب العدالة والتنمية للحكومة؟ تلك المعارضة هي التي كانت تسمح لبنكيران ورفاقه في الحزب بأن يذهب إلى محكمة الاستئناف، ويقوم بمظاهرة أثناء استنطاق أحد أعضائه دون أن يضربه أحد أو يعنفه أحد، يعني أنه كان المستفيد الأول من هذه المعارضة. اليوم أنا نائب برلماني ولن تسمح لي هذه الحكومة بالخروج من أجل حماية المعطلين من الشرطة، كما حدث مع نائب من حزبهم الذي تعرض للضرب حينما حاول حماية المعطلين. المتتبع لخطابات بنكيران يلاحظ أنه لم ينس لحزب الاتحاد الاشتراكي دعوته لحل حزب العدالة والتنمية بعد الأحداث الإرهابية التي عرفها المغرب سنة 2003. وهل عدم نسيانه لهذه القضية تبرر محاولته الانتقام من الإتحاد الاشتراكي، وإذا كان رئيس الحكومة لم ينسى محاولة البعض حل حزبه، فإنه اليوم يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يفجر حزبنا من الداخل. كيف يحاول بنكيران تفجير حزبكم؟ رئيس الحكومة يتدخل بشكل علني في الحياة الحزبية من خلال دعمه لفريق على حساب فريق آخر داخل نفس الحزب، وقد ثبت لدينا بالملموس أنه تدخل بشكل كبير لتأجيج الصراع داخل الاتحاد الاشتراكي، وكيف أنه ادعى أمام أعضاء حزبه في وجدة بأننا رفضنا أن يتم إطلاق اسم أحمد الزايدي على قاعة من قاعات البرلمان. وهو بهذا يكذب على حزبنا وعلى البرلمان، وهذا الخبر قمت بنفيه أنا شخصيا وكذلك الأمر بالنسبة للطالبي العلمي، فإذن من هذا الشيطان الذي أراد استغلال وفاة الزايدي، إنه أسلوب مقيت لمحاولة ضرب حزبنا. الحديث عن تدخلات رئيس الحكومة في حزبكم يبدو مبالغا فيه، هل فعلا رئيس الحكومة يملك نفوذ التدخل في الأحزاب؟ رئيس الحكومة لديه الأدوات من أجل التدخل عبر قطاعات وزارية بعينها، وقد حاول العديد من وزرائه أن يخلقوا لنا مشاكل في الحزب، مثال بسيط على ذلك أن شبيبة حزب العدالة والتنمية عندما عقدت مؤتمرها حصلت على دعم من وزارة الشبيبة والرياضة بأكثر من 115 مليون سنتيم. نحن نظمنا مؤتمر الشبيبة، وإلى يومنا هذا لم نحصل ولو على درهم واحد من طرف وزارة الشبيبة والرياضة، لكن أقول لرئيس الحكومة أن الإتحاد الاشتراكي أكبر منك، ونحن نعرفك جيدا. مع تصاعد حدة الصراع مع تيار الانفتاح والديمقراطية هناك أخبار تقول بتدخل عبد الرحمان اليوسفي لمحاولة التقريب بينكم؟ أنا أربأ بعبد الرحمان اليوسفي بأن يقوم بالتدخل لطرف على حساب طرف آخر، لذلك فعندما أقرأ الترهات التي تنسب إلى الأستاذ اليوسفي وبكونه يميل لتيار الانفتاح والديمقراطية، لا أتكبد عناء الاتصال به للتحقق، لأنني على ثقة تامة بأنه لن يتدخل، لأنه اتخذ قراره منذ أن استقال من الحزب سنة 2003. هل هناك اتصالات بينكم وبين عبد الرحمن اليوسفي؟ لدي مع الأستاذ اليوسفي اتصالات إنسانية، وليس هناك أي اتصالات سياسية بيننا لأن الرجل اختار الابتعاد، وبالتالي إذا حاولت إقحامه في مشكل سياسي سيكون الأمر بمثابة قلة أدب. والذين يذهبون عند عبد الرحمن لمعرفة هو مع أي طرف، فهم لا يعرفون من هو اليوسفي، ومن العار أن يذهب هؤلاء إلى اليوسفي من أجل حشره في قضية اختار هو بنفسه بأن يبقى بعيدا عنها. ودعني أؤكد على أن عبد الرحمان اتصل بي في مناسبتين منذ أن توليت منصب الكاتب الأول لحزب الإتحاد الاشتراكي، المرة الأولى عندما أوحى لنا بأنه علينا أن نقيم نصبا تذكاريا للمهدي في يوم الوفاء، والمرة الثانية اقترح علينا اليوسفي أن نوكل محاميا للدفاع عن محامي عائلة المهدي بن بركة. البلد مقبل على انتخابات محلية، ألا ترون أن الخلاف مع التيار سيضعف الحزب أكثر؟ الناس خلقت وهما اسمه التيار وآمنت به، هل الإتحاد الاشتراكي هو مئات المقرات والأجهزة في مختلف المدن المغربية، هل سبق لكم أن وجدتم أثرا للتيار في جميع اللقاءات والمؤتمرات التي عقدها الحزب، كل ما يتعلق بالتيار موجود فقط على صفحات الجرائد، ونحن أصبحنا واعين بهذا الأمر، ولم يعد يؤثر فينا. يوم وفاة الزايدي صدر حوار لكم في جريدة ورقية تصفون فيه المنتمين لتيار الزايدي بأنهم أورام يجب التخلص منها. أنا لم أذكر أبدا المرحوم الزايدي، وما قصدته بالأورام هي بعض الممارسات داخل الحزب ومن بينها عدم التزام بعض الأعضاء بالتزاماتهم مع الحزب وعدم أدائهم للواجب الشهري، ويجب التخلص من هذه الأورام التي لحقت بجسم الإتحاد الاشتراكي، وأنا قلت كيف أن نائبا نجح في اللائحة الوطنية ولم يؤد ولو درهما واحدا للحزب على الرغم من أنه يتقاضى أكثر من 30 ألف درهم كبرلماني يمثل الحزب. لماذا غبتم عن العشاء يوم وفاة الزايدي؟ هناك من قال بأن أسرة المرحوم رفضت حضوركم أنا غبت لأنني حريص ألا يشوش البعض على هذه المناسبة، وأن يمر كل شيء بسلام، وأنا حضرت مراسيم الدفن، وحتى عندما وقع خلاف حول أن يقوم الأخ عبد الواحد الراضي بنعي المرحوم، طلبت من الراضي أن يترك الأمر يمر. وعندما لاحظنا أن هناك من يريد الاصطياد في المياه العكرة قررت عدم حضور عشاء وفاة الزايدي، وأنا لم أتلق الدعوة من أسرة المرحوم الزايدي بل تلقيتها من رئيس مجلس النواب. لو عاد بكم الزمن هل كنتم ستتخذون نفس الموقف من المرحوم الزايدي؟ لم أندم يوما على طريقة تعاملي مع الزايدي، لأنني لا أعتبر نفسي قمت بأي خطأ في حقه، هل لم يكن علي الترشح لانتخابات الحزب؟، ألم يكن علي أن أقبل الكتابة الأولى بعد أن تم إعلان فوزي بالكتابة الأولى بفارق 200 صوت؟. هل المطلوب من أن أشتغل بمنطق أنه يجب علي ألا أختلف سياسيا مع شخص معين، لأنه سيموت غدا، فالموت بيننا يوميا، وأنا مطمئن تماما لمواقفي السياسية.