"الراحل عبد الهادي بوطالب كان رجل الاستثناء بين عوالم السياسة والإعلام"، هكذا أجمع المتدخلون من رجالات الإعلام والثقافة، على حسن سيرة رجل ثقة الملك الراحل الحسن الثاني والحالي محمد السادس، حيث جرى استحضار تجربة عبد الهادي بوطالب في الإعلام واستخدامه كواجهة من واجهات الكفاح الوطني إبان فترة الاستعمار. الاحتفاء جاء من خلال ندوة حول "واقع الصحافة المغربية ومآل إصلاح القطاع"، نظمتها مؤسسة عبد الهادي بوطالب بشراكة مع أسبوعية "الأيام" اليوم الجمعة بالدار البيضاء، وهو الموعد الذي تزامن بقريب مع الذكرى الخامسة لوفاة الراحل عبد الهادي بوطالب الموافقة ليوم 16 دجنبر، وجعل الحديث مطولا حول سيرة أحد رواد الصحافة والإعلام في المغرب. مجيد بوطالب، ابن الراحل ورئيس "مؤسسة عبد الهادي بوطالب"، قال إن علاقة الأخير مع الصحافة امتدت لأكثر من نصف قرن، تركت بصمات "ما زالت آثارها حاضرة إلى اليوم، علاقة جايلت عددا من المراحل والمحطات في تاريخ المغرب"، مشيرا إلى أن بوطالب مارس الصحافة باعتبارها أداة من أدوات النضال الوطني، وواجهة من واجهات الكفاح السياسي. وتابع مجيد بالقول إن الراحل مارس المهنة وهو يتحمل عددا من المسؤوليات الحزبية، ضمن حزبي "الشورى والاستقلال" و"الاتحاد الوطني للقوات الشعبية"، حيث كان مشرفا على جريدة "الرأي العام" منذ سنة 1947، وهي الجريدة التي أصدرها "الشورى والاستقلال" برئاسة زعيمه محمد بلحسن الوزاني، إذ كان يواضب على كتابة عموده الشهير "هذه سبيلي"، "الذي كان يمثل في تلك المرحلة وما زال مقالا سياسيا يعبر عن نظرة الحركة الوطنية لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية". إلى جانب مهامه الإعلامية خارج الحقل الرسمي، يضيف مجيد بوطالب، ضمن سرد موجز لسيرة والده الإعلامية، فقد أتيحت له الفرصة ليمارس مهام إعلامية من داخل المسؤوليات الحكومية، حيث أسند له الراحل الحسن الثاني وزارة الإعلام 3 مرات منذ العام 1962، مشيرا إلى أن هذه التجربة مكنت الراحل من تكوينه لرؤية حول الإعلام والإعلاميين، "التي لا تزال لها راهنيتها في عدد من الجوانب". ودعا مجيد إلى ضرورة الاهتمام بالتجربة الصحفية للراحل عبد الهادي بوطالب، وغيره من الرواد والساسة والنخب الفكرية والثقافية، التي خاضت هذا المجال، مشيرا إلى أن المؤسسة التي يرأسها ستقدم على تنظيم جائزة عبد الهادي بوطالب للاستحقاق الفكري والثقافي، والتي ستكون مفتوحة في وجه جميع الباحثين والإعلاميين، يؤكد المتحدث. في كلمة مقتضبة، اعتبر نور الدين مفتاح، مدير مؤسسة "الأيام"، أن الراحل عبد الهادي بوطالب كان "مغربيا استثنائيا متميزا بموسوعيته"، على أنه عرف الإعلام سياسيا وثقافيا ومهنيا، "وصل إلى الاهتمام بتفاصيله، من ضمنها لغة الإعلام، عبر تخصيصه حيزا مهما عن لغة الإعلام"، مشددا على أن تلك اللغة، من منظور الراحل بوطالب، تبقى جزء من الرسالة وليس وسيلة لإيصالها. من جهته، ربط زميل الراحل بوطالب، الصديق معنينو، وهو المدير الأسبق في التلفزة والإذاعة، داخل وزارة الإعلام بداية ستينيات القرن الماضي، (ربط) سيرة الراحل برفيقه أحمد بنسودة، مشيرا إلى حيوية هذا الأخير وحماسته، مقابل هدوء وذكاء بوطالب في فكره وتحركاته السياسية والفكرية والنضالية، إبان عهد الحركة الوطنية والمطالبة بالاستقلال، مردفا أنه كان نموذجا لمدرسة "الشورى والاستقلال"، على أن فترته المتوهجة تبقى حياته الوطنية وفترة الكفاح الوطني "التي بقيت خالدة في تاريخ المغرب". حاتم بطيوي، الصحافي بجريدة "الشرق الأوسط" بلندن وأبرز الصحافيين الذين دونوا سيرة بوطالب السياسية في كتاب، استحضر جدية الراحل ودفاعه عن اللغة العربية في حقل الإعلام، موضحا أنه كان يقلقل حين "تأكل العربية العصا بيد الإعلام والصحافة"، ما دفعه إلى إصدار كتاب عبارة عن معجم لتصحيح الأخطاء اللغوية السائدة في الإعلام العربي.