تتقن صحف جزائرية دور "مُسقط الطائرات"، حيث لا تفتأ تلصق بالمغرب أية تهمة حتى لو كان بمنأى عنها، وتكون بذلك مثل التلميذ الذي لا يعرف من مادة الإنشاء سوى وصف الحدائق، فلما طُلِب منه في الامتحان الكتابة عن رحلة جوية، دبج بأن الطائرة أقلعت من المطار، لكنها سرعان ما سقطت في حديقة غَناء، ليُسهب في وصف ذات الحديقة. هذا التشبيه يجد مشروعيته في كون صحف جزائرية لم تتردد في ربط حادثة اعتداء تعرض لها مطرب الراي، رضا الطالياني، قبل يومين، في ألمانيا، بأن المغرب من يقف وراءها، باعتبار أنه تعرض لواقعة مماثلة منذ أشهر في مدينة أكادير بسبب موضوع الصحراء. وأفادت صحف جزائرية، لا يخفى على أحد قربها من الأجهزة العسكرية بالجزائر، بأنه من غير المستبعد أن يكون الاعتداء الجسدي الذي تعرض له مطرب الراي، الطالياني، في ألمانيا، من خلال كدمات في وجهه ورأسه، هو من فعل مغاربة أرادوا الانتقام منه لأنه رفض تأييد "مغربية الصحراء". ورغم أن مغني الراي نفسه لم يتهم أحدا، لا في تصريحاته الإعلامية ولا في تدويناته الفايسبوكية، سوى اعتذاره عن إحياء سهرات فنية كان سيقوم بها في مدن ألمانية، فغن الصحافة الجزائرية وجدت في الحادث فرصة سانحة لتوجيه الاتهامات الجاهزة إلى المغرب. وحرصت جريدة "الشروق"، في هذا السياق، على التذكير بأن صاحب أغنية "خبز الدار ياكلو البراني" تعرض لحادث مشابه في مدينة أكادير، منذ بضعة أشهر، حيث انهال مغاربة عليه بالسب والشتم في ملهى ليلي، قبل أن يتم رميه إلى الشارع من طرف عناصر الأمن. وتبعا لذات المصدر، فسبب حادثة أكادير يعود إلى طلب مغاربة من زبناء الملهى الليلي من الطالياني أن يغني ويهتف للصحراء بأنها مغربية، غير أنه أمام رفض مطرب الراي الجزائري لطلبهم، تعرض للشتم قبل أن يثطرد من المكان بدون أجر" وفق الصحيفة. واقعة أكادير التي استندت إليها جرائد جزائرية دفعت بها إلى الجزم بأن المغاربة أيضا هم من يقفون وراء الاعتداء على الطالياني لأنه يرفض الهتاف بمغربية الصحراء، مذكرة بأن الأمر وارد جدا في ضخم العلاقات السياسية المتوترة بين البلدين، بسبب دعم الجزائر لجبهة البوليساريو. وبدا الطالياني في صور خاصة، نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد علته كدمات ورضوض في وجهه وفكه ومقدمة رأسه، وذلك جراء شجار عنيف بين الطالياني وأحد زبائن الملهى الليلي في مدينة دوسلدروف الألمانية. هذه الحادثة دفعت الطالياني إلى إلغاء حفلاته التي كان سيقيمها في ألمانيا وبريطانيا أيضا، كما اعتذر من جمهوره من الجالية العربية في أوربا، وكتب تغريدة على توتير قال فيها "تعرضت لحادث اعتداء كدتُ أن أخضع بعده لعملية جراحية، أترككم على حب وسلام، من سريري بغرفة الفندق.. رضا الطالياني".