بذل مكتب رئيس الدولة شمعون بيريس جهودا كبيرة في الأسابيع الأخيرة للدفع قدما بلقاء في مدينة الرباط مع ملك المغرب. العلّة مؤتمر دافوس الذي سيعقد في المغرب في السادس والعشرين من هذا الشهر، وهو مؤتمر اقتصادي اعتاد بيريس المشاركة فيه، وأن يحصد على نحو عام العناوين الصحافية كما حدث في مواجهته الشهيرة لرئيس حكومة تركيا اردوغان. طلب بيريس أن يلتقي هذه المرة الملك محمد السادس، وهو شيء كان يستطيع أن يمنح التفاوض السياسي المتعثر زخما آخر. فرحوا في المغرب أيضا بزيارة الرئيس. فهذه الدولة المضياف تحب استضافة ساسة كبار من البلاد بل زوار من اوساط الناس. فتقدير اليهود واسرائيل يرتفع من أسفل ولا يقف، رغم التقارير الصحافية الشديدة من المناطق ودعاية شبكات التلفاز العربية. زار سام بن شطريت، رئيس الاتحاد اليهودي ليهود المغرب، سوقا في مراكش في الاسبوع الماضي. سمعت التجار يقولون له: "منذ غادرتم أطفئت الأنوار". يفاجئ الملك محمد السادس اليهود في كل مرة من جديد. فقد استقر رأيه في الشهر الأخير على إنفاق ملايين الدولارات على ترميم مقابر يهودية، وضعها على هذه الحال ايضا أفضل كثيرا من شواهد القبور في جبل الزيتون. كذلك حراسة المؤسسات اليهودية والوفود التي تأتي ناجعة وقوية. أما شمعون بيريس فالمغرب يحبه حبا خاصا. فقد كان ضيف شرف للملك المرحوم حسن الثاني. بيريس رئيس شرف للجنة العامة في البلاد لتخليد الملك حسن. كذلك يُكنّ له الملك الحالي إجلالا عظيما بفضل عمله. قطعت المغرب العلاقات باسرائيل بعد أن صعد رئيس الحكومة السابق اريئيل شارون جبل الهيكل قبل عشر سنين. وقد فعلت ذلك عن غير شهوة. فالمغرب يريد الاتصال بنا لا الانفصال برغم جميع الضغوط حوله. ولم يُحمل على الملك محمد السادس قط تعبير يُضاد السياسة الاسرائيلية حتى في أصعب ايام الانتفاضة الثانية، أو عملية "السور الواقي" أو "الرصاص المصبوب". ولا يجوز أن ننسى للحظة أن محمد هو رئيس لجنة القدس في الجامعة العربية، وهو الشيء الذي يقتضيه التعبير في شؤون الخلاف على المدينة. لكننا كما نورط أنفسنا مع العالم كله، هدمنا بأيدينا زيارة مهمة لدولة عربية تُقدر اسرائيل واليهود حقا. فقرار نتنياهو على كسر التجميد والردود في العالم وفي الدول العربية كبح قصر الملك. ليس هذا وقت المصالحة. في مساء السبت الاخير جرى تلقي الرسالة النهائية في مكتب الرئيس وهي أن الملك لن يستقبل السيد بيريس. سيُسعد الملك بطبيعة الأمر أن يلقاه في فرصة اخرى. وسيفرح الملك اذا جاء بيريس ليخطب في المؤتمر في مراكش. رفض الرئيس بيريس بأدب. فاذا كان سيسافر فسيكون ذلك للقاء الملك. وألغيت الزيارة. من المعقول أن نفترض أن الرئيس استشاط غضبا في مسكنه وبحق. فهو يؤمن بأنه لو استمر تجميد البناء لكان اليوم في الطريق الى المغرب الرائع. في خطابه في الكنيست في يوم الاثنين صب بيريس جام غضبه على نتنياهو وزعم أن هذا "هو الوقت لزعامة تتخذ قرارات حاسمة تاريخية". كان بيريس الى ما قبل زمن قصير يؤمن بنتنياهو ولم يعد كذلك. وسنسمع بعدُ عن الازمة في العلاقات. فقضية المغرب الاخيرة تزيد القطيعة بين الاثنين. *معاريف الإسرائيلية