تقتضي فرضية التحديث السياسي لدراسة النخب في الصحراء كمجتمع قبلي، اﻹسهام في فهم وتفسير ميكانيزمات السلطة السياسية داخل النسق السياسي الصحراوي، فداخل هذا النسق هناك فئة محدودة تحتكر أهم المراكز السياسية واﻹقتصادية. كما ﺃنها سعي للوقوف على طبيعة اﻹطار الوظيفي لهذه النخب بصفتها ظاهرة مركبة ذات ﺃبعاد سوسيوسياسية. ومن الطبيعي ﺃن يكون للنخب بالصحراء تجدر قبلي تاريخي متين بحيث يصعب اختراقه، ﺃو محاولة خلق انشقاقات داخل النسيج القبلي الصحراوي، وإن كان كذلك فإنه تم خلق طبقة سياسية بالمفهوم البراغماتي على حساب طبقات أخرى داخل التركيبة السوسيو اقتصادية الصحراوية، وكان الرهان على هذه الطبقة أن تكون سندا لامتصاص بعض الأزمات وإنتاج حلول بشأنها. لكن ما وقع فهو العكس لم تكن هذه الطبقة سندا يتم الاعتماد عليها لحل بعض الأزمات، خصوصا ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية. والأمثلة على ذلك كثيرة ، نذكر منها قضية «اكديم إيزيك »، بحيث ابتعدت النخبة المذكورة ومارست دور المتفرج، وتركت الدولة في مواجهة مباشرة مع الأزمة التي امتدت آثارها على المستوى الدولي، ووصلت إلى أعلى المؤسسات الدولية الأممية. في نفس الوقت قدمت الدولة ضحايا من القوات العمومية التي كانت تؤدي دورها المنوط بها، والغريب في الأمر أنه بعد ذلك لم يثار نقاش حقيقي حول هؤلاء الضحايا وإن كانوا ينتمون إلى القوات العمومية، فإنهم في آخر المطاف مواطنون ولهم أسر، وماتوا خلال تأدية مهامهم الأمنية. ألا يمكن اعتبار هؤلاء شهداء ؟ لماذا لا يتم تخليد ذكرى استشهادهم سنويا باعتبارهم أعطوا أرواحهم فداء للوطن ؟ وامتدادا للطرح الأول الذي يحيلنا ﺇلى طرح سؤال جزافي، من صنع البوليساريو ؟ ﺇن النخبة التي صنعت وﺃنتجت البوليساريو هي ثلة من الشباب يعرف الجميع ﺃنها درست في حضن الجامعة المغربية، وتشبعت ﺑﺄفكار سياسية طبعتها تلك المرحلة المعروفة في التاريخ السياسي للمغرب، التي ارتبطت بسياق دولي عرف صراعات استراتيجية بين المعسكرين الشرقي والغربي حول السيطرة والنفوذ العالمي، والتي تبلورت خلال سنوات الستينات، مما ﺃدى فيما بعد ﺇلى ﺇنتاج ما سمي بالبوليساريو ﺇبان سنوات السبعينات، ثم ﺇن هناك امتدادات لبعض القبائل داخل قبائل ﺃخرى، وهذه اﻹمتدادات راجعة لعدة عوامل يعرفها الصحراويون. لقد شكل ﺇشراك النخب الصحراوية في تسيير السلطة السياسية في المناطق الصحراوية تثمينا لشرعية الدولة المغربية التاريخية، حيث ﺃلقت الدولة ﺑﺄمور التدبير السياسي على كاهل هذه النخب بخصوص قضايا متعددة لم تجد لها حلولا على مستوى المركز، نظرا ﻷن الدولة ﺃدركت منذ المراحل اﻷولى للمسيرة الخضراء ﺃن تعزيز الآليات المؤسساتية التنموية، وتوطيد سلطتها وتحقيق مشروعها التنموي واﻹجتماعي يقتضي احتواء النخبة الصحراوية التقليدية. ثم بعد ذلك تم خلق نخبة ﺇدارية محلية مدعومة ﺃفقيا بالنخب المنتخبة، وتعزيز دور الشيوخ كواجهة للسلطة المحلية لتوجيه وتثبيت اﻹدارة المحلية. وجدير بالملاحظة هنا ﺃن الدولة كانت ولا زالت تبحث عن ترسيخ منطقي اﻹستقرار واﻹستمرارية، نظرا لما لهما من فعالية سياسية، تتمثل ﺃساسا في تجديد النخب بهدف تقليص نسبة الجمود الذي يمكن ﺃن يطال هذه النخبة، وبالتالي قد يؤدي ذلك ﺇلى بروز نمط سياسي وفكري معين، خاصة ﺇذا استحضرنا التطور الديموغرافي واتساع البنيات اﻹجتماعية في المجال الصحراوي الجنوبي للملكة. النخب والهيكلة القبلية ﺇن علاقة النخب بالنسيج القبلي الصحراوي هي علاقة عضوية وبنيوية، بحيث تشكل النخب في الصحراء امتدادا للتركيبة القبلية. ﺇلا ﺃنه تجدر الملاحظة في كون ﺃن هناك نموذجين للنخب في الصحراء : اﻷول يتمثل في النخبة التقليدية التي حاولت اﻹستمرار والمحافظة على خصائصها القبلية، حيث تعتبره رﺃسمال تاريخي يعكس هويتها الثقافية رغم التحولات السياسية واﻹجتماعية والثقافية. والثاني يتجسد في النخبة الحديثة التي استفادت من هذه التحولات وبرزت في العقود الأخيرة كنخبة تقدم نفسها على ﺃنها قادرة على تسيير اﻟﺸﺄن المحلي، مما نتج عنه نوع من التباين والتنافس وﺃحيانا اﻹصطدام بين اﻷولى والثانية، وهذا طبيعي جدا بالنظر للتركيبة السوسيولوجية للبنيات القبلية الصحراوية. ﺇلا ﺃن النخبة الحديثة بقيت متشبثة بهويتها الثقافية وامتدادها الصحراوي، وهذا هو القاسم المشترك بينها وبين النخبة التقليدية. إلا أن هذه الأخيرة في خضم البحث عن موقع لها داخل هذه الدينامية ، لم تقدم البديل وبقيت تدور في دائرة مفرغة، ولم تشكل سندا هي الأخرى في الدفاع عن المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الدولة في المناطق الجنوبية على الأقل في المحافل الدولية، مع العلم أن الدولة عملت خلال العقود الماضية على تنمية المناطق الجنوبية الصحراوية بوثيرة متسارعة، ولا زالت من خلال إرساء النموذج التنموي في هذه الأقليم. ثم إنه ألم يحن الوقت لفتح النقاش حول شروط المواطنة المغربية، وإحساس بمسؤولية الانتماء إلى الوطن ؟ لماذا في كل مرة نحس في هذه الربوع بانفصام منهجي في شخصية النخب الصحراوية ؟ وإلى متى سيستمر هذا الانفصام وهذه السكيزوفرينيا ؟ النخب والتأطير السياسي وعندما نتحدث عن اﻟﺘﺄطير السياسي بالنسبة للنخب في الصحراء ﻓﺈننا نتجاوز مسألة كون النخب قضية مركزية من قضايا علم اﻹجتماع السياسي، بحكم احتلالها موقعا مركزيا بالنسبة ﻟﻠﻘﻀﺎيا المرتبطة بالشؤون السياسية وآليات الحكم، في علاقتها بالثقافة السياسية السائدة داخل النسق السياسي الصحراوي من جهة، وبالمجتمع الصحراوي من خلال أساسه وتوجهه الثقافي من جهة أخرى. فالنخب في الصحراء لا تعاني من تأطير سياسي ﻷنها في اﻷصل نخب مسيسة ﺃكثر مما يتصور بعض الساسة، لكن الواقع هو ﺃن اﻟﺘﺄطير القبلي يطغى على اﻟﺘﺄطير السياسي لدرجة ﺃن كل العمليات السياسية تخضع لميكانيزمات قبلية، فاﻟﺘﺄطير القبلي هو عامل بنيوي ملازم ﻟﻠﺘﺄطير السياسي، بل وموجه له باﻟﻨﻆﺮ لخصوصية التركيبة الهيكلية للمجتمع الصحراوي. أزمة النخب والهيمنة القبلية ومن نافلة القول التذكير ﺑﺄن هناك أزمة نخب في الصحراء، و الدليل على ذلك خطاب الملك محمد السادس بمناسبة تخليد الذكرى 34 للمسيرة الخضراء، حين ﺃعلن عن ﺇطلاق مخطط مندمج في اﻷقاليم الصحراوية قائم على عدة توجهات من بينها ﺃساسا ﺇعادة هيكلة المجلس الملكي اﻹستشاري للشؤون الصحراوية، من خلال ﺇعادة النظر في تركيبته وانفتاحه على نخب جديدة. فالمقصود بهذه المبادرة هو فتح المجال ﺃمام نخب جديدة ومتفتحة، قادرة على اﻟﺘﺄثير في القرارات المتعلقة بتسيير اﻟﺸﺄن المحلي. فمنذ انتهاء ولاية المجلس الملكي اﻹستشاري للشؤون الصحراوية (الكوركاس) في 25 مارس 2010، طرح سؤالا بنيويا يتعلق بالدور الواقعي على الميدان لهذا المجلس، الذي قدمه اﻹعلام العمومي على ﺃنه يضم نخبة تشكل صفوة المجتمع القبلي الصحراوي، كما يطرح التساؤل عن الجهة التي سيناط بها مسؤولية تقييم حصيلة هذا المجلس خلال ولايته السابقة في ظل التحولات والتطورات التي يعرفها ملف الصحراء. وخصوصا على مستوى ما يسمى بانفصاليي الداخل وتوسع نفوذهم بشكل علني، فماذا فعل الكوركاس على الأقل في هذا الملف، ألم تستطع هذه النخبة إقناع هؤلاء بشرعية الطرح المغربي كنموذج متميز على مستوى الإصلاح في ظل الاستقرار مقارنة بدول مجاورة ؟ لكن نلاحظ لحد الآن غياب أي مبادرة أو توجه في هذا الشأن ؟ ﺇن النخبة التي يضمها هذا المجلس لم تبلور مشروع تصوري يشخص المشاكل الحقيقية في المناطق الصحراوية، بقدر ما لوحظ عليها الصراعات العمودية واﻷفقية فيما بينها، وهذه الصراعات ناتجة بشكل ﺃﺳﺎسي عن فلسفة الهيمنة القبلية التي حالت بشكل مباشر دون بروز نخب، من المؤكد ﺃنها قادرة على تسيير الشأن المحلي، وذلك اعتمادا على مؤشرات وصفية ومعطيات ميدانية، وخصوصا النخبة المثقفة اﻷكاديمية التي مزجت بين التكوين اﻷكاديمي، والممارسة العملية الميدانية داخل بنيات المجتمع المدني. وبالتالي لم يستطع المجلس ﺇنتاج مبادرات واضحة المعالم، وحلول عملية للتصدي لظاهرة انفصاليي الداخل في الميدان، وكذلك لم يحدد سقفا سياسيا زمنيا ﻹنتاج ﺇستراتيجية مهيكلة لمواجهة المشروع اﻹنفصالي سواء في الداخل ﺃو في الخارج، حيث لاحظنا ﺃن مبادرات التصدي ﻟﻸطروحات اﻹنفصالية ﺗﺄتي في ﺃغلبيتها من الدولة، ونسبيا من بعض مكونات المجتمع المدني الصحراوي، المؤمنة بالوحدة الوطنية وبشرعية الخيار الاستراتيجي التنموي المغربي. كذلك يمكن تفسير تفاقم المشاكل اﻹجتماعية في المناطق الصحراوية، وضعف تسيير الشأن المحلي بعدم انسجام النخب داخل المؤسسات، وباﻟﺘﺎلي عدم توحيد رؤاها ﺑﺸﺄن القضايا الاقتصادية واﻹجتماعية. النخب في ظل التسيير والمردودية ومن خلال الملاحظة الميدانية بخصوص ديناميكية التسيير، نستشف ﺃن هناك ضعف في الحصيلة من خلال الملفات المطلبية اﻹجتماعية العالقة في كل مناطق الصحراء، تتعلق باحتجاجات المعطلين المطالبين بالتوظيف المباشر خاصة المجازين والتقنيين، ناهيك عن غضب حاملي الشهادات العليا من اﻷطر خريجي الجامعات المغربية، كذلك الفئات اﻹجتماعية اﻷخرى التي تطالب بتسوية ملفاتها ﻛﺄشبال الحسن الثاني مثلا. واﻷكثر من ذلك لابد من اﻟﺘﺄكيد على ضعف مشاريع التنمية المندمجة التي دعا ﺇليها الملك محمد السادس كفلسفة بنيوية للتنمية البشرية، فالنخب في الصحراء لم تستطع ﺃن تشكل رقما صعبا في المعادلة التنموية الجهوية. النخب وتخليق الحياة العامة و يمكن القول استنادا ﺇلى السياق السياسي ﻟﻨﺸﺄة هذه النخب وﺇرهاصات بروزها وتطورها، ﺃنها تستطيع ﺃن تلعب أدوارا طلائعية داخل النسق السياسي الصحراوي، ﻷنها تملك سلطة اتخاذ القرارات السياسية على المستوى المحلي ﺃو اﻟﺘﺄثير فيها بشكل كبير، بما في ذلك تلك المتعلقة بتطوير ﺁليات التنمية المندمجة عبر وسائل عقلانية حديثة لتخليق الحياة العامة، بل اﻷكثر من ذلك، تستطيع التأثير في صياغة القرارات ذات الطابع السياسي في أغلب الأحوال. و يمكن الجزم ﺃن النخب في الصحراء يمكن أن تسير في اتجاه التحديث السياسي لهياكلها في ارتباط عضوي بالمنظومة القبلية خصوصا النخبة اﻷكاديمية المثقفة. كما ﺃن طرح موضوع النخب في الصحراء للنقاش العمومي خلال هذه المرحلة من خلال دورها في تسيير الشأن المحلي وتخليق الحياة العامة، يكتسي أهمية كبرى بالنظر لمظاهر التحول الذي يشهدها المجتمع الصحراوي في السنوات الأخيرة، والمؤشرات في ذلك متعددة. وكذلك المسؤوليات التاريخية التي يفترض أن تتحملها هذه النخب من ﺃجل بناء مجتمع ديمقراطي حداثي يتلائم مع ضوابط و مقاييس الحكم الذاتي والجهوية المتقدمة. الدولة والمسؤوليات القانونية والسياسية للنخب ﺃما الدولة فهي تسعى ﺇلى تطوير ﺇمكانيات هذه النخب حتى تتحمل مسؤولياتها التاريخية للنهوض بالقضايا اﻹجتماعية والتنموية، وحتى تعمل على المساهمة في ﺇنتاج إستراتيجيات ﻟﻺستقرار السياسي في المناطق الجنوبية. لهذا ﻓﻤﺴﺄلة تجديد النخب مسألة محورية في مسار المجتمع الصحراوي. والحديث عن موضوع النخب وطرحه للنقاش العمومي، يبقى مؤشرا قويا يترجم مدى حيوية المجتمع القبلي الصحراوي، ومدى قابليته لبلورة مشروع حداثي. فالنخب في الصحراء تبقى في نهاية المطاف مسؤولة عن ﺇنتاج أفكار ومشاريع تنموية تخدم المجتمع الصحراوي. فاﻟمطلوب من هذه النخب هو ﺃن تشكل قوة اقتراحية، وذلك من خلال صياغة استراتيجيات للتنمية المندمجة تخدم ﺃبناء الصحراء. ولعقلنة هذه العملية لابد من ﺇحداث جهاز وسيط بين المركز واﻷقاليم الجنوبية، يناط به مسؤولية مراقبة وتقييم السياسات العمومية في المناطق الصحراوية، حيث تصبح هذه العملية ﻣﻤﺄسسة وتتحول تدريجيا ﺇلى سياسة عمومية، قائمة بذاتها وتعمل على تحليل العلاقات المؤسساتية في اﻷقاليم الجنوبية الصحراوية. ﺇن النخب الصحراوية التي تضطلع بمهمة التسيير لا تشكل تهديدا للدولة، التي تسعى ﺇلى ﺇدماج ومشاركة هذه النخب، في المقابل تسعى النخب الجديدة ﺇلى تطوير خطاب سياسي جديد. واﻷنكى من ذلك ﻓﺈن وساطة النخب الصحراوية التقليدية هي وساطة مؤقتة، وغير مضمونة في الزمن السياسي المقبل. ذﻟﻚ ﺃن الثقافة السياسية السائدة في الصحراء تبين علاقة تتحول فيها النخب الصحراوية من مجرد فاعلين في الفضاء السياسي الصحراوي، تتفاعل بنيويا بالقضايا السياسية الاستراتيجية المشتركة، ﺇلى علاقة يسودها المنطق القبلي في ارتباطه بالمجال الوطني الشمولي. ولقد بدﺃ يتبلور منظور جديد يجسد تحول النخب الصحراوية من نخب تعتمد التدبير السياسي بالمفهوم المقاولاتي، ﺇلى نخب تبحث عن ميكانيزمات لترسيخ استراتيجيات للتدبير التنموي المرحلي، بما في ذلك تقنيات التدبير العمومي العصري، واعتماد منطق تفعيل اﻹلتزامات التعاقدية. وﺃصبحت سمات النخب في الصحراء مبنية على التعاقدية القبلية المندمجة داخل النسق السياسي الصحراوي، قائمة على المصلحة الذاتية والبحث عن اﻹمتيازات، وما يصاحب ذلك من نفوذ وامتيازات التي تمنحها الدولة لهم بما تسمح به الظرفية السياسية. لكن في مقابل ذلك، تبحث الدولة عن دور محوري لهذه النخب يضمن الاستقرار والانسجام لإرساء أسس التنمية الشاملة في ظل جهوية واعدة بالتقدم والتحديث. فمن سيضمن للدولة وفاء وانخراط هذه النخب في مشروع الدولة التنموي الحداثي. لكن الواقع يقول لنا شيئا آخر، هو أن هذه النخب غير قادرة على ﺇنتاج قرارات ﺇستراتيجية ﺃو المساهمة في تعزيز وتشجيع هندسة السياسات العمومية في المناطق الجنوبية، ﺇلى درجة ﺃنها تحولت ﺇلى نخبة ذات بعد وظيفي فقط. لكن هذا لا يمنع من القول ﺃن لهذه النخبة قدرات ﺗﺄثيرية في مناطق نفوذها، وﺃنها تتبنى طرقا منهجية في التفاوض ﺑﺸﺄن القضايا السياسية داخل النسق السياسي الصحراوي، كما ﺃنها تتحكم في ﺃنماط التفاعل بين مكوناتها وشبكات علاقاتها، ﺇذ ﺃن النواة الصلبة لهذه التفاعلات، تقوم على ما تمتلكه من رﺃسمال سياسي ومادي واجتماعي. و ﻳﺄتي مشروع الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي في سياق البحث عن فلسفة سياسية جديدة، وتوازن سياسي جديد، وتوزيع جديد للسلطة، لتجاوز اﻷزمة التي تعرفها هذه النخب نحو دعم مشروعية سياسية جديدة، في أفق التحديث السياسي بهدف الوصول ﺇلى مستوى التقليص من الفوارق اﻹجتماعية ومواجهة التحديات اﻹقتصادية واﻹجتماعية. الإعلام الجهوي والتسويق المنهجي للمجهودات التنموية والحقوقية ولا يمكن إنهاء هذه الورقة بدون الحديث عن الإعلام والنخبة البارزة في هذا المجال، في كل تجليات وتلوينات الاعلام الجهوي. ونبدأ بقناة العيون الجهوية التي مر الآن عشر سنوات على إحداثها، وكيف يمكن تقييم مسار هذا القطب الإعلامي ؟ لماذا لم يظهر للعالم المجهودات التنموية التي تقوم بها الدولة، من خلال برامج بميزانيات خيالية ؟ لماذا لم يتم تسويق المجهود المؤسساتي في مجال حماية حقوق الإنسان ؟ إن النخبة العاملة في مجال الإعلام الجهوي بكل تصنيفاته مسؤولة بشكل أساسي، للمساهمة في تثمين المجهودات التي تقوم بها الدولة في المجالين التنموي والحقوقي. ولهذا أقول أنه آن الأوان لتقييم حصيلة قناة العيون الجهوية، ودعمها بالكفاءات البشرية والموارد المالية الأساسية، وتبني خط تحريري واقعي، وبدل مجهود مضاعف لتسويق الإنجازات في كافة المجالات، وإعطاء الفرصة للمواطنين والفاعلين الصحراويين المؤمنين بالوحدة الوطنية أن يعبروا عن وطنيتهم ووحدويتهم ، وإذا كانت هناك إشكاليات تتعلق باختلالات على المستوى التنموي أو السياسي أو الحقوقي، فيجب طرحها للنقاش العمومي العقلاني وللتفكير الجماعي الإيجابي المنتج، لإغناء وتثبيت المسار التنموي والحقوقي، وللإعلام ونخبه دور جوهري واستراتيجي في مسار التحديث السياسي والمؤسساتي. - باحث في العلوم السياسية [email protected]