بين يدي الورقة: -1 المقال يروم فتح حوار ونقاش بين الأطر المعطلة حاملي الشهادات العليا، ومع كل الأطراف المعنية بمشكل التشغيل بالمغرب. -2 المقال ليس دعوة إلى التراجع عن النضال في الساحة، وإنما لفتح نقاش حول الأسلوب والصيغة المتوارثة بين مجموعات الأطر المعطلة. -3 المقال لا ينقص من المجهودات السابقة للأطر العليا المعطلة وأشكالهم النضالية المشروعة، بل يزكي ويرفع من شأن كل قطرة دم، ودمعة سقطت على خذ، وعظم كسر في جوف، وخذ لطم ... كل ذلك في سبيل تحقيق مطلب الشغل. -4 المقال يعبر عن رأي شخصي لكاتبه ولا يلزم أي مجموعة بعينها. لقد ميز الله الإنسان بالعقل، ورزقه قوة التأمل في الكون، وفي أسراره، وذلك لكي يتفاعل مع المتغيرات والمستجدات قبل أن تصبح طوارئ، وتفرض على الإنسان الفاعل سياسة الأمر الواقع، ويتحول حينها ذاك الفاعل من بطل إلى مكره. في هذا السياق تأتي دعوتي المتواضعة في هذه الأسطر، التي تروم فتح نقاش حول النموذج الوحيد السائد للنضال من أجل الإدماج المباشر في الوظيفة العمومية، رغم ما نلاحظه من تعدد في ألوان زي المجموعات. إن المعاين لوضعية الشباب المغربي حامل الشهادات العليا بالمغرب، لا بد وأن يعاني -بعد المعاينة- من الاكتئاب والحسرة ... على ما وصل إليه خير ما تستند عليه الأمم والشعوب في النهضة والرقي، إنهم الشباب !! وأي شباب !!؟ إنه شباب حاصل على شهادة عليا، بغض النظر عن مستواه وتكوينه العلمي، فذاك شأن آخر، إنه إنسان قبل أن تكون له خصوصية عمرية، شباب قال فيهم خير البشرية: "نصرني الشباب وخذلني الشيوخ". فيا لها من مفارقة نعيشها اليوم، مفارقة انقلبت معها العبارة، وأصبح الشيخ يوصي ضد مصلحة أحفاد الإمام مالك !! أين هي ليالي الأحلام والأماني أيها الإطار المعطل ...؟ لقد ذهبت مع حر وقر العاصمة الرباط ... إنك إن تسأل، أيها القارئ، أيَّ شابِِ مغربي حاصل على شهادة أو شهادات عليا، عن أمنيته التي كان يخبؤها دائما تحت وسادته، فسيجيبك أنه كان يتمنى دائما أن يزور أو يكمل دراسته في عاصمة من العواصمالغربية، التي تقدر العلم والتعلم. لكنه في يوم من الأيام، وبقدرة قادر، وجد نفسه مضطرا أن يعيش كابوس الشهادة والواقع، في عاصمة أجمل بلد في العالم، حيث يوجد أذكى شعوب العالم، عاصمة أعرق الثقافات في العالم، عاصمة أغنى البلدان في العالم، عاصمة بلد به أقدم الجامعات في العالم، عاصمة ليست ملقبة لا بالأنوار، ولا بالضباب، ولا بالأبراج ...، إنها عاصمة الاحتجاج بامتياز -للأسف-. بعد هذا الفرش، يحق لنا أن نتساءل جميعا عن الأشكال الاحتجاجية التي تخوضها الأطر المعطلة؟؟ ألا تعد تكريسا للجمود الذهني، وتحريكا للميكانيك العضلي فقط؟ فأشكال الاحتجاج والنضال ليست كتابا مقدسا، ولا وحيا منزلا، بل هي اجتهادات بشر، وليس هذا "ما وجدنا عليه آباءنا" ؟؟!!!، وحتى أكون قاصدا في كلامي، فسأطرح مقترحاتي للنقاش حول النقط التالية: أولا: نظام المجموعات: لا أحد يمكنه أن يشكك ويقلل من دور وأهمية التنظيم في تحقيق المكاسب، لكن في بعض الأحيان يصبح التنظيم نفسه مشكلا في حد ذاته، إذا لم يدرس بشكل جيد في إطار سياق الزمان والمكان. من هنا تأتي ملاحظتنا بخصوص جزئية نظام المجموعات المتبعة لدى الأطر العليا المعطلة بالمغرب. حيث إن هاجس تشكيل المجموعة وإغلاقها في عدد محدود، لم يعد ذا جدوى إذا نظرنا إلى حنكة ووعي الأطر المعطلة، وفهمها مع مرور الزمن، حيثيات التنظيم والإدارة وحساسية الأمن بالعاصمة الرباط، فاللوائح مضبوطة بأرقام ترتيبية للأطر من جهة أولى، وما جرت عليه عادة الإدماج في الوظيفة، فيما سبق، تستند على أقدمية الإطار بالساحة وليس على إسم المجموعة من جهة ثانية. فكم من مجموعة انقسمت لهذا السبب، هذا مع العلم أن فاعلية وقوة النضال ستكون أكثر نجاعة لو توحدت جميع المجموعات في مجموعة واحدة، حينها سيكون الضغط أكبر، والنتائج أكثر، مع احتفاظ كل مجموعة بإجراءات ما تسميه ب (الضبط) الخاصة بها، أي الغياب والحضور بالنسبة للأطر. ثانيا: الثلاثاء ... الأربعاء... الخميس، عطالة من داخل العطالة: يستغرق النضال أسبوعيا ثلاثة أيام حسب ما هو محدد منذ تشكل مجموعات الأطر المعطلة بالرباط بداية العشرية الحالية، وبالتالي فإن الإطار المعطل سيستغرق منها النضال ثلاثة أيام أساسية في وسط الأسبوع، إن لم نقل الأسبوع بأكلمه، على اعتبار أن الأيام الباقية تعتبر بمثابة الوقت الميت من الأسبوع، أي نهاية الأسبوع وبدايته، والذي يخصص إما لرد النفس بعد جري وعدو، أو الالتحاق بالنسبة للأطر القادمة من المناطق البعيدة من المملكة. وهنا سيضيع على الإطار شهور من الجمود الفكري، والذهني، والبدني ... إلخ. فيمكن للمرء أن يتصور كيف سيصبح هذا الإطار، الباحث طبعا عن المعرفة والعلم قبل الخبز، بعد مرور سنة أو سنتين من النضال؟؟ فالمفروض في الإطار أن يواكب ويستمر في سد كل ثغرات تكوينه الأعرج، والمعاق، والمشوه، طيلة مساره التكويني، وفي مجالات وتخصصات مهمة، أصبحت تفرضها ضرورات العصر، من قبيل الإعلاميات، واللغات الحية، وأدوات الاتصال والتواصل ... إلخ، والتي تفتقر لها اغلب مسالك التعليم الجامعي العمومي بالمغرب، بالإضافة إلى الإرهاق المادي لجيوب المعطلين الفارغة أصلا. ثالثا: مقترحات عملية: على المستوى النضالي: - تعويض ثلاثة أيام النضال الأسبوعية بيومين فقط (الثلاثاء والأربعاء) كل خمسة عشر (15) يوما، مع إمكانية الزيادة أو التخفيف من وثيرة النضال حسب ظروف ومستجدات الحوار. - توحيد النضال على مستوى الساحة في تنسيقية واحدة، مع احتفاظ كل مجموعة بتدابيرها التنظيمية والإدارية، كعملية الضبط مثلا. - العمل على توحيد الحوار مع الوزارة. - المطالبة بجعل عطالة الأطر العليا بالمغرب قضية وطنية. على المستوى الاجتماعي: - مطالبة الوزارة الوصية بتأسيس صندوق المعطل. - الاستفادة من الخدمات الاجتماعية التي تقدمها بعض المؤسسات العمومية في القطاعات التالية: القطار، المستشفى، الحافلات في النقل الحضري، مقاولتي، رخصة السياقة، ... - المشاركة والانفتاح على الملتقيات والتظاهرات العلمية والثقافية ... إلخ. - تسهيل إجراء تداريب للأطر في مختلف القطاعات المهنية. على المستوى التواصلي والتعريفي بقضية الأطر المعطلة: - تنظيم مهرجان شامل لإبداعات الأطر: السينما، المسرح، الفنون التشكيلية، الشعر، القصة، الزجل، ... - إصدار نشرة أسبوعية بأنشطة الأطر المعطلة، للتواصل بشكل أكبر مع وسائل الإعلام بشكل دائم حول مستجدات الأطر المعطلة. وأخيرا، إن كل هذه المعطيات تستوجب استحضارها بصفتها إكراهات وحاجيات أساسية، تفرض على الأطر المعطلة، فتح نقاش حول أسلوب النضال المتبع لأجل الشغل، والذي لا تقل أهميته عن الهدف المشروع وهو إيجاد شغل كريم يحفظ للإنسان كرامته وإنسانيته، في بلد يصرح دستوره بحق الشغل للجميع، ويزكيه، ويفسره، ويزغرد عليه قانون الإدماج المباشر لحاملي الشهادات العليا في الوظيفة العمومية. هذا المقال من أجل إدماج حاملي الشهادات العليا بالمغرب في الوظيفة العمومية. مجرد رأي [email protected]