يتزايد القلق وسط كبار المسؤولين في الجزائر نتيجة استمرار تراجع أسعار النفط في السوق الدولي، والتخوفات الناتجة عن زيادة الضغط على ميزانية الدولة واحتمال تنامي حالة الاحتقان لدى الشباب الجزائري. وتعكس المؤشرات الأولية إلى انشغال كبار المسؤولين بكيفية تغطية العجز الكبير الذي سينتج عن تراجع مداخيل الدولة في الجزائر، التي نهجت سياسة "التهدئة" في تعاملها مع الأزمة الاجتماعية التي تجتاح البلاد، والتي يخشون من أن تمتد لتطال أوساط الجيش الجزائري. فقد سبق لعالم السياسة جاى اولفيدر، الذي طور مؤشرا لقياس مدى إمكانية حدوث انقلابات عسكرية، أن صنف مؤخرا دولة الجزائر في الرتبة 29 في ترتيب دول العالم الأكثر عرضة لوقوع انقلاب عسكري محتمل. وتزايدت مخاوف الجزائريين في ظل تحقق تحليلات جاي أوليفدر بعد انتقال الحكم في بوركينا فاسو للجيش، وهي الدولة التي صنفها المؤشر نفسه في الرتبة 35 بعيدا شيئا ما عن الجزائر. انهيار الجزائر لا يخفي الناشطون الحقوقيون والسياسيون الجزائريون تذمرهم من واقع الوضع السياسي للجار الجزائري، فقد وصف رمضان تعزيبت، الناشط السياسي المنتمي لحزب العمال، الوضع في الجزائر بالصعب، معتبرا أن "الوضع السياسي الراهن في بلادنا (الجزائر) مقلق وهناك تفشي الرشوة والفساد في مؤسسات الدولة”. الناشط السياسي المنتمي لحزب العمال قال إن هذا الوضع، الذي تمر منه الجزائر، هو "شبيه بوضع نظام مبارك (الرئيس المصري الأسبق) ولابد من وضع حد له قبل أن يؤدي بالدولة الجزائرية إلى الانهيار”. هذه التصريحات، التي أوردتها وسائل الإعلام الجزائرية نفسها على لسان سياسيين جزائريين، أجمعت على أن الوضع في الجزائر أضحى مقلقا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد جاء على لسان فيلالي غويني، رئيس مجموعة تكتل الجزائر الخضراء، أن "الوضع العام في البلد (الجزائر) مقلق ويدعو إلى الحذر والحيطة". واعتبر نفس المسؤول السياسي أن سياسة فرض الأمر الواقع من قبل السلطة الجزائرية لن تذهب بالجزائر بعيدا، محذرا من الاستمرار في اللجوء إلى التعامل الأمني المفرط الذي اعتبره أحد الأسباب المؤدية للتذمر وازدياد الاحتقان، مؤكدا أن السياسات المنتهجة من طرف المسؤولين في الجزائر لن تزيدا الأوضاع إلا تعقيدا. تعفن الأوضاع وفيما عاد رمضان تعزيبت، الناشط السياسي المنتمي لحزب العمال، إلى التأكيد على أن غموض الأفق السياسي، حذر في نفس الوقت من تعفن الأوضاع في الجزائر، رغم محاولة العديد من الأصوات الدفع بالشروع في حوار جاد بين الموالاة والمعارضة والسلطة الحقيقية في البلاد (أي المؤسسة العسكرية) من أجل تسوية الأزمة التي تتخبط فيها الجزائر. وتقول الطبقة الحاكمة في الجزائر إنها تحاول النهوض بالوضع الاقتصادي للبلاد، والتي شهد الكساد والجمود الاقتصادي في السنوات الأخيرة، فبالرغم من وعود الحكّام، فإن الجزائر يسودها تذمر شعبي واسع من الظروف المعيشية والاقتصادية والبطالة المتزايدة وخاصة بين أوساط الشباب الذين يضطرون للهجرة إلى الخارج وخاصة إلى الدول الأوروبية بحثا عن عمل. وتعاني الجزائر من هذه المشاكل بالرغم من توفرها على احتياطيات كبيرة من البترول والغاز الطبيعي اللذين يشكلان ما يقرب من 95 في المئة من صادراتها، ويسهمان فيما يقارب 70 في المئة من مداخل الدولة، كما لا يساهم الاقتصاد الجزائري في خلق وظائف، حسب تأكيدات الخبراء الاقتصاديين الجزائريين، الذين يؤكدون أن اقتصاد بلدهم يعتمد على إعادة توزيع الريع للعائدات النفطية في شكل نفقات اجتماعية متنامية. وتؤكد المصادر ذاتها أن هناك شرائح كبيرة من أبناء الطبقة الوسطى استفادت من المساعدات التي يقدّمها النظام، ولهذا السبب فهم يؤيّدونه، مردفين بالقول "يقوم النظام بتوزيع المال من دون أية خطة اقتصادية، بغية شراء السِّلْم الاجتماعي". المغرب.. مشجب مشاكل ولا يتوقف انتقاد النشطاء السياسيين على الوضع الداخلي للجزائر، بل يمتد إلى سياستها الخارجية التي تنتهجها خاصة اتجاه المغرب، فقد سبق للناشطة زهرة بوراس، أن وجهت انتقاذا لاذعا للسلطة بالجزائر، حيث وصفتها ب"العصابة" المكونة من المؤسسة العسكرية والمخابرات. وترى هذه الناشطة السياسية أن "المؤسسة العسكرية والمخابرات هي من يستفيد من الوضع الراهن بالجزائر من خلال خلق المشاكل والتوترات مع محيطها، كما هو الحال مع المغرب" معتبرة أن الجارة الشرقية للمغرب تسعى جاهدة لتصدير أزمتها الداخلية وتعلق شماعة مشاكلها على المغرب. وتشير بوراس إلى أن الطبقة الحاكمة الفعلية للجزائر، تنهج الهروب إلى الأمام، الذي يعتبر خطأ سياسيا واستراتيجيا ترتكبه الجزائر، وهو ما يغذي توقعات جاى اولفيدر.