بعد فشلها في توسيع صلاحية بعثة المينورسو في الصحراء ، تقود جبهة البوليساريو حاليا، إصدار جملة تهديدات متوالية ضد بعثة المينورسو ومنظمة الأممالمتحدة ، بعد أن اتهم زعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز المراكشي بعثة المينورسو بالانحراف عن غايتها في ما أسماه حق الشعب "الصحراوي" في تقرير المصير، وقام بالتهديد بالعودة إلى حمل السلاح من جديد ضد السلم والأمن الإقليمي. ولم تتوقف حملة التهديدات هذه عند هذا الحد، بل سارعت "الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو" من جديدة إلى توجيه تحذير جديد وصف بالشديد اللهجة إلى بعثة المينورسو، حذرت فيه مما وصفته ب: "أي انحراف لبعثة الأممالمتحدة (مينورسو)" عن الهدف من إنشائها والمتمثل حسب البيان في تنظيم استفتاء تقرير المصير. ومعلوم أن جبهة البوليساريو قد فشلت مؤخرا فشلا ذريعا في إقناع مجلس الأمن بفرض آلية جديدة ضمن بعثة المينورسو لمراقبة الوضع الحقوقي في الصحراء، بعدما كانت قد عبأت لهذه الخطة دعاية إعلامية واسعة النطاق. ويعتبر عدد من المراقبين أن فشل البوليساريو في هذه الخطة الاستراتيجية، أفقدها الكثير من معنوياتها على المستوى الدولي وعلى مستوى التعاطف المحلي لانفصالي الداخل، حيث كان السعي الممنهج لها؛ هو توفير مظلة لحماية شرذمة انفصالي الداخل، التي تقودهم المدعوة أميناتو حيدر، وبالتالي توفير أجواء التظاهر اليومي داخل إقليم الصحراء، وهو ما كان سيخلق ارتباكا كبيرا للمغرب، بعدما فقد جزء هاما من بريقه الديموقراطي، خاصة بعد فشل دبلوماسيته في التعاطي مع قضية أميناتو حيدر. وأوضحت الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو في بيانها الأخير أن "الحرب التحريرية التي يخوضها الشعب الصحراوي من اجل الحرية والاستقلال التي يشرعها له ميثاق وقرارات الأممالمتحدة قد شهدت وقفا لإطلاق النار باتفاق طرفي النزاع ورعاية الأممالمتحدة من أجل تنظيم استفتاء تقرير المصير. وبالتالي فأن جبهة البوليساريو "تحذر من أي انحراف للمينورسو عن هذا الهدف سيحولها من ضامنة للحل الديمقراطي العادل إلى حامية للظلم والاحتلال اللاشرعي. وأشار البيان إلى أن "الشعب الصحراوي بقيادة جبهة البوليساريو لا يمكنه التعامل مع المينورسو إلا من هذا المنطلق وفي إطار تنفيذ التزامات طرفي النزاع حسب قرار مجلس الأمن الدولي 690 لسنة 1990 الذي أنشأ هذه البعثة و حدد مأموريتها". وذكر البيان بأن قرار جبهة البوليساريو مراجعة علاقاتها مع المينورسو جاء نتيجة لعدم "تنفيذ هذه الأخيرة لمهمتها المتمثلة في تنظيم استفتاء تقرير المصير بعد عشرين سنة وكذا لعدم قيامها بواجبها الطبيعي المتمثل في حماية حقوق الإنسان" في الصحراء. ويعتبر عدد من المحللين أن ما جاء في بيان أمانة جبهة البوليساريو هو رد فعل طبيعي لتراجع معنوياتها القيادية والشعبية، بعد أن جاء قرار مجلس الأمن الأخير لصالح مقترح الحكم الذاتي المغربي. وأضاف المحللون أن جبهة البوليساريو تعيش على وقع تراجع معنوياتها وتراجع معنويات الجزائر حليفتها، وأن ما جاء في البيان إنما هو تجريح ضد الأممالمتحدة لاستدرار بعض من عطفها، عن طريق الإعلان عن استعدادها أن همومها قد تدفع بها للعودة إلى حمل السلاح، وهو نوع من الأساليب لحشد تعبئة شعبية داخلية، لما تحمله هذه التصريحات من دليل على أن قيادة البوليساريو لا تزال تقبض بيد من حديد على المطالبة بمبدأ تقرير المصير، وفيها رسالة واضحة إلى حلفائها بأنها لن تتراجع عن الخط الذي تعهدت به أمامهم. ويراد بجزء هام من هذه الردود الترويج للاستهلاك الإعلامي والدعائي الدولي في محاولة لنفض الغبار على مطالب الجبهة المتقادمة في تقرير المصير وتنظيم الاستفتاء بالصحراء ، حيث سبق أن أعادت الجبهة هذه التهديدات غداة تقديم بان كي مون لتقريره حول الصحراء، وهي التهديدات التي لم تستطع توجيه مواقف مجلس الأمن لتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو. ويتوقف المراقبون الدوليون عند انسجام موقف جبهة البوليساريو وأزمة العلاقات الدبلوماسية بين الجزائروفرنسا، وهو أمر واضح فيما عبرت عنه أمانة البوليساريو عن "انزعاجها وقلقها من موقف فرنسا، الذي وصفته بالمناقض لهذا التوجه عن طريق عرقلتها للحل السلمي والديمقراطي للنزاع الصحراوي المغربي وحمايتها للمحتل المغربي وانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان في الصحراء ،رغم شهادات وتقارير الهيئات المعنية. ووجهت الأمانة نداء إلى الدولة الفرنسية من اجل أن "تلعب دورا ايجابيا في تصفية الاستعمار من الصحراء "، كما طالبت الاتحاد الأوربي ورئاسته الحالية اسبانيا "بتحمل مسؤولياتها التاريخية والقانونية" عن طريق تجميد والامتناع عن توقيع أي اتفاق مع المغرب يمس الأراضي والمياه الصحراوية المحتلة". ويسجل المهتمون توقف الدعاية الإعلامية للبوليساريو حول حقوق الإنسان في الصحراء بعد فشلها الكبير، حيث اختفت البيانات الحقوقية والتعاطفات الجمعوية والمتابعة القوية لسجناء الستة في سجن سلا، وغيرها من التقارير الإخبارية عن الوضع الحقوقي داخل الصحراء، وقد برز ذلك واضحا في تراجع مساحاتها على وكالة أنباء البوليساريو، وكذا في تأخير الشق الحقوقي في بيان أمانة البوليساريو إلى آخر فقرة من البيان، حيث جاء فيه أن الأمانة تجدد مطلبها بضرورة "إيجاد آلية أممية فاعلة وكفيلة بضمان حماية حقوق الإنسان في الصحراء ، ومراقبتها والتقرير عنها" و كذا بضرورة "إزالة الجريمة ضد الإنسانية التي يجسدها الجدار العسكري المغربي الذي يقسم الصحراء الغربية أرضا و شعبا". [email protected]