أكد خبير المناخ الدكتور محمد قروق أن العالم أجمع، بما في ذلك المغرب، يتعرض لتغيرات مناخية تجعله يعيش مخاطر سريعة، كالفيضانات والسيول التي تعمل على تخريب المنشآت والطرق بطريقة مباشرة وسريعة جدا، إضافة إلى تخريب المحاصيل الفلاحية وغلل الأشجار، كما تتسبب بجرف السيارات وغرق المواطنين. وزاد قروق، المرشح لنيل جائزة "ألبرت إنشتاين" تقديرا لجهوده العلمية وإسهامه في الأبحاث العلمية حول التحولات المناخية على الصعيد العالمي، أن للتغيرات المناخية آثارا صحية على الفئات الهشة من أطفال ومسنين إضافة إلى ذوي الحساسية المفرطة، وذلك يعود إلى تعاقب الفترات الحارة والجافة والفترات الرطبة والممطرة في مدة زمنية محدودة. أستاذ علم المناخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك بالدار البيضاء أشار، في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن مجموع التغيرات المناخية يجب أن يتم اعتبارها من الآن فصاعدا قاعدة في المغرب وليست استثناءً، الأمر الذي يحتم تطوير البنيات التحتية إضافة إلى دعم الوضعية الاقتصادية والاجتماعية. لاحظ المغاربة تأخر موجة البرد إضافة إلى تأخر في التساقطات المطرية، فهل هذه الملاحظات في محلها؟ الأمر غير صحيح، نحن في المغرب نتواجد في عُروض جغرافية لا تتميز ببرودة حقيقية فإما أمطار أو جفاف، إلا أن ثقافتنا تَربطُ هطول الأمطار ببرودة الجو وهو الأمر الخالي من الصحة. نحن في النصف الأخير من فصل الخريف حاليا، وبالتالي فهي الفترة التي يمكن أن نستقبل فيها الفترة المَطيرَة وهي الفترة الرطبة التي يمكن أن تتساقط خلالها الأمطار، فالأمطار بدأت تظهر بوادِرُها حيث تعرف مناطق متفرقة من المغرب تساقطات مطرية. وماذا عن استمرار ارتفاع درجات الحرارة خلال شهر نونبر الحالي؟ ارتفاع درجة الحرارة ملاحظة في محلها، تدخل ضمن التغير الجوي الجديد الذي بتنا نعيشه وهو المغاير عن ذاك الذي عشناه إلى جانب آبائنا وأجدادنا مئة سنة الأخيرة، وعلاقة بالإنسان الذي أصبحت بنيته الجسمانية ضعيفة ومصاب بحساسية كبيرة لم يعد يطيق صيفا حارا ولا فصل شتاء شديد البرودة فهو يعاني الأمرين خلالها، صحيح أننا كنا نشهد " تطرفا مناخيا" من فترة للأخرى حسب الفصول الأمر الذي أصبح قاعدة اليوم فحين ترتفع الحرارة تكون بشكل كبير وحين يبرد الجو يبرد بشدة إضافة إلى أنه حين تهطل الأمطار فهي تهطل بعنف كذلك هذه الأمور أصبحت القاعدة الآن ولم تعد استثناءا. تحدثتم عن " التطرف المناخي" الذي أصبح قاعدة، فهل يتعرض المغرب والعالم لتغيرات مناخية؟ طبعا، التغيرات المناخية يتعرض لها العالم أجمع بما في ذلك المغرب، ويمكن تعريف التغيرات المناخية باعتبارها ارتفاع حرارة الكوكب، وهذا الارتفاع أدى إلى تَسارُع وثيرة الحرارة وسرعة وثيرة الظَّواهر الطبيعية. كانت الأمطار تتساقط في فصل الشتاء من نهاية نونبر إلى فبراير وتبدأ كمياتها تَقلُّ خلال مارس، وحين لا تتساقط الأمطار داخل هذه الفترة نكون في دائرة الجفاف، حاليا هذا التوزيع لم يعد متاحا حيث أن الأمطار تغيَّرت في توزيعها وأصبح من الممكن أن تتساقط في شهر نونبر وصولا إلى مارس ولم لا أبريل. التوزيع الجديد أصبح مغايرا لما عرفناه قبلا وأصبح يمثل عرقلة بالنسبة للإنسان في قضاء حاجياته اليومية وكذلك أنشطته المختلفة وخصوصا ما تعلق بالأنشطة الفلاحية. إضافة إلى ما سبق، أثرت درجات الحرارة المرتفعة على بقية الأنظمة الأخرى وعلى رأسها الدورة المائية على الأرض حيث أن التساقطات أصبحت تتميز بالغزارة وبتوزيع زمني ومجالي جديد، وهذا ما نَستشفُّه عبر العالم بظاهرة الفيضانات، فلا يمر يوم دون أن تُطالِعنا الأخبار بفيضان يجتاح أحد مناطق العالم وفي المغرب كذلك حيث أصبح المطر يعود بكميات كبيرة تتشكل معها فيضانات أحياء ومدن بأكملها. هل تحتاج البنية التحتية بالمغرب إلى مواكبة التغيرات المناخية من أمطار وحرارة؟ كنا نهيئ مدننا وشوارعنا بناء على ما كان سائدا من كميات معروفة من الأمطار ومن حرارة ورياح وغيرها، اليوم حينما تعود الأمطار فهي تتساقط بكميات أكبر مما اعتدنا عليه، وبالتالي فبُنانا التحتية لم تعد قادرة على تحملها والتحدي الكبير اليوم على الصعيد العالمي أنه حينما تتساقط الأمطار تكون بكثرة وفجأة تتوقف وترتفع الحرارة وبالتالي تتبخر المياه بسرعة ونظن أننا في وضعية جفاف إلا أننا نعيش فقط فترة حارة موالية لفترة رطبة، هذا هو المناخ الجديد. وعودة إلى المغرب الذي يوجد في شمال الكرة الأرضية فالدورة الجديدة أصبحت تعرف نظاما مغايرا لما كان عليه من قبل وبالتالي فهذا النظام تطغى عليه فترات حارة وأخرى رطبة وهكذا وبالتالي يجب أن نفهم هذه التغيرات ونعتاد عليها ونطور أنشطتنا بناء على التوزيع الجيد. انتهينا حاليا من فصل الصيف وهو ما نسميه الجفاف الفلكي ولكننا لا زالنا نعيش فترة حارة وأخرى باردة وأخرى حارة وهكذا، في فترات زمنية متلاحقة وضيقة، ويمكن أن نعيش في نفس الشهر فترات حارة جافة وأخرى باردة ممطرة ورطبة. ما هي المخاطر التي تتهدد الإنسان بسبب التغيرات المناخية؟ المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية متعددة ومتنوعة أولاها أنه بسبب ارتفاع الحرارة، على الإنسان أن يطور أنشطته المختلفة حتى تنسجم مع الوضع الجديد، وكمثال على الأمر فالمنتوجات الفلاحية أصبحت تنضج بسرعة وبعضها الذي كان يحتاج إلى أزيد من عشرين يوما بات ينضج في أقل من هذه الفترة بأحجام كبيرة مقارنة مثيلاتها سابقا ويمكن أن تختلف في المذاق. من الناحية السلوكية، جميع المواطنين حين تساقطت الأمطار عمدوا إلى لبس المعاطف في حين أن الحرارة مرتفعة، وبالتالي فالأطفال والمسنين على وجه الخصوص سيصابون بأمراض وحساسية نتيجة هذا التطور الجديد. إضافة إلى أننا قد نعيش فترات باردة جدا خلال يناير المقبل قد لا يتحملها هؤلاء وستؤثر على صحتهم. بالإضافة إلى ذلك، للتغيرات المناخية مخاطر سريعة كذلك كمشكل الفيضانات والتي حينما تحدث تخرب المنشآت والطرق بطريقة مباشرة وسريعة جدا، وتخرب المنتوجات الفلاحية والأشجار وكذلك تتسبب بجرف الأشخاص وغرقهم.