يبدو أن الخناق بات يشتد أكثر على جبهة البوليساريو الانفصالية، وأصبحت تعاني من عزلة وتجاهل دولي.. هذا ما تبين من خلال مقابلة صحفية أجرتها صحيفة "إلدياريو" الإسبانية مع محمد عبد العزيز، زعيم الجبهة، أثناء تواجده بالعاصمة الإسبانية مدريد، للمشاركة في "الندوة الأوروبية لدعم الصحراء". زعيم الانفصاليين كرر في بداية الحوار مع الصحيفة الاسبانية، تهديداته بخصوص إمكانية حمل السلاح لتحقيق مطلب "تقرير المصير"، كما نفى اضطهاد المعارضين "للجبهة" وفق ما جاء في تقرير "هيومن رايتس ووتش" الأخير. وانتقد عبد العزيز المراكشي موقف اسبانيا الحالي الداعم بشكل وصفه بالصارخ للأطروحة المغربية، كما أبدى أسفه من التراجع الحاصل في المساعدة التي تقدمها اسبانيا للمحتجزين في مخيمات تندوف، والتي تقلصت بنسبة 60 في المائة. وفيما يلي نص الحوار مترجما: كيف يمكن وصف الوضعية الإنسانية التي تعيشها "الصحراء الغربية" حاليا، وهل لاحظت ندرة في الموارد الأساسية بمخيمات تندوف؟ معاناة "الشعب الصحراوي" امتدت لوقت طويل، وبالتحديد 39 سنة. "الظلم المغربي" أجبر الناس على طلب اللجوء لدول مثل اسبانيا، بينما آخرون استقروا بمخيمات تندوف أو في "المناطق المحررة والمحتلة أيضا". الوضعية قاسية جدا، عائلات حرمت من "أراضيها"، ومنهم من اختطف وسجن. يمكن القول بأنها مأساة. هل ازدادت الحالة سوء مقارنة بالسنوات الماضية؟ الأزمة الاقتصادية أثرت بشكل مباشر على "الصحراء الغربية"، وخصوصا الأزمة التي تعيشها اسبانيا، حيث نتج عنها تراجع في نسبة المساعدات الإنسانية التي تقدمها. بكم تراجعت نسبة المساعدات التي تقدمها إسبانيا؟ بحوالي ثلاث أضعاف مقارنة مع ما كانت تقدمه من قبل. وعلى المستوى السياسي، هل تراجع دعم حكومة مريانو راخوي للقضية الصحراوية؟ للأسف نعم، فموقف السلطة التشريعية الإسبانية لم يكن في المستوى الذي ننتظره. حيث أصبحت في صفوف الدول الداعمة للموقف المغربي بشكل صارخ. ولحد اللحظة يمكن اعتبار اسبانيا طرفا في المشكل، ولا تجسد الحل. رغم أنها القوة الإدارية للصحراء كما اعترفت بذلك منظمة الأممالمتحدة. وبالتالي فهي المسؤولة عن كل ما يقع في الصحراء منذ أن خرجت منها عام 1975. إذن، على أسبانيا أن تتحمل مسؤوليتها؟ لا يمكنها الهروب والتملص من مسؤوليتها. ما فعلته إسبانيا بالصحراويين يعد بمثابة شيء مخجل لتاريخها. فلا نرى تحولا في الموقف، وعلى اسبانيا أن تصبح طرفا في الحل لبلوغ "تقرير المصير". وهل يعني هذا أن المغرب يمارس ضغطا على الحكومة الإسبانية؟ لا يجب على حكومة مريانو راخوي أن تنتظر إشارات أو تحولات من قبل المغرب لإيجاد حل عادل. فالمغرب ضد "تقرير المصير"، وأغلق الباب على نشاط المينورسو. علاقة بهدف "تقرير المصير"، أين يتجلى تأثير اسبانيا كونها عضوا غير دائم في مجلس الأمن؟ عليها أن تتخذ مواقف، وأن تعترف "بالجمهورية الصحراوية"، وأن تستعين بمكانتها كعضو غير دائم بمنظمة الأممالمتحدة لتحقيق "استفتاء تقرير المصير". لكن فرنسا كعضو دائم يمكنها أن تمنع أي مبادرة... فرنسا ليست هي اسبانيا. المسؤولية تسقط على عاتق اسبانيا، فلو كنا مستعمرة فرنسية لحصلنا على "الاستقلال". لكن للأسف نحن مستعمرة إسبانية. ستنتهي مهمة بعثة المينورسو في الثلاثين من شهر أبريل من سنة 2015، ماذا تنتظرون؟ مؤشرات "جبهة البوليساريو" ترى بأن العلاقة بين منظمة الأممالمتحدة والمغرب ستدخل في صراع متزايد. عن أي نوع من الصراع تتحدثون؟ عن رفض منظمة الأممالمتحدة للدور الذي يلعبه المغرب. خرجت أصوات تطالب بالعودة لحمل السلاح. هل هي خيار قابل للتطبيق؟ إصرار المغرب على إنهاء نشر بعثة المينورسو يدفع إلى الحرب. وإذا نجحت محاولاته، فليس لنا هناك خيار إلا حمل السلاح كما جرى عام 1975، وسندافع عن حقوقنا الوطنية. والقرارات الدولية تشرع العودة لحمل السلاح للدفاع. وهل يوجد تاريخ محدد يسمح بالعودة لحمل السلاح في حال لم يحصل تقدم؟ أن تحدد تاريخا كأنك تستعد للحرب، في وقت نسعى فيه نحن إلى السلم. نحن ندافع على الوضعية السلمية وقت بلوغ "تقرير المصير". المغرب هو من يحب الحرب. ولهذا وجب على إسبانيا أن تتحمل مسؤوليتها، وأن تدرك بأن المغرب يتجه نحو اللا استقرار. "جبهة البوليساريو" لم تسلم من النقد. تقرير لمنظمة "هيومن راتس ووتش" يتهم "الحركة التحررية" بانتهاك حقوق اللاجئين واضطهاد المعارضين. التقرير عاملنا على أساس أننا دولة مستقلة، وهذا أمر مرضي. كما أكدت المنظمة أن "الجبهة" لم يكن لديها أي سجين سياسي، رغم كونها "جماعة تحررية". لكن حسب شهادات استقتها المنظمة تؤكد بأن هنالك معارضين اضطهدوا... لا نضطهد أحدا، ومن يدعي أنه مضطهد فليكشف عن اسمه ومكان تواجده وسنستدعيه ليثبت ذلك. فالمغرب هو الذي لا يحترمهم. فنحن سنسمح لأي منظمة تعنى بحقوق الإنسان بأن تزور المخيمات، ولكن أيضا "المناطق المحتلة". المنظمات تشتكي من أن البيروقراطية تتباطأ في تسليم التأشيرات من طرف اسبانيا للصحراويين المرضى للذهاب إلى اسبانيا للعلاج. كيف هي الوضعية؟ لا يعاني المرضى فقط. فمنذ ثلاث سنوات لم تتوفر نفس التسهيلات للصحراويين للسفر لإسبانيا للمشاركة في برنامج ما، كالتبني المؤقت للأطفال الصغار وتكوين الشباب. أعتقد أن تمة حوار مع القوات الإسبانية لتسهيل منح الوثائق، للتخفيف من معاناة "شعبنا".