ليس الجمهور المُتابع لما يُبثّ على شاشات القنوات التلفزيونية العمومية المغربية وحْده "الساخط" على منتوج الإعلام العمومي المغربي، بلْ إنّ حتى مُشتغلين في القنوات التلفزيونية المغربية غيرُ راضين عمّا يُقدّم للمشاهدين المغاربة، وخرجوا للاحتجاج على الوضع وسط الشارع العامّ مطالبين بالتغيير. ففي وقفة احتجاجية شارك فيها مشتغلون بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، المنضوون في النقابة الديمقراطية للإعلام السمعي البصري، عضو الفدرالية الديمقراطية للشغل، أمام مقرّ الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، طالب المحتجّون برحيل ومحاسبة المسؤولين عن "الانحطاط والرداءة في الإعلامي العمومي". وقال عبد الغني جبار، مقدم نشرات أخبار على القناة الأولى، ورئيس المكتب النقابي للنقابة الديمقراطية للإعلام السمعي البصري بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في تصريح لهسبريس، "نحن لسنا راضين عن المنتوج الذي يُقدّم الآن، لأنّ مساهمتنا فيه قليلة، بينما تتولّى الشركات الخارجية النسبة الأكبر من الإنتاج". وأضاف المتحدّث أنّ الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة يجب أن تتحوّل إلى شركة إعلامية، "وهي الآن ليست كذلك، لأنّ فيها تمطيطا إداريّا، ودفاترُ التحمّلات التي نضع حولها علامات استفهام كثيرة لم تُطبّق، وحتى إنْ طُبّقت يتمّ ذلك بطريقة غيرِ فعّالة"، وتابع "نطالب بمحاسبة المسؤولين كلّ من موقعه، لأنّ الإنتاج يتمّ بشكل تسلسلي ولا يمكن تحميل المسؤولية لطرف دون آخرَ". وإلى جانب المطالبة برحيل ومحاسبة المسؤولين عمّا سمّوه ب"الانحطاط والرداءة في الإعلام العمومي"، طالب مستخدمو الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة إدارة الشركة بالتنفيذ الفوري لمقتضيات الاتفاق المشترك والذي تمّ توقيعه بين الطرفيْن يوم 03 يونيو من السنة الجارية، دون أن يتمّ تفعيله لحدّ الآن، حسب عبد الرحمان الفاتحي، الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل. وقال الفاتحي في تصريح لهسبريس إنّ هناك "تعسفات وتصرفات تمسّ بالمهنية داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وغياب تحفيز الأطر وتهميشها لحسابات ضيّقة ولأغراض لا نعرف الهدف من ورائها"، على حدّ تعبيره، مضيفا أنّ إدارة الشركة "تعمدُ إلى استقدام مسؤولين من خارج القطاع وتمكينهم من أجور خيالية على حساب الطاقات التي بنت المؤسسة". من ناحيته قال عبد الغني جبار إن الوقفة الاحتجاجية الإنذارية تأتي كخطوة لتنبيه الإدارة إلى أنّها "تماطلت بشكل كبير في تنفيذ الاتفاق المشترك الموقّع خلال شهر يونيو المنصرم، والذي يضم مطالب آنية، من قبيل توحيد العقود، وإدخال تعديلات على النظام الأساسي للشركة، وإخراج قانون تصنيف المهن، والاتفاقية الجماعية". ومن المطالبِ الأخرى التي تضمّنها الاتفاق المشترك الموقّع بين إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والعاملين فيها، مسألة التعيينات، وقال عبد الغني جبار في هذا الصدد "التعيينات داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة يجب أن تكون نوعية، وليس عشوائية"، مشبّها الوضع داخل المؤسسة ب"ملجأ أيتام"، أيّ واحد ما عندوش بوسط يجيو يحطّوه هنا". وحثّ رئيس المكتب النقابي للنقابة الديمقراطية للإعلام السمعي البصري إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بالإسراع بتنفيذ الاتفاق المشترك، وتوفير ظروف عمل ملائمة للعاملين بالشركة، والتشاور مع الإعلاميين حول المنتوج المقدّم للمشاهدين، قائلا "المشاهدون لا يعرفون الشركات الخارجية التي تنتج البرامج، بل يعرفوننا نحن فقط". وحول ما إذا كان هناك حوار بين إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والعاملين بها، قال غبد الغني جبار "نحن نقول للإدارة لا نريد حوارا من أجل الحوار فقط، يكفي أنّ الشركة التزمت بتنفيذ الملف المطلبي للاتفاق المشترك، بتواريخ محددة، وعليها أن تنفّده، غير أنها لحد الساعة لم تنفذ منه ولو بندا واحدا بعد مرور أربعة أشهر على توقيعه، الذي شاهده المغاربة أجمعين، من خلال تقرير بُثّ في نشرة أخبار رئيسية على القناة الأولى حينها. الاتفاق المشترك الذي وُقع بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ممثلة في مديرها العام محمد عياد، والنقابة الديمقراطية للإعلام السمعي البصري، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، نصّ على ستّ جراءات رئيسية، مع تحديد تواريخ لتفعيلها، وهي دراسة وتسوية حالات المستخدمين، وتوصيف المهن، وآلية العمل، وتحيين القانون الأساسي للمستخدمين، والاتفاقية الجماعية للشغل بين الشركة والنقابات، وإسناد مهامّ المسؤوليات.