في رد على قرار الدعوة لإضراب وطني يوم 29 من أكتوبر الجاري، حملت الحكومة المغربية النقابات الداعية له مسؤولية المس بالاستقرار الاجتماعي مؤكدة أنها "لن تقبل بأي إرباك لحرية العمل أو إضرار بمصالح المواطنات والمواطنين". وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي اليوم الخميس في ندوة صحفية عقبت المجلس الحكومي، إن "المحافظة على السلم الاجتماعي مسؤولية الجميع ومن يهدده فعليا هو من يلجأ إلى الإضراب غير المبرر"، معتبرا "ما ينعم به المغرب اليوم من سلم اجتماعي مسؤولية الجميع مع التأكيد على أن السياسات الحكومية مكنت من تقوية السلم الاجتماعي". ودعا الخلفي النقابات إلى الاتعاظ من التراجع الكبير لعدد المضربين والذي بلغت 26 في المائة ما بين النصف الأول من 2013 ونفس الفترة من سنة 2014، مسجلا أن عدد أيام العمل المفقودة جراء الإضرابات تراجع ب40 في المائة فيما ارتفع المؤشر المرتبط بنشاط المقاولات ب12,5 في المائة. وبعدما أكد "أن الإضراب حق دستوري مكفول"، عبر الخلفي عن أسف الحكومة "لهذه الخطوة التي لا تتفهم دوافعها وأسبابها"، مبرزا أنها "قد تلحق الضرر بالسلم الاجتماعي الذي تتميز به بلادنا في محيطها". الخلفي أشار في رده على النقابات، "أن الإضرابات لن تحل أزمة منظومة التقاعد"، مؤكدا عزم الحكومة "على تحمل مسؤوليتها في إنجاز هذا الإصلاح الحيوي والمتعثر منذ عشر سنوات، رغم ما ينتج عنه من كلفة مالية وسياسية مستبعدة في هذا المجال الخيار السهل بتأجيل الإصلاح وترك مواجهة تفاقم الأزمة إلى الحكومات المقبلة، وذلك سيكون ضدا على مصلحة المتقاعدين وتهربا من تحمل المسؤولية". وأضاف الوزير في هذا الاتجاه أن منظومة التقاعد تواجه مخاطر نفاد احتياطيات الصندوق المغربي للتقاعد، كاشفا أن "هذا الصندوق في استهلاك احتياطياته بدءا من هذه السنة، ومن المتوقع استهلاكها كلية وصولا إلى عجز مقدر ب135 مليار درهم في 2023 وذلك في حالة عدم إنجاز الإصلاح". واتهم الخلفي النقابات بأنها لم تقدم أي مقترح بديل وعملي، فضلا عن أن المشروع النهائي لإصلاح التقاعد لم يعتمد بعد، مما يجعل أي احتجاج يفتقد للمبرر، مشيرا إلى "أن الإدعاء بأن الحوار الاجتماعي مجمد غير صحيح، ذلك أن الحكومة عقدت سبع اجتماعات مع النقابات". وفي غضون ذلك قرر الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفيدرالية الديمقراطية للشغل، اليوم الأربعاء خوض إضراب وطني عام يوم 29 أكتوبر الجاري لمدة 24 ساعة في القطاع العام والجماعات المحلية وكافة المؤسسات العمومية ومؤسسات القطاع الخاص. وذكر بلاغ مشترك للاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفيدرالية الديمقراطية للشغل أن هذا القرار يأتي للاحتجاج على "التجاهل الحكومي للمطالب العادلة لعموم المأجورين المغاربة، وتعنتها في فرض منظورها التجزيئي والتراجعي لإصلاح أنظمة التقاعد واستهدافها لمأجوري القطاع العام لتأدية فاتورة أزمة الصندوق المغربي للتقاعد"، محملا الحكومة مسؤولية "تأجيج الوضع الاجتماعي جراء تعنتها في قراراتها اللاشعبية". وأضافت النقابتان أن هذا القرار يأتي للاحتجاج أيضا على "استمرار تدهور القدرة الشرائية جراء الزيادات المتتالية لأسعار المواد الاستهلاكية والطاقية وإقرار ضرائب جديدة، وتجميد الأجور، وإغلاق كل سبل تحسين الدخل" وكذا "استمرار خرق الحقوق والحريات النقابية والتسريح الفردي والجماعي للعمال وإغلاق المؤسسات الإنتاجية" و"تجميد الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية والتنكر للالتزامات في خرق سافر للاتفاقات" و"استفراد الحكومة في اتخاذ قرارات خطيرة تستهدف حقوق ومكتسبات الشغيلة (التقاعد - المقاصة...)". بدورها بررت المنظمة الديمقراطية للشغل خوض إضراب وطني عام يوم 29 أكتوبر الجاري، بكونه الذي يأتي تنفيذا لقرارات المجلس الوطني، يهدف إلى "مواجهة الحرب المعلنة على القدرة الشرائية للطبقة العاملة والفقراء والطبقة المتوسطة عبر الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات والمواد الغذائية والخدمات الاجتماعية والاتجاه نحو إعدام صندوق المقاصة وتنفيذ سياسة ضريبية غير عاجلة وغياب الأمن الوظيفي". وكانت نقابات الاتحاد المغربي للشغل، والكنفدرالية الديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، قد قررت يوم الثلاثاء الماضي خوض إضراب وطني إنذاري عام يوم 29 اكتوبر الجاري لمدة 24 ساعة في الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري والتجاري والصناعي والفلاحي وشركات القطاع الخاص بكل القطاعات المهنية. وأضافت هذه النقاباتأن هذا القرار جاء بعد سلسلة من الاجتماعات واللقاءات بالدار البيضاء على مستوى قياداتها، وبعد تدارسها لمختلف القضايا التي تهم الملف الاجتماعي حيث تم تسجيل "استمرار قيام أسباب الاحتقان الاجتماعي التي فرضت اتخاذ هذه القرارات النضالية" محملة الحكومة "وحدها تدهور السلم الاجتماعي ببلادنا".