دبج الدكتور مصطفى بن حمزة، رئيس المجلس العلمي لوجدة وعضو المجلس العلمي الأعلى، بحثا حول قضية الدعوة إلى تسوية المرأة بالرجل في الإرث، خص به جريدة هسبريس، أورد فيه ما رآه مختلف عناصر التصور الصحيح عن إرث المرأة في الإسلام. وبسط بنحمزة، في المقال الذي تنشره هسبريس على مدار ثلاثة أجزاء، بعد بحثه السابق حول الدعوة إلى تعديد الزوجات، مجموعة حقائق أساسية أكد عالم الدين أنه يتعين استيعابها لفهم نظام الإرث وتوزيع الثروة في الإسلام. وهذا نص الحلقة الأولى من مقال الدكتور مصطفى بن حمزة: يعرف خبراء الاستمالة والاستهواء ما يمثله التلويح بالحصول على المكسب المالي من قوة جذب واستدعاء للمشاريع المعروضة، فلذلك يحرص الداعون إلى بعض المشاريع الفكرية على استدماج إمكان الحصول على مكسب مالي، وعلى إقناع المستهدف بالخطاب بأنه ضحية ظلم اجتماعي وقع عليه فسلب بسببه حقوقا مالية يجب أن يستردها. وكثيرا ما أعمل هذا المبدأ في التعامل مع قضايا المرأة على الرغم من أن المرأة قد تعرضت فعلا إلى ظلم اجتماعي مس آدميتها وكرامتها حينما وظفت أنوثتها وسوقت بها كل البضاعات الراكدة، وأمعنت بعض القوانين في مساومتها على اختياراتها من أجل الحصول على حق مشروع، وتدخل الرجال في لباسها، وجعلوا نوعا منه يرتضونه شرطا لازما لولوج بعض المواقع المهنية، وجعلوا قوامها ولونها وابتسامتها المفتعلة رغم ما قد يسكن قلبها من حزن عميق شرطا أساسا في تشغيلها في أعمال لا تعتمد على كفاءتها الفكرية أو قدرتها العلمية، وإنما تعتمد أساسا على أنوثتها وخصائصها الفزيولوجية. وقد كان المفترض أن تكون هذه المظالم هي موضوعَ الدفاع عن المرأة لأنها تمس كينونتها وكرامتها. لكن البعض صور للمرأة أن ظلمها جاء من أحكام الشريعة، وأن من سطا على حقها هم أقرب الناس إليها، زوجها الذي يمتنع عن منحها نصف ثروته إن هو طلقها من نفسه أو دعته هي باختيارها ورضاها إلى التطليق، وأخوها الذي يرث ضعف ما ترث، وبهذا تسرب التآكل والصراع إلى العلاقات الأسرية، وسعى إلى أن يلغي علاقاتها التراحمية، ومن ثم وجب تقويم حقيقة الدعوة إلى تسوية المرأة بالرجل في الإرث باستعراض مقررات علم المواريث كما هي في مصادرها المتخصصة. وقد أضيفت إلى تلك المصادر الأصيلة دراسات جديدة لا تستعرض جزئيات الإرث، وإنما تقدم تقويمات عامة عنه، ومن جملتها ما قدمه الشيخ محمد سالم ولد عدود، وما كتبه د. صلاح الدين سلطان وغيرهما مما لا يخفى مكانه من المواقع الإعلامية. ومن أجل استكمال كل عناصر التصور الصحيح عن قضية إرث المرأة في الإسلام، فإنه لا بد من التوطئة بتقديم حقائق أساسية يتعين استيعابها لفهم نظام الإرث وتوزيع الثروة في الإسلام. الحقيقة الأولى: إن توزيع الحقوق في النظام الإسلامي له صلة وثيقة بالوظائف التي ناطها الإسلام بالأفراد وألزمهم بها ضمن نظام اجتماعي عام، لا علاقة له البتة بقضية الكرامة أو الإهانة، فإذا منح الإسلام فردا غير ما منح غيره، فإن ذلك لا يعني أن الله أكرمه أو أن الشريعة انحازت إليه، ويشهد لهذه الحقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم المغانم يوم حنين، أعطى الفرس سهمين وأعطى الفارس سهما واحدا. [ كتاب الخراج لأبي يوسف ص 18 ] ولم يستخلص من هذا التقسيم أن الإسلام يكرم الحيوان ويفضله على الإنسان، لأن المعتبر في تلك القسمة هو توفير تغطية مالية للكلفة التي تتطلبها رعاية الفرس. إن تفضيل الرجل على المرأة في الإرث في الحالات القليلة التي سأوضحها يقابله جملة تكاليف كلف بها الرجل منها: الإنفاق على الزوجة وعلى الأبناء القاصرين، وتحمل ما يترتب عليهم من الحقوق المالية بسبب اعتدائهم أو إلحاقهم الضرر بالآخرين مما يوجب الضمان في قيم المتلفات والتعويض عن الأضرار، ومنها الإنفاق على الأبوين الفقيرين، وتكفله بإخوته الأيتام القاصرين، في حين أن أخته قد لا يتيسر لها ذلك، لأنها قد تكون مرتبطة بزوج قد لا يقبل أن يضم إليه إخوتها القاصرين، ويضاف إلى ذلك واجبات عديدة ألزم بها الشرع الرجال منها: المساهمة الجماعية في أداء الديات تضامنا في حالة القتل الخطأ، وهو ما يعرف بالدية على العاقلة، وأداء الدية تضامنا كذلك في حالة ما إذا وجد قتيل داخل محلة ولم يعرف قاتله، وهو ما يعرف فقهيا بالقسامة. وإلى جانب ذلك فقد يدعى الرجل اجتماعيا إلى أن يبذل نفقات مالية إضافية تطلب منه من أجل دعم ذوي رحمه والحواشي من قرابته في حالة مرضهم أو ترتب حقوق طارئة أو ديون عليهم. وإذا قيل إن نظام العاقلة قد انتهى فإن هذا يدحضه أن الناس لا زالوا يشتركون متضامين في أداء الديات في كثير من حالات القتل. على أن التعليل بالإنفاق ليس هو التعليل الأوحد لمنح الرجل أكثر مما تأخذه المرأة في الإرث في الأحوال الخاصة، إذ هناك تعليلات أخرى يمكن إيرادها، ومنها: مراعاة نفسية الأشخاص والأسر التي قد ترفض نقل ملكيتها إلى أسر أخرى لا تحمل اسم عائلة الموروث، وتتكون من أبناء البنت أو الأخت الذين يحملون أسماء آبائهم، فإذا آل الإرث إليهم تصور من سيورث أن ماله سيؤول إلى أسرة أخرى، ولذلك يعمد كثير ممن يحتالون على نظام الإرث في الإسلام من الرجال والنساء إلى تفويت أموالهم إلى أبنائهم الذكور ببيوع صورية أو صدقات وهبات، وهم لا يقصدون بذلك إلا حرمان البنات. وهذا التصرف ليس خاصا بالمسلمين، ويشهد له عند غيرهم أن الكثير من الأسر في أوروبا وغيرها تحافظ إلى الآن على ملكيات عائلية قديمة سواء كانت قصورا أو قلاعا أو أبراجا أو مكتبات أو وثائق أو تحفا أو لوحات فنية أو أوسمة أو نياشين، أو مجوهرات نادرة، أو أسلحة قديمة، أو مؤسسات تجارية. ولو أن المرأة نالت حظها منها لأدخلت في ملكيتها أبناءها الذين قد ينتمون إلى أسر أخرى فينقلون إليها ما ورثوه عن أمهم. ومراعاة لهذا الشعور الذي قد يفضي في بعض الأحيان إلى حرمان مطلق للمرأة من الإرث، فقد لطف الإسلام من نزعة التملك بأن منح المرأة أقل مما يرث أخوها في بعض الحالات لتسخو به النفوس، ولا يحتال الناس على إرثها، والملاحظ أنه ما زالت وإلى الآن بعض القبائل التي تحكمها أعراف خاصة تمتنع عن تمكين المرأة من حظها من الإرث، بل وتمنع أي فرد من أفرادها من أن يبيع عقارا شخصا أجنبيا عن القبيلة. وتستعمل ضده حق الشفعة العرفي لفائدة القبيلة، (علال الفاسي دفاع عن الشريعة ص: 163 – 164 -165 دار الكتاب المصرية 2011) وقد أقرت الحماية الفرنسية كل الأعراف القبلية ودافعت عنها، لكنها رفضت مبدأ شفعة القبيلة، لأنه كان يحول دون أن يتغلغل الملاكون المعمرون الفرنسيون في ملك القبيلة. وحين يصر الناس على حرمان المرأة من الإرث بالتصرفات السابقة، فإن القانون يقف عاجزا عن حمايتها، لأن كل التصرفات تكون قد تمت وفق صورة قانونية مظهريا. والأكيد أن الأمر سيستفحل أكثر لو فرض أن تأخذ المرأة مثل حظ أخيها، وحين ذاك قد لا تنال شيئا. وقد كان الواجب هو تظافر الجهود من أجل إزالة كل العوائق التي تحول دون استفادة المرأة من إرثها المشروع بدل إطماعها بسن قوانين تمنحها مثل إرث أخيها، وحينذاك لن يعدم الناس حيلا ووسائل كثيرة لحرمانها مثلما هم قادرون حاليا على حرمانها من حقها المشروع بنصوص القرآن الكريم لأنه. كلما أنبت الزمان قناة ركب المرء في القناة سنانا ولأن قدرة الإنسان على الاحتيال والإلتواء على القوانين وتطويعها لأغراضه هي أكبر من قدرته على صوغها وإصدارها. وعلى العموم فإن نجاح القوانين يتأسس على اقتناع أفراد المجتمع بصحتها وقدرتها على تقويم الخلل وضمان الحقوق، وإلا فإن بعض القوانين ستصير مجرد مظهر تجميلي يقدم للغير، وقد قدم الواقع مثالا على أن دعوى مطالبة المرأة بالحق في المال المكتسب خلال الحياة الزوجية لم تكن حقيقية، فلذلك لم يكن لهما أثر في الواقع العملي بعد أن نصت المدونة على إمكان الاتفاق على اشتراك الذمة المالية في عقد خاص مصاحب لعقد الزواج. لأن معظم الأسر كانت ترى أن عقد الزواج هو أسمى من أن تثار بين يديه قضية المكاسب المالية، ومن ثم قل توقيع عقد الاشتراك أو الالتفات إليه بالمرة. الحقيقة الثانية: إن المساواة التشريعية بين الرجل والمرأة مؤصلة بنصوص عديدة منها قوله صلى الله عليه وسلم: "... إن النساء شقائق الرجال "[ سنن الترمذي أبواب الطهارة باب فيمن يستيقظ فيرى بللا...] ومنها قاعدة أن عموم الخطاب الشرعي يشمل النساء والرجال على حد سواء, لكن من تمام العدل أن تشمل المساواة الحقوق والواجبات معا، أما إذا وقعت المساواة في الحقوق واختلت أو انعدمت في الواجبات، فإنه ليس بالإمكان تحققها أصلا، فلو أن إنسانا قسم مالا على أبنائه الأربعة مثلا، وأعطى كل واحد منهم مائة ألف درهم، لكنه كلف أحد الأربعة بأن ينفق على أمه ويتولى علاجها وحده دون إخوته، فإن هذا التكليف الإضافي تختل به المساواة، ولا تتحقق إلا بأن يعفى هذا الولد من هذا التكليف الإضافي الذي ألزم به، أو يضاف إليه مبلغ مالي في مقابل ما كلف به من أجل أن يغطي به نفقاته. وهذا ما يقع تماما في حالة تقسيم الإرث في الإسلام، فتكون الإضافة في مقابل الكلفة الإضافية. الحقيقة الثالثة: وهي تتلخص في أن توهم التفاضل بين المرأة والرجل في الإرث على أنه قاعدة مطردة هو تصور خاطئ في إدراك نظام الإرث في الإسلام، أو هو إيهام مقصود بتلك الأفضلية المطلقة لتأسيس تصور غير صحيح عن مظلومية المرأة في الإسلام، ذلك بأن الحالات التي يرث فيها الذكر ضعف ما ترثه المرأة في مستواه لا تمثل إلا نسبة 16.33 من مجموع حالات الإرث، ولا صحة مطلقا لكون الذكر يرث ما ترثه الأنثى دائما، والصورة الإجمالية لإرث المرأة مع الرجل هي: 1. أن ترث المرأة نصف ما يرثه الرجل، وذلك في أربع حالات من مجموع حالات الإرث، مع ملاحظة أن ذلك التفاضل نفسه لا يتحقق إلا حينما تجتمع المرأة مع نظيرها الرجل في فريضة واحدة، أما إذا انفرد واحد منهما فإن الأمر مختلف جدا، إذ قد ترث الأخت الشقيقة مثلا أكثر مما يرث الشقيق كما سأبينه. 2. أن تتساوى المرأة مع الرجل في الإرث. 3. أن ترث المرأة أكثر مما يرث الرجل. 4. أن ترث المرأة ويحرم الرجل في درجتها. الحقيقة الرابعة: لا يوجد في جميع نظم الإرث، أو نقل الأموال من الأموات إلى المستحقين بعدهم نظام تسعد فيه المرأة باستحقاق حظ من المتروك أكثر مما تستفيده في نظام الإرث الإسلامي. والرؤية العلمية الكاملة والمحيطة بكل جوانب إرث المرأة لا تتأتى من خلال الوقوف في زاوية ضيقة عند صورة جزئية، هي صورة مقابلة امرأة بنظيرها في حالات إرثية محدودة، وإنما يجب موضوعيا ومن باب الأمانة العلمية توسيع مجال الرؤية واستحضار مجموع أحوال إرث النساء ضمن شبكة الإرث، وحينذاك ندرك أن عدد من يستفيد من الإرث من جميع النساء هو أكبر منه في أي نظام ديني أو وضعي آخر، لأن الوارثات من النساء في الإسلام عشر، هن: الأم، والزوجة، والبنت، وبنت الإبن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والجدة أم الأم، والجدة أم الأب، وأمهاتهما. فإذا قارنا هذا ووازناه بما تستحقه المرأة في نظم الإرث غير الإسلامية أو في تعويضات التأمينات أو الضمان الاجتماعي التي يستحقها ذوو الحقوق بعد موت الموروث لم يكن هنالك وجه للمقارنة أصلا، إذ لا تذكر في تلك النظم أخت لأب، أو لأم، أو جدة لأب، أو لأم أصلا، ولا تستحق واحدة منهن شيئا من التعويضات التي تسلمها صناديق الضمان الاجتماعي بعد وفاة المنخرط، لأن مفهوم الأسرة لدى صناديق الضمان الاجتماعي ينحصر في الزوج والزوجة والأبناء لا غير، ومن ثم لا تنال الأم أو الأخت وغيرهما شيئا، رغم أن المتوفى قد يكون متكفلا بهما، وقد لا تستفيد أي امرأة أخرى من نظام التأمين إذا لم تعتبر متضررة من وفاة المؤمن، وإذا اختار المؤمن أن يصرح باستحقاق شخص آخر غريب عن الأسرة للتعويضات، فإنه يحل محل الوارثين ذكورهم وإناثهم. وفي نظم دول غربية عديدة تحرص الدولة فيها على عدم تقسيم الأراضي الفلاحية، تفاديا لتفتيتها، فإنها تمنحها من أدلى من الورثة بحجج تثبت أنه كان مشتغلا بالفلاحة، وكثيرا ما يكون الرجال هم الذين يتوفرون على هذه الحجج، فيستبدون بالمتروك. ومثل هذه الحالة في المغرب حالة وجود ورثة لمن سبق لهم أن استفادوا من الأراضي الفلاحية التي وزعتها الدولة على بعض المواطنين في إطار الإصلاح الزراعي، فإن النظم المعمول بها تقضي بأن يكون المتعاقد معه فردا واحدا، فإذا لم يكن المستفيد قد تملك الأرض رسميا من قبل، فإن اللجنة الإقليمية المختلطة، قد تسند الأرض بناء على تقديرها لأحد الأبناء ممن يفترض فيه أنه أصلحهم، وقد تسندها إلى الزوجة. وقد نص الفصل 15 من ظهير 7 يناير 2005 المتعلق بتفويت بعض القطع الأرضية الفلاحية أو القابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص إلى مستغليها بصفة منتظمة، على أنه في حالة وفاة الشخص المسلمة إليه القطعة وأموال التجهيز اللازمة لاستغلالها تسلم لوارث واحد من ورثته، ما عدا إذا استرجعت الدولة القطعة طبق الشروط المحددة في الفصول التالية: ويتحتم على الوارث المسلَّمة له القطعة الأرضية أن يؤدي لباقي الورثة قيمة حقوقهم. ومعنى هذا أن باقي الورثة بنسائهم ورجالهم لا يستحقون إلا ما يمنحهم أخوهم أو أمهم من تعويض على وجه المواساة لا غير، وكثيرا ما يخلف هذا الإجراء خصومات عائلية عديدة، لأن منح أي تعويض قد لا يساوي الرغبة في امتلاك الأرض والاحتفاظ بها واستغلالها وانتظار ارتفاع قيمتها التجارية، وهذه حالة لم يخطر ببال أحد أن يدعو إلى تسوية المرأة بالرجل فيها، وهي بالتأكيد حالة ناشئة عن تطبيق قوانين وضعية لا عن تطبيق أحكام شرعية. وفي حالة استيلاء الرجال على الأراضي السلالية، فقد جرى العرف الظالم بمنع النساء من الاستحقاق لاعتبارات وهمية، وقد كان الأولى بمن يدعم مطالب النساء أن يدعم بالقوة نفسها استفادتهن من الأراضي السلالية، لأنه لا سند من الشريعة لأن يختص الرجل بالاستفادة من الأرض دون أخته، مع أنهما يدليان إلى المتوفى بالسبب نفسه وهو بنوتهما له، وقد استمرأ البعض هذا الوضع وقبل به ثم التفت إلى أحكام الشريعة ليتهمها بالانحياز إلى الرجال، وقد منع البعض من أن يدافع عن حق المرأة أنهم قد امتلكوا قديما عقارات بموجب هذا التقسيم، وبنوا عليها ثروتهم، فعز عليهم التنازل عنها. الحقيقة الخامسة: وهي تتمثل في أن العشر الوارثات من النساء لهن غالبا حظوظ مقررة من الإرث، وكثيرا ما يكون إرثهن بالفرض أحظى لهن، والفروض المقررة في نظام الإرث في الإسلام هي: ال 2/3 وتستحقه بنتان وبنتا ابن والأختان الشقيقتان أو لأب، ولا يستحقه أي رجل مع أنه أكبر الحظوظ، ونسبة استحقاق النساء منه هي 100 %. حظ ال 1/2 وتستحقه البنت وبنت الإبن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، ولا يستحقه من الرجال إلا الزوج، إذا لم يكن للمتوفى فرع وارث، وتكون نسبة استحقاق المرأة من هذا الفرض هي 80 %. حظ 1/3 وتستحقه الأم والإخوة لأم، والأخوات لأم، ونسبة استحقاق النساء 75 %. حظ 1/6 تستحقه الأم، والجدة، وبنت الإبن، والأخت لأب، والأخت لأم، والأخ لأم، والأب، والجد. ونسبة استحقاق النساء منه هي 62.5 %. وحظ 1/4 تستحقه الزوجة، والزوج فتكون نسبة استحقاق المرأة 50 %. وحظ 1/8 تستحقه الزوجة دون غيرها، ونسبة استحقاقها 100 %. ويبقى حظ الزوجة والبنت والأم محفوظا فلا تحجب واحدة من هؤلاء حجب إسقاط ومثلهن من الرجال الذين لا يحجبون: الزوج، والإبن، والأب. وهؤلاء جميعا هم أقرب الناس إلى المتوفى. الحقيقة السادسة: وهي أن الشريعة لما حددت حظوظ النساء في الإرث وجعلتها فروضا تخرج من التركة قبل أن ينال ذوو التعصيب ما يفضل لهم، فإنها قد حمت تلك الحظوظ من جهة أخرى، فلم تجز لصاحب المال أن يتصرف في ماله بالوصية إلا في حدود الثلث، ولم تجز له كذلك أن يوصي لوارثه، فإذا أوصى شخص بكل ماله، فإن وصيته لا تنفذ إلا في حدود الثلث، ويعاد الثلثان إلى الورثة إلا إذا أجازوها. أما في نظم أخرى، فإن بإمكان الشخص صاحب الإرث أن يحرم أبناءه وبناته جميعا، فيوصي بجميع ماله لمؤسسة أو لشخص طبيعي أو لحيوان، وقد لا يكون قصده من ذلك الإيصاء إلا حرمان الورثة ومعاقبتهم لأنهم أهملوه حيا.