اتفقت وسائل إعلام بلجيكية على إرسال انتقادات، مشوبة بغير قليل من الهمز واللمز، إلى السلطات المغربية في موضوع التعاطي مع استهلاك الخمور في المملكة، مسلطة الضوء على ما اعتبرتها تناقضات بين القوانين وتطبيقها بشأن رواج المشروبات الكحولية في البلاد. "نفاق" المغاربة؟ واعتبر "راديو وتلفزة بلجيكا الرسمي الناطقة بالفرنسية RTBF أن تحريم الشرع الإسلامي، الذي يدين به غالب المغاربة، لشرب الخمر وتجريم الجهر بذلك قانوناً، مقابل ارتفاع استهلاكه، مؤشر على "نفاق المغاربة" في علاقتهم مع هذه المشروب المسكر. وتحدث تقرير مراسلة الإذاعة البلجيكية عما سماه "نفاق" المغاربة وتناقضاتهم في علاقتهم مع الخمر، موضحا أن الخمر في الشرع محرم، كما أن القانون المغربي يعاقب على شربه في الأماكن العامة بالسجن 6 أشهر؛ إلا أن الواقع يثبت أن عددا كبيرا من المغاربة يستهلكون الخمر بكمية تصل ل10 ملايين لتر سنويا. العامل الاقتصادي يفسر تغاضي السلطات المغربية عن معاقبة شَاربِي ومُدمني الخمر، إذ أورد التقرير أن استهلاك الخمر يَدر على ميزانية الدولة 400 مليون يورو سنويا، ما يعادل ثلث ميزانية وزارة الصحة، وهو أمر "كثير على بلد مثل المغرب"، يقول التقرير الإذاعي. وتطرق المصدر إلى مبادرة المغرب في مراقبة نسبة الكحول في دم السائقين، ليعتبرها الأولى من نوعها، لكنها ليس وليدة هذه الحكومة، حيث اختمرت الفكرة في الكواليس منذ عام 2005، موضحا أن الأمر تطلب 10 سنوات من أجل تنزيل الفكرة على أرض الواقع. وكانت وزارة النقل والتجهيز واللوجستيك قد أعلنت قبل أشهر قليلة عن تطبيق المراقبة الرسمية لنسبة الكحول لدى السائقين المغاربة، لكن دون تحديد موعد محدد، وذلك في سياق إحصائيات رسمية تؤشر على أن "استعمال الكحول والمخدرات يضاعف مرتين إلى خمس مرات في المتوسط نسب وقوع حوادث السير". التسامح مع شرب الخمر ومن جانبه أفاد الموقع البلجيكي الإخباري "لوفيف" LE VIF أن المدهش في قرار استخدام جهاز لرصد الكحول في دم السائقين، كون أبرز الرافضين لهذا الإجراء هم الإسلاميون أنفسهم"، وذلك في إشارة ضمنية إلى حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة. واسترسل الموقع البلجيكي بأن الإسلاميين المغاربة يعتبرون أن العمل بجهاز مراقبة نسبة الكحول في دم السائقين هو بمثابة إقرار مبطن على أن استهلاك الخمور مقبول وجائز، وهو ما يناقض تعاليم الدين الإسلامي". وتابع المصدر الإعلامي بأنه بالنسبة لإسلاميي المغرب يعتبر التسامح مع نسبة معينة من شرب الكحول أمرا غير مسموح به، لأن المفترض أن تتم معاقبة كل شخص يشربه"، مشيرا إلى أنه "في المغرب قانون حظر استهلاك وبيع الخمور يعد شبه معطل". وتطرق تقرير الإذاعة البلجيكية، بنوع من السخرية، إلى الأجهزة المستعملة في قياس نسبة الكحول في دم السائقين بالمغرب، متسائلا عن صلاحية وعدد تلك الأجهزة التي استوردها، ومدى أهلية رجال الشرطة المغاربة المكلفين بالمراقبة في استعمال سليم للجهاز. ويعاقب القانون المغربي في حالة تطبيقه السائق بعد تجاوز عتبة الجرعة المحددة في 0.2 غرام في اللتر الواحد من الدم، بينما في بلجيكا الأمر يتعلق بعتبة 0.59 غرام في اللتر الواحد من الدم، وهو ما ستراجعه القوانين البلجيكية مستقبلا ليتحدد في نفس العتبة المغربية. ولم يفت موقع "لوفيف" الإشارة إلى أن "الجميع بالمغرب يمكنه شراء مشروبات كحولية، كما أن الخمور تتواجد في الأسواق التجارية الكبرى دون أدنى مشكلة"، مضيفا أنه قد تكون هناك ساعة زمنية يُمنع فيها تقديم الخمور، غير أن هذا التحديد بدوره مرن ويخضع لتدفق السياح".