ما الذي يحدث في مراكش؟.. سؤال بات يطرحه الكثيرون من أبناء المدينة الحمراء بعد توالي أحداث دموية تتوزع بين الاغتصاب الوحشي و"التشرميل" البشع وقصص لشواذ أجانب، حيث لا يكاد يمر يوم دون سماع أخبار مِلؤها العنف والدم، ما لا يتناسب مع الروح المرحة التي اشتهر بها "بهجاوة". وتصدرت مراكش أخيرا صفحات وأخبار الحوادث في العديد من المنابر والصحف، حتى أن البعض شكك أن هذه المدينة النشيطة ليست تلك التي تحتضن أحد أكبر مهرجانات السينما في العالم، ولا منتديات رجال الأعمال، ولا هي التي يأوي إليها مشاهير العالم طلبا للراحة والهدوء.. وغدت قصّة المثليّ البريطاني رَاي كُول، وصديقه المراكشي الذي أودع بمعيته السجن قبل معاودة تمكينهما من الحريّة، تلتصق بصورة "عاصمة النخيل" أكثر من أي شيء. وبات المراكشيون يستفيقون كل صباح على أخبار ملونة بالدم الأحمر، عوض أن يستفيقوا على نكت تدخل السرور على الصدور، كما دأبوا على هذا من قبل، ومن ذلك جريمة كان بطلها شاب لم يتجاوز عمره 28 ربيعا عندما اقتحم بيتا في غياب الزوج، فوجد امرأة ليغتصبها بقوة أمام أطفالها الثلاثة. وقبل أيام قليلة أيضا حدث أن اغتصب تاجر مخدرات له سوابق في عالم الإجرام طفلا لم يتجاوز ربيعه الخامس، في حي بريمة بالمدينة العتيقة في مراكش، وهو ما أفضى إلى معاناة نفسية وجسدية صعبة للطفل الضحية، دفعت أسرته إلى التقدم بشكوى للنيابة العامة للتحقيق. وليس بعيدا عن مكان الحادث السابق، كان "بيدوفيل" فرنسي يقوم بمغامراته الجنسية الآثمة عابثا ببراءة وأجساد أطفال في دوار العسكر بالمدينة الحمراء، ما دفع مصالح الأمن إلى القبض على المشتبه به، والذي كان يغري الصغار بمنحهم بعض المال أو شراء بعض الحاجيات لهم. وشهدت رحاب المدينة الحمراء، قبل أيام قليلة خلت، اعتداء زوج على زوجته الشابة، سميرة، من خلال ضربها بآلة حادة في وجهها، ما شوه تقاسيم محياها بجروح غائرة، وذلك في غمرة استعداد الزوجين مباشرة إجراءات الطلاق أمام قضاء الأسرة، جراء تفاقم الخلافات اليومية بينهما. وقبل واقعة سميرة بأيام قليلة كانت خولة 17 عاما قد تعرضت تقريبا لنفس "التشرميل" على يد زوجها الهائج، الذي خرج لتوه من السجن بعد إدانته بستة أشهر نافذة، وذلك بواسطة سلاح أبيض، أدى إلى جروح غائرة جدا في وجه وأطراف الزوجة، تطلبت أكثر من 30 رتقا. الباحثة في علم الاجتماع، ابتسام العوفير، علقت على توالي هذه الأحداث الدموية بكثافة داخل المجتمع المراكشي، بالقول إنها نتاج اضطرابات متداخلة بين ما هو نفسي واجتماعي وجنسي، ولا يمكن إلصاقها بمراكش دون غريها من المدن، فالجرائم لا وطن ولا زمكان لها". وأردفت الباحثة، في تصريح لهسبريس، بأن توالي أحداث وجرائم في أوقات متقاربة داخل مدينة واحدة قد يكون من باب المصادفة، لكن هذا لا يمنع من دق ناقوس الخطر لنوعية تلك الجرائم، لأنها موغلة في العنف الذي يستبيح الأجساد والأعراض بطريقة بشعة". وسجلت العوفير أن هذه الجرائم تجمع بين عنصرين اثنين، الأول أنها تعمد كلها إلى اللجوء للعنف سواء في اغتصاب الزوجة أو اغتصاب الطفل، مع شيء من الترغيب بالنسبة لواقعة البيدوفيل الفرنسي، والثاني أنها جرائم تستهدف فئتين معروفتين بالهشاشة، وهما النساء والأطفال. ودعت المتحدثة السلطات الأمنية والمجتمع المدني وأخصائيي التربية والاجتماع، إلى تكثيف الجهود المتبادلة، وبسط موضوع الجرائم والانحرافات المتزايدة في مراكش وغيرها من المدن، على طاولة النقاش والبحث، من أجل محاولة الحد من الدماء التي تسيل على طرقات البلاد".