لا يبدو أن محنة المهاجرين المغاربة بهولاندا ستنتهي ولو بأحكام قضائية لفائدتهم، فالدولة الأوربية مصرة على تخفيض تعويضات الأبناء وتكشف عن عزمها تخفيض تعويضات أخرى. فقانون تحديد مستوى "تعويضات الأبناء" حسب تكاليف العيش في بلد إقامة المستهلك للتعويض المثير للجدل، الذي اعتمدته الحكومة الهولندية وشرعت في تطبيقه بداية السنة المنصرمة 2013، يشكل خرقا للاتفاقيات القائمة بين المملكة الهلندية ونظيرتها المغربية، ويجب إيقاف تطبيقه وتسديد المبالغ التي تم اقتطاعها من تعويضات مستحقيها بأثر رجعي. هذا ما ذهب إليه الحكم الصادر الأسبوع المنصرم عن المحكمة الإدارية بالعاصمة الهولندية، بعد دراسة عدد من الطعون المقدمة للمحكمة من طرف مهاجرين مغاربة. تخفيض تعويضات أبناء المهاجرين المقيمين في المغرب، شرعت الحكومة الهولندية في تطبيقه بعد إدراج مبدإ جديد لتحديد مستوى تعويضات الأبناء. في العقود الماضية ، عملا باتفاقية الضمان الاجتماعي كان حق الحصول على تعويض الأولاد ومستواه مرتبطا ببلد إقامة الأب وبمستوى التعويض الجاري به العمل في هولندا . القانون الجديد يربط حق الحصول على تعويض الأولاد ببلد إقامتهم و بمستوى تكاليف العيش فيها، حيث إنها المرة الثانية التي تتعثر فيها مساعي الحكومة الهولندية في تخفيض تعويضات المهاجرين المغاربة . ففي أواخر شهر غشت من السنة الماضية أصدرت المحكمة الإدارية حكما يلزم الحكومة بإلغاء تخفيض تعويض أرامل المهاجرين وأبنائهم اليتامى المقيمين في المغرب . تنسيقية الجمعيات المغربية في هولندا وقفت ضد إيقاف وتخفيض التعويضات ، وتقبلت بفرح و ارتياح كبيرين الحكم الصادر في نهاية الأسبوع الماضي عن المحكمة الإدارية، و تثمن حرية و استقلال القضاء في هولندا، كما توصي التنسيقية بضرورة التزام الحذر و اليقظة لأن الحكومة الهولندية تواصل إعداد قوانين أخرى لتذليل العراقيل التي وضعها في طريقها القضاء الهولندي في ما يخص تخفيض التعويضات، وفق بلاغ توصلت به الجريدة من تلك التنسيقيات النشيطة في هذا المجال. إلا أن فرحة هؤلاء بالحكم لم تطل، فقد سارعت الحكومة الهولندية إلى استئناف الحكم الذي صدر في 22 غشت من السنة الماضية في ملف تخفيض تعويضات الأرامل ، كما أعلن وزير الشغل والشؤون الاجتماعية أن الحكومة تفكر في الاستئناف ضد الحكم الذي أصدرته المحكمة يوم 10 يناير الجاري، في ملف تخفيض تعويضات الأولاد. وزير الشغل و الشؤوون الاجتماعية ( لوذوايك أشار) صرح في تعليق على الحكم الذي صدر عن المحكمة الإدارية ، أنه لا زال عازما ومتمسكا بتطبيق قانون يحدد مستوى التعويض، حسب تكاليف العيش في بلد إقامة المستهلك ، دون الكشف في تعليقه عن الكيفية التي يفكر فيها لتخطي الحواجز القانونية التي أوقفت سعيه في إسقاط حق المهاجرين في الحصول على تعويضاتهم كاملة. وزير الشغل و الشؤون الاجتماعية يعلل تعرضاته بكون الحكم الذي أصدرته المحكمة يوم 10 يناير سيكلف الخزينة الهولندية ما يقارب ستة ملايين أورو، إلا أن تكاليف العناية الصحية و التعويضات الأخرى التي لم يذكر الوزير نوعيتها ولا اسمها ، والتي يفهم من تعليقه أنه يريد إخضاعها أيضا لقانون مستوى التعويض حسب تكاليف العيش في بلد إقامة مستهلكيها ، ستكلف الخزينة الهولندية عشرات الملايين . ومن جهة أخرى يوجد أمام الغرفة الأولى التي ينتظر موافقتها قانون جديد أعدته حكومته ، يلغي كليا حق الحصول على التعويضين ( تعويض أرامل المهاجرين وأبنائهم اليتامى وتعويض الأولاد) القاطنين خارج هولندا وخارج دول الاتحاد الأوروبي.