أثارت التصريحات الأخيرة لوزير التربية الوطنية في منتدى الوكالة الرسمية للأنباء، حين قال إنّ وضع اللغة الأمازيغية "غيرُ واضح"، (أثارتْ) زوبعةَ انتقادات من طرف عدد من الجمعيات والمنظمات الأمازيغية، ذهبتْ إلى حدّ وصف تصريحات بلمختار ب"ضرْب سياسة الدولة إزاء الأمازيغية في الصفر". ففي ندوة صحافية دعت إليها الكونفدرالية المغربية لجمعيات أساتذة اللغة الأمازيغية، وشاركتْ فيها ستّ جمعيات أمازيغية، وجّه المتدخلون مساء الخميس، انتقادات شديدة اللهجة إلى وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار، إذ وصف رئيس الكونفدرالية، مبارك عدي، تصريحات بلختار ب"الخطيرة جدّا". وطغتْ نقطتان رئيسيتان على كلمات المشاركين في الندوة، وهما تصريحات وزير التربية الوطنية، وتكليف 80 أستاذاًكان من المفروض أنْ يدرّسوا اللغة الأمازيغية، حسب المناصب المالية المُحدثة في قانون المالية، بتدريس العربية أو الفرنسية، حسب ما تقوله الجمعيات الأمازيغية. وقال مبارك عدي بهذا الشأن إنّ عددا من الأساتذة المتخصّصين في تدريس الأمازيغية تمّ إجبارهم على تدريس العربية والفرنسية، بداعي وجود خصاص في أساتذة هذه الموادّ، وأضاف "الوزير أنْكرَ عِلمه بهذا الأمر، رغم أننا في الكونفدرالية راسلناه بهذا الخصوص، وما صرّح به شكّل صدمة قويّة لنا". وأضاف مبارك عدي أنّ السنة الدراسية الحالية سجّلت تراجعات كبيرة على مستوى تدريس اللغة الأمازيغية، لافتا إلى أنّ وزارة التربية الوطنية أنهتْ تكاليف عدد من الأساتذة ممّن كانوا يدرّسون الأمازيغية بصفة نهائية، "وهناك مدارسُ لا يوجد فيها ولو أستاذ واحد لتدريس الأمازيغية"، يردف المتحدث. وكانت انتقادات رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات أحمد عصيد، لوزير التربية الوطنية أكثر حدّة، إذْ قال "خطورة تصريحات وزير التربية الوطنية التي قال فيها إنّ وضعية الأمازيغية غير واضحة تكمن في أنّه يبْدو كما لو كان خارجَ إطار مؤسّسات الدولة، أوْ كأنّه دوْلة داخل الدولة"، وفق تعبير عصيد. واتّهم عصيد وزير التربية الوطنية ب"التشطيب على كلّ التراكمات التي تحقّقت خلال العشر سنوات الأخيرة، وعادَ بنا إلى ما قبل خطاب الملك بأجدير"، وأضاف "المصالحة الوطنية التي أقامها المغرب، ومنها المصالحة الثقافية بين الملك وإيمازيغن تعني طيّ صفحة الماضي بشكل نهائي وعدم الرجوع إليه". وشدّد عصيد على أنّ تجربة المغرب في ما يخصّ الأمازيغية "لا نظير لها، والمغرب يُعتبر نموذجا في شمال إفريقيا مع التنوّع الثقافي"، وأضاف "ما صرّح به الوزير مناقض للسياسات الكبرى للدولة، ويضرب كل سياسات المغرب إزاء الأمازيغية في الصفر، ونحنُ لن نقبل أبدا بالعودة إلى الوراء". وفيما يتعلّق بتكليف أساتذة الأمازيغية بتدريس لغات أخرى قال عصيد "هذه قمّة الاستهتار والاستخفاف باللغة الأصلية للمغاربة وقمّةُ المَيْز"، وتابع "المناداة على أساتذة اللغة الأمازيغية لتدريس لغات أخرى، بداعي الخصاص، معناه أنّنا كنّا نعيش في وهْم طيلة العشر سنوات الماضية، وألّا شيء تحقّق". في هذا السياق، قال ممثل منظمة "تامايْنوت" إنّ المنظمة راسلت نيابات وزارة التربية الوطنية في عدد من مناطق سوس، بعد ورود شكايات بتكليف أساتذة الأمازيغية بتدريس موادّ أخرى، "ولم نتلقّ أيّ جواب"، وأضاف المتحدّث أنّ نيابة تارودانت منعت الكتاب المدرسي في بعض المؤسسات التعليمية. وقال ممثل جمعية باحثات وباحثي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ردّا على تصريح وزير التربية الوطنية، إنّ تدريس اللغة الأمازيغية "لم يكن اعتباطيا، بل جاء بعد ترسانة من البحوث الأكاديمية المعمّقة والرزينة، قام بها خبراء ومتخصصون من سبعة مراكز تابعة للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وأضاف المتحدّث "ما صرّح به وزير التربية الوطنية من كون وضعية الأمازيغية غير واضحة كلام لا معنى له، فالأمازيغية تُدرّس لحدّ الآن في أربع جامعات مغربية، وتمّ تكوين 13 ألف أستاذة وأستاذ، و 300 مفتشة ومفتّش، و 500 مديرة ومدير، فضلا عن 75 مكون في المراكز الجهوية للتربية والتكوين". ويبدو أنّ ردود الفعل التي أعقبتْ تصريحات وزير التربية الوطنية ستمتدّ إلى خارج المغرب، إذْ قال ممثل الكونكريس العالمي الأمازيغي خلال الندوة إنّ هناك عُضوين من الكونكريس يوجدان حاليا في مقرّ الأممالمتحدة، بالموازاة مع انعقاد أشغال جمعيتها العامّة، موضحا "سنقوم بتحيين تقرير سبق أن رفعناه إلى الأمم المتحدّة حول وضعية الأمازيغية في المغرب، وسنطرح ما تتعرض له الأمازيغية في الوقت الراهن على المستوى الدولي". وفيما كانت مسؤولة التوصل بوزارة الوطنية قد نفتْ، في اتصال مع هسبريس، عِلم الوزارة بتكليف أساتذة اللغة الأمازيغية بتدريس تخصّصات أخرى، مؤكدة أنّ وزير التربية الوطنية سيتحرّى في الموضوع، صرّح أستاذ للغة الأمازيغية لهسبريس أنّ عددا من زملائه تلقّوا فعلا أوامر من نواب وزارة التربية الوطنية في عدد من النيابات بتدريس العربية والفرنسية، مباشرة بعد التحاقهم بمقارّ عملهم.