يحاول كتاب " مفهوم الدولة الإسلامية، أزمة الأسس وحتمية الحداثة" للباحث المغربي امحمد جبرون، والصادر حديثا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن يستنبط مفاهيم وأصولا قادرة على التكيف مع متطلبات التحديث السياسي، كالبيعة والعدل والمعروف، وتكون بديلًا تاريخيًا من "دولة العصبية" التي انتهى زمانها، ومن الدولة الحديثة التي نشأت تحت رعاية الاستعمار. إن الدولة الإسلامية، بحسب جبرون، ليست دولة الخلافة وليست دولة سلطانية، وليست دولة شريعة، إنما هي " دولة الوقت"، أي أنها أحد تطبيقات الدولة – الأمة في العالم المعاصر. ويلاحظ أن أطروحة هذا الكتاب قامت على أساس فرضية مفادها أن سؤال "الإسلامية" الذي ملأ الدنيا ليس هو المشكلة الحقيقية، بل هو مجرد مظهر لمشكلة أعقد وهي مشكلة العطب الإصلاحي _التاريخي الذي حدث قريبًا من عهدنا خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. ويرى الكتاب، الواقع في 392 صفحة من القطع الكبير، أن أصل الخلل في تصور إسلامية الدولة يكمن في منهج قراءة الإسلاميين للنص الشرعي، القرآن والسنة، والذي يعطي الأولوية للجزئيات على الكليات وللأحكام بدل الحكم. وقد سعى هذا الكتاب لتجاوز هذا الخلل عن طريق السعي نحو تحرير النص الشرعي من التاريخ وآثار الثقافة العالقة بالفهم الموروث. ويحمل الكتاب دعوة لإصلاح السياق السياسي ودمقطرته، وهو ما يوجب علينا بمختلف تياراتنا من أجل التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي، كما يختم الكتاب بدعوة كل من العلمانيين والاسلاميين بإعادة تعريف ذواتهم وصوغ رسالاتهم بما يوافق استحقاقات المرحلة التاريخية الجديدة إن هم أرادوا الحضور في المستقبل".