أجل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المنعقد اليوم في دورته الثانية والأربعين، المصادقة على رأيه الخاص بمشروعي قانون يتعلقان بأنظمة المعاشات المدنية، إلى دورة استثنائية، والذي أحالَه عليه رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، في فاتح غشت الماضي. وقال مصدر مطلع لهسبريس إن تأجيل المجلس، الذي يرأسه نزار بركة، للتصويت على الرأي الذي ينتظره رئيس الحكومة بفارغ الصبر، مرده التخوف من تصويت أعضاء المجلس ضد مشروع الرأي، وخصوصا في ظل النقاشات الحادة بين أعضائه. ووقفت هسبريس على نقاشات حادة على مدى أربع ساعات، وخصوصا حول العديد من النقط الخلافية، ومنها بالأساس الرفع من سن التقاعد، مضيفا أن من الثغرات القانونية التي واجهها المجلس هو أنه ليس له حق التحفظ على أي رأي طلب منه. ويهم الرأي الذي طالبت به الحكومة الإجْراءاتِ التي تُعتبر استعجاليةً، واعتمدتها بهدفِ القيام بإصْلاحِ مقياسيّ لنظامِ المعاشات المدنيّة، الذي يُشرف على إدارته الصنْدوق المغربيّ للتقاعد، حيث ترُومُ هذه التدابير حسب رأي المجلس تأخيرَ أَجَل العجْز الذي يُعاني منْهُ هذا النّظام إلى فترةٍ تمتدّ إلى حواليْ عشرِ سنوات، وتخفيض عجْزه الضمنيّ. شمولية الإصلاح وطاولة الحوار الاجتماعي وأكد مشروع رأي المجلس الذي يرأسه الاستقلالي نزار بركة على ضَرُورة إدراجِ الإجراءات الحكومية في سياق مُقاربة للإصْلاحِ الشامل لأنْظمة التقاعد، معتبرا الطبيعة الاستعجالية، التي يؤكّد عليها جميع الفاعلين، للانخراطِ في مستوى أوّل من إصْلاح نظامِ المعاشات المدنيّة دون إغفال البعد الشموليّ للإصلاحِ. وفي هذا السياق أشار المجلس أن توصياته المتعلقة بالتدابير الخاصّة بنظام المعاشات المدنية، تستند على المبدأ القاضي بكوْنِ جميع التدابير يجبُ أنْ تندرجَ في إطار مقاربة الإصلاح الشموليّ لأنظمة التقاعد، داعيا إلى نوع من الانسجام والاستمرارية مع التوافق المكتسب في إطارِ أشغال اللجنة الوطنيّة المكلفة بإصلاح قطاع التقاعد، التي انطلقت منذ سنة 2004. وذكر المجلس الحكومة في هذا المجال بأهمّية الحوار الاجتماعيّ مع الفُرقاءِ الاجتماعيّين، باعتبارهِ ضمانة للانخراط ولإنْجاح أيّ إصْلاح، مشددا على ضرورة الأخذ بعن الاعتبار كافّة جوانبه، الماليّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، والكفيل بإدراج الإصلاح الشّموليّ في أفق مُستدام ومُتحَكَّمٍ فيه. وأكد مشروع الرأي على ضرورة الحرْص المتواصل على ديْمومة أنْظمة التقاعد، مع احترامٍ مبدأ التسعير العادل والتدْبير الاقتصادي السليم، مشيرة إلى الاقتسام العادل لعبْءِ المُساهمة، بما يتماشى مع المَعايير الدّولية. رفع السن ل65 بالتدرج وبعد 10 سنوات دعا مشروع رأي المجلس الحكومة إلى اعتماد مقاربة تدريجيّة ومُمتدَّة على أفق زمنيّ يتراوح ما بين 8 و10 سنوات، للوصول إلى الهدف المنشود وهو سنّ 65 سنة، منبها للأثر على الأجيال القادمة من المنخرطين، والتي من المتوقّع أن تُحال على التقاعد في غضون السنوات الثلاث القادمة. وفي هذا الصدد، يقترح المجلس اعتماد وتيرة جدّ بطيئة في مرحلة أولى تقوم على 6 أشهر كلّ سنة خلال الخمس سنوات الأولى من تنفيذ الإجراء، ووتيرة أسرع خلال السنوات الموالية. وطالب مشروع الرأي بضرورة فتح الباب في وجْه أولئك الذين يرغبون في استباقِ تدرّجهم، والاستمرار في مزاولة العمل إلى حين بلوغهم السنّ المنشود والذي هو 65 سنة. ودعا إلى مواكبة هذا الإجْراء بحوافز، سيّما عن طريق إحْداثِ مستوى جديدٍ في الوظيفة العمومية يفتح أمام الموظفين، خلال 5 سنواتٍ إضافيّة، إمكانيّة مواصلة تحسين أجورهم، وقاعدة احتساب معاشاتهم. رفع نسبة المساهمة من 20% إلى 28% في علاقة بمقترح رفع نسبة المساهمة من 20% إلى 28%، أكد المجلس على ضرورة الاحتفاظ بمبدأَ التحمّل العادل لعبْء المُساهمة بين الدولة- المُشغِّلة وبين الأُجَراء، بحيث يساهم الأجيرُ بنسبة الثلث، بينما تساهم بها الدولة المُشغِّلة بنسبة الثلثيْن، تماشياً مع المعايير الدولية وتوصيات مكتب العمل الدولي المتعلقة بالأنْظمة الأساسية. وقال مشروع الرأي إنه يجبُ أن يكون مبدأ التوزيع " الثلثان\ الثلث" مصحوباً بتحديدِ سقف أوّلي، بتشاورٍ مع الأطراف المعنيّة، يخصّ قواعد احتسابِ المساهمات قريبة من المستويات المتوسّطة للأجور في الوظيفة العموميّة في أفق تحقيق تقارب أنْظمة القطب العموميّ. وفي علاقة بقاعدة احتسابِ التقاعد، دعا المجلس الحكومة إلى اعتماد مبدأ "أفضل ثماني سنوات"، بَدَلاً من احتسابِ "السنوات الأخيرة"، وذلك في أفُقِ خلق انسجام في مبادئ اشتغال القطبيْن العمومي والخاصّ. جدير بالذكر التدابير المقترحة لا تهمّ سوى العاملين النشيطين المنْخرطين في نظام المعاشات، والمستفيدين منه في المستقبل بدْءاً من تاريخ دخول هذه التدابير حيّز التنفيذ، وليس لها أيّ تأثير على التعويضات الممنوحة للمتقاعدين حاليا.