من النظرة الأولى، لا يجد المتتبع مظاهر إضراب عام في شوارع الرباط، فالمحلات التجارية لا زالت تفتح أبوابها، والمقاهي مزدحمة كما هي العادة بروادها، وسيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة تتنقل ببساطة في الشوارع الكبرى، والحافلات تنقل مستعمليها داخل الرباط وضواحيها، وحركة الترام لم تتوقف، وكثير من المرافق الأخرى كالأبناك تفتح أبوابها للزبناء.. غير أن التدقيق في بعض القطاعات الحيوية، يُظهر فعلاً استجابة لقرار الإضراب الذي دعته إليه المركزيات النقابية، فالمؤسسات التعليمية فرغت تقريباً من تلاميذها وطلبتها، والمواطن لا يجد حتى من يختم على إمضائه في الجماعات المحلية، ولا أحد يتواجد ببنايات البريد غير رجال الأمن الخاص. ففي مجموعة من ثانويات الرباط، خرج التلاميذ من أقسامهم بعد أن تأكد لهم قرار الأساتذة بالمشاركة في الإضراب، في وقت أكد فيه بعض التلاميذ لهسبريس، أن عدداً من زملائهم لم يكلفوا نفسهم عناء الاستيقاظ في صبيحة اليوم الأربعاء، وكانوا متيقنين أن مؤسساتهم لن تشتغل. وقد انتشر التلاميذ في مجموعة من فضاءات الرباط لبعض الوقت، ومن بينها فضاء الجولان، سألنا أحدهم عن رأيه في الإضراب، فلم يزد عن اعتباره مناسبة لقليل من الراحة، في وقت تحدث فيه آخر عن أن التلاميذ يتفهمون قرار الأساتذة بالإضراب، لما أسماها وضعية صعبة يعيشها قطاع التعليم. ولم يتوقف الإضراب في حدود مؤسسات التعليم العمومي، بل شارك فيه الكثير من أساتذة المدارس الخاصة، محاولين بذلك درء الانتقادات التي كانت توجه لبعض الأساتذة الذين كانوا يضربون في القطاع العام ويعلمون في القطاع الخاص. وقد تكرّر منظر الإضراب في مدينة العرفان الجامعية، فالمعاهد والكليات لفظت مبكراُ الطلبة نتيجة غياب الكثير من الأساتذة. أما قطاع النقل العمومي، وخلافاً لما كان منتظراً، خاصة بعد بيان اتحاد نقابات قطاع النقل الحضري "ستاريو"، الذي أكد على خوض إضراب يومي 29 و30 أكتوبر، إلا أن الكثير من الحافلات في الربط بين الخطوط، وبالضبط من ساحة باب الأحد، حيث لم يحصل أي تغيير كبير على حركة النقل، وهو ما خلّف نوعاً من الاستياء عند بعض سائقي سيارات الأجرة الكبيرة، الذين كانوا يراهنون على إضراب خطوط الحافلات كي يستأثروا بكعكة النقل. وبالحديث عن سيارات الأجرة، يظهر أن الكبيرة والصغيرة منها استمرت في عملها بشكل عادي للغاية، حيث يمكن للمواطن أن يستقل الواحدة منها بسهولة عادية. وهو الأمر الذي تكرّر مع خطوط الطرام، الذي حافظ على سيره العادي، وتماشى مع بيان سابق لشغيلته، التي أكدت أنها لن تخوض الإضراب. وفيما يتعلق بخطوط القطار، فقد حافظت هي الأخرى على وتيرتها دون تغيير، وعاينت هسبريس انتظام الرحلات بمحطة الرباط-المدينة، ووجود العديد من القطارات التي تقل زبناء المكتب إلى وجهاتهم المنشودة. وكان عادياً أن تشارك الجماعات الحضرية في الإضراب، خاصة وأن القطاع التزم بغالبية الإضرابات التي تعلن عنها النقابات المنضوي تحتها، لذلك ظهر مثلاً مقر الجماعة الحضرية لمدينة الرباط فارغاً تماماً إلّا من رجل استقبال أخبرنا أن جميع خدمات الجماعة متوقفة اليوم. حديث هذا الرجل تكرّر في بناية البريد الرئيسية المتواجدة بشارع محمد الخامس، فمجموعة من المواطنين، ممّن نسوا موعد الإضراب، عبّروا عن تذمرهم من غياب خدمات البريد، خاصة وأنهم عوّلوا عليها لقضاء بعض الأغراض. وحسب تأكيدات مصادر من داخل المستشفى الجامعي ابن سينا، فإن غالبية المصالح مشاركة في الإضراب باسثتناء مصلحتي المستعجلات والإنعاش، ورغم إصرار بعض الموظفين على الحضور، إلّا أن المسستشفى بشكل عام يبقى على غير العادة، فارغاً من كثير من أطره. وفيما يتعلق بخدمة النظافة، فقد عاينت هسبريس استمرار عمل شاحنة لشركة SOS بمدينة سلا بشكل عادي، كما استمر عمل بعض الشركات الخاصة التي لها علاقة بالخدمات العمومية، ومنها شركة "ريضال" التي استمرت في استخلاص فواتير الماء والكهرباء، وكل الأسواق الممتازة.