ثلاث وعشرُون سنةً، بالتمام والكمَال، مرَّتْ بحلول السادس منْ شتنبر على تأسيس بعثَة المينورسُو التِي تختصرُ تسمية "بعثة الأممالمتحدة لتنظيم الاستفتَاء في الصحراء الغربيَّة"، كحلقةٍ في مسار تسويَة النزاع الشائك حول الأقالِيم الجنوبيَّة للمملكَة.. وهو موعدٌ يحلُّ فيمَا لا تزَال القضيَّة متراوحَة بين طرحِ الاستقلال، الذِي تتشبثُ بهِ البوليساريُو، ومنح الحكم الذاتي كسقفٍ يحددهُ المغرب. البوليساريُو لمْ تخلفَ ذكرى تأسيس "المينورسُو" لتصوبَ سهامهَا إلى البعثة بسبب ما اعتبرتهُ تعثرًا منها في مواكبة التطورات التي حصلتْ على الأرض، سيما في الشق المتعلق بمراقبة حقوق الإنسان، بالقول إنَّها اللجنة الأمميَّة الوحِيدة، التي لا تحوزُ ضمن صلاحيَّاتها، مراقبة الوضع الحقوقِي. إقحامُ "التوصية الحقوقيَّة" في صلاحيَّات المينورسُو، رفضهُ المغرب، مرارًا، في الأعوام الماضية، مستدلًا بوجد خمسة من بين 12 بعثة أممية، حول العالم لا تشملُ صلاحياتهَا مراقبة حقوق الإنسان؛ وهي وقوة الأممالمتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي بالسودان، وفريق مراقبي الأممالمتحدة العسكريين بين الهند وباكستان، وقوة مراقبي فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة بمرتفعات الجولان، واليونيفيل في لبنان، إضافةً إلى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في قبرص. ويستندُ المغرب في رفضه إقرار آليَّة دوليَّة يعهدُ إليها بمراقبة مدَى احترامه حقوق الإنسان، إلى توفره على آليَة وطنيَّة، ممثلة في المجلس الوطنِ لحقوق الإنسان، ذِي الفروع الجهويَّة، لتولِي المهمَّة، دون النيل من سيادتهِ عبر آليَّة دوليَّة، كانتْ قد استنفرتهُ في أبريل 2012، حينَ تقدمت الإدارة الأمريكيَّة بمقترحٍ يقضِي، بتوسيع صلاحيَّات بعثة المينورسُو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، قبل العدول عنه في وقتٍ لاحق. الملكُ الراحل، الحسن الثانِي، كانَ قدْ أعلنَ من جانبه، عنْ تنظيم استفتاء، قبل الاختلاف على نحو إجرائه، مخاطبًا الشعب المغربي" حتى لا أطيل انتظارك في الموضوع الذي سأتطرق إليه أريد أن أقول لك بادئ ذي بدء، أن موضوع هذا الخطاب هو أننا قررنا أن نجري استفتاء. وتعلمون أن الاستفتاء هو أسمى تعبير عن الإرادة الوطنية، ذلك أن الدستور ينص على أن الاستفتاء يلزم الجميع بمن فيهم ملك المغرب". الملكُ الراحل أردفَ "فالاستفتاء هو أسمى تعبير وأسمى تفسير للإرادة الشعبية، حتى تصبح قانونا محترما. فما هو موضع هذا الاستفتاء؟ كما تعلم شعبي العزيز، فإن ملف المغرب معروض الآن على هيأة الأممالمتحدة، وذلك لتنظم هذه الهيأة الدولية الاستفتاء في أقاليمنا الصحراوية. وفكرة الاستفتاء ظلت تخامرني منذ القدم". بيدَ أنَّ قبُول المغرب بإجراء استفتاء يقررُ عبره سكان الصحراء، في مصيرهم، لم يكون لحظةً فارقة، حيثُ إنَّ تحديد الهيئة الناخبَة، وآليَّات تنفيذ الاستفتاء، ظلَّا نقطتين عالقتين، ففي الوقت الذي اقتحرت المينورسُو أنْ يتشكل المصوتُون من الصحراويِّين الذِين أحصتهم الإدارة الإسبانيَّة، في 1974، قدم المغرب أزيد من 130 ألف طعن في اللائحة المقدمة. في عام 2000، دعا المبعوث الشخصي للأمم المتحدة إلى نزاع الحصراء، وقتها، جيمس بيكر، إلى حلّ تفاوضِي يستعبدُ خطَّة الاستفتاء، وعبد الطريق لمقترح ثالث، يسيرُ إلى منح الأقاليم الجنوبيَّة حكمًا ذاتيًّا موسعًا، على مدَى خمس سنوات، يمكن بعدها إجراء استفتَاء. وهو المقترحُ الذِي رفضتهُ البوليساريُو والجزائر، لتعاودَ القضيَّة انعطافهَا نحو مسالك ضيقَة، لتلَّ منْ أعقد النزاعات وأطولها عمرًا في القارَّة السمرَاء.