تناقش الحكومة الهولندية، اليوم الجمعة، مقترحا أعده لوذوايك أشار، نائب الوزير الأول ووزير الشغل و الشؤون الإجتماعية، يهدف الى إلغاء إتفاقية الضمان الإجتماعي القائمة بين هولندا والمغرب من طرف الجانب الهولندي.. وذات الإتفاقية القائمة بين المملكتين المغربية والهولندية، منذ سنة 1972، تؤطر حقوق العمال المغاربة المقيمون في هولندا وحقوق العمال المغاربة الذين رجعوا في فترة ما، للإستقرار في بلدهم المغرب، محتفظين بحقوقهم المنصوص عليها في الإتفاقية. الحكومة الهولندية، التي ترى أن ذات الإتفاقية تشكل حاجزا قانونيا يحصن حقوق المهاجرين المغاربة، أبلغت منذو سنتين نظيرتها المغربية برغبتها الملحة في تعديل الإتفاقية القائمة بين البلدين.. كما عمدت الحكومة الهولندية، قبل الحصول على موافقة المغرب ، إلى إصدار قانون يخضع عددا من التعويضات التي تصرف لمستحقيها المغاربة المقيمون خارج هولندا لمستوى تكاليف العيش في بلد إقامتهم. وبالنسبة للمغرب؛ حددت الحكومة الهولندية تكاليف العيش فيه ب60 في المائة مقارنة بهولندا.. وعملا بهذا التقدير، وبالقانون الجديد، شرعت في تخفيض التعويضات التي تصرف للمهاجرين المقيمين في المغرب بنسبة 40 في المائة مقارنة مع مستوى التعويض الجاري به العمل في هولندا مع الهولنديين و أيضا المنحدرين من المغرب. للوضوح، يتعلق الأمر هنا، في بداية الأمر، بتعويضات الأرامل وتعويضات أبناء المهاجرين المقيمين في المغرب، الذين يوجدون تحت كفالة أولياء أمورهم، سواء كان هؤلاء الأولياء بالمغرب أو في هولندا.. وبقية التعويضات، التي يخول القانون الهولندي الإحتفاض بها، في حالة عودة مستحقيها إلى بلدهم منها تعويض العجز عن العمل وتعويض الشيخوخة و تعويض التقاعد، استثنيت من إخضاعها لقانون "مستوى التعويض حسب تكاليف العيش في بلد الإقامة"، غير أنه لا يمكن أن يعتبر منطقيا إخضاع عدد من التعويضات لمستوى تكاليف العيش في بلد الإقامة وعدم إخضاع عدد آخر من التعويضات لنفس القانون. بعد تطبيق قانون مستوى التعويضين، لمستوى تكاليف العيش في بلد الإقامة، قامت عينة من ضحايا القانون الجديد، من أرامل المهاجرين وأولياء أمور الأبناء المقيمين في المغرب، مدعومة من طرف تنسيقية مناهضة تخفيض التعويضات في هولندا ومكتب مساعدة المهاجرين الذين رجعوا للإستقرار في بلدهم، بالإلتجاء الى القضاء الهولندي للطعن في قانونية إخضاع تعويضاتهم لمستوى تكاليف العيش في المغرب.. وقد أنصفهم القضاء بأن ألزم الحكومة الهولندية على أداء التعويضات كاملة، وبأثر رجعي. قبل أن يقول القضاء كلمته في الطعون المقدمة من طرف الضحايا، تم عقد عدد من اللقاءات بين مسؤولين مغاربة وهولنديين لمناقشة رغبة الحكومة الهولندية في تعديل الاتفاقية القائمة مع المغرب، و يظهر من الإقتراح الذي تقدم به وزيرالشغل و الشؤون الإجتماعية، الذي يقترح فيه إلغاء الإتفاقية من طرف واحد، أنه إستعصى على اللجنة المشتركة المغربية الهولندية الوصول الى إتفاق مرض للطرفين. ماذا يمكن أن تفعله الحكومة المغربية لثني نظيرتها الهولندية عن التراجع ضمن رغبتها في تعديل الإتفاقية وحماية حقوق مواطنيها المقيمين في هولندا، وحماية مصالح الذين عادوا منها للإستقرار في بلدهم؟.. هذا السؤال عبر عنه أكثر من دبلوماسي مغربي لتبرير صمت الرباط تجاه سياسة و رغبة الحكومة الهولندية بإنعدام آليات الضغط على دولة الأراضي المنخفضة.. ورطة وزير الشغل والشؤون الإجتماعية قانون تحديد مستوى التعويض حسب تكاليف العيش في بلد الإقامة أدرجته الحكومة الهولندية السابقة في برنامجها، وهي التي لم يكن في ائتلافها حزب العمل الذي ينتمي إليه وزير الشغل و الشؤون الإجتماعية الحالي لوذوابك أشار، بينما هو عمل، ويعمل في الحكومة الحالية، على تطبيقه.. و أكثر من هذا أدرج هذا القانون في برنامج الحكومة السابقة دون موافقة فريق حزب العمل. وزير الشؤون الإجتماعية، وفي حقيبته ملتمس صادق عليه برلمان بلده بعدما تقدم به الحزب الليبرالي الحليف لتنظيمه، فضل لوذوابك عدم إلغاء الإتفاقية القائمة مع المغرب كاشفا عن تخوفه من تعريض مصالح مختلفة لبلده للضرر في حالة إلغاء الإتفاقية مع المغرب.. بينما يستبق مناقشة مقترح إلغاء الإتفاقية تعبير صادر عن وزير الخارجية الهولندي، فرانس تيمارمانس، متخوف من تأثر العلاقات الدبلومسية بين هولندا و المغرب سلبا، وبالتالي تضرر المصالح الهولندية في المغرب.. كما أنهينك كامب، وزير الاقتصاد الهولندي الذي يعتبر من "صقور اليمين" داخل الحزب الليبرالي، أخبرسابقا زميله وزير الشغل و الشؤوون الإجتماعية أن المغرب يعتبر شريكا مهما للحكومة الهولندية في مجالات اقتصادية متعددة. تصريحات الوزراء الهولنديين الثلاث تكشف جليا عن عدد من آليات الضغط المتوفرة لدى المغرب، كما يمكن إعتبارها نداء مغلفا لإغاثة وزير الشغل و الشؤون الإجتماعية من ورطته، ومن إنتقادات تيار اليمين داخل البرلمان وفي المجتمع.. بينما عدم توظيف آليات الضغط المتوفرة في يد المغرب يعرض مصالح و حقوق الجالية المغربية لمزيد من الضياع. * نائب في البرلمان الهولندي ( 2003-2006) مدير إذاعة "كاب راديو" بالمغرب ( 2006-2007)