أثار "جهادي"، يتخذ لنفسه اسم "عبد الله" ضجة على الانترنت بحر هذا الاسبوع.. لكن ذلك، ولخيبة أمله، لم يكن بسبب تأييده لمقاتلي الدولة الاسلامية في العراقوسوريا وإنما بفعل تعليقات وضعها على "موقع تويتر" بشأن وفاة الممثل الكوميدي الامريكي روبن وليامز، وقد انتشرت سريعا لتفجر عاصفة من التساؤلات الطريفة بشأن ما يفضله من أفلام. وإلى وقت قريب كانت "مواقع المتشددين الاسلاميين" على الانترنت تمثل ركنا مظلما وخفيا الى حد بعيد، ونادرا ما يرتادها آخرون، بخلاف أجهزة المخابرات والشرطة.. غير ان جماعات مثل "الدولة الاسلامية"، التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة والتي كانت تعرف باسم الدولة الاسلامية في العراق والشام، باتت تستخدم نفس المنبر مثل أي طرف آخر، وغالبا ما يتم ذلك باللغة الانجليزية. وعبر اسلاميون متشددون آخرون، يستخدمون حسابا على موقع تويتر، عن أراء غاضبة ضد روبن وليامز.. حيث رحب كثيرون منهم بموته لاسباب ذكروا منها "الصورة الساخرة التي قدمها في عام 2002 وتهكم فيها على الجهاديين".. وأشار بعضهم الى "زياراته للقوات الامريكية في العراق وأفغانستان". وبينما قال عبد الله إن "الممثل روبن وليامز يحترق الان في نار جهنم" تبادل التعليقات مع متشدد آخر بشأن "استمتاعهما المشترك بفيلم الاطفال جُومَانْجِي"، وهو فيلم مغامرات خيالي أمريكي قدمه وليامز في عام 1995.. ثم وجد "عبد الله"نفسه يدخل في مناقشات مع آخرين بشأن تذوقه للأفلام، كاشفا عن أن فيلم "ذَا ليُون كِينغ" هو المفضل لديه بين أفلام ديزني.. وجمع موقع "بُوزفِيد"قائمة بتلك التعليقات، وتعقيبات مماثلة من "جهاديين آخرين"، أذكت المناقشات بدرجة أكبر. وفي سلسلة تعليقات قصيرة كتب عبد الله في حسابه على تويتر إنه قلق مما يكتبه.. وأضاف "إنني بالفعل أشعر بالقلق من أن يبدأ الناس متابعتي بدافع معرفة أفلامي المفضلة بدلا من الحديث عن الجهاد".. ومضى يقول: "أنا هنا كي أقوم بنشر أخبار، لا تقييم أفلام كوميدية رومانسية". والهوية الحقيقية ل"عبد الله" غير معروفة، بينما حسابه على تويتر يصفه بأنه شاب عمره 19 عاما يؤيد الدولة الاسلامية وهدفها باعلان دولة الخلافة.. ويضيف أنه "معاد للديمقراطية" و"رافض للشيعة" و"صارم مع الكفار".. فيما تظهر صورته التي وضعها على حسابه شابا ملثما يرتدي ملابس عسكرية.. واستخدامه للكلمات والأحرف يشي بأنه قد يكون بريطانيا.. ويقول خبراء ومسؤولو أمن إن عدة مئات أو أكثر من البريطانيين يقاتلون في سورياوالعراق. وقال جون باسيت، وهو مسؤول كبير سابق بجهاز مخابرات بريطاني ويعمل الآن بجامعة أكسفورد، إن "التعليقات الخاصة بروبن وليامز، مع افتراض أنها حقيقية، فإنها تعطي مثالا واضحا على مدى غرابة وتعقيد ما آلت اليه الامور الآن".. وقال باسيت، الذي كان يعمل في السابق بجهاز المخابرات المعروف ب"مقر الاتصالات الحكومية" الذي هو جهاز أمني ومخابراتي يعمل للحفاظ على سلامة وأمن بريطانيا، إنّ "بعض هؤلاء الناس يأتون من نفس الخلفية التي ننتمي اليها وهم يستخدمون بالضبط نفس الادوات". وتتباهى الدولة الإسلامية بتزايد مؤيديها ونشطائها على الانترنت، بينما لا يبدو ان لها وجودا رسميا على الشبكة أوحسابات على تويتر أو فايسبوك.. ولم يغلق تويتر حسابات مقاتليها رغم نداءات متكررة لكي يفعل ذلك.. بينما يقول خبراء انه "حتى لو قامت إدارة موقع تويتر بذلك فانهم سيظهرون مجددا تحت عناوين أخرى".. ويبدو تنظيم الدولة الاسلامية، بوجه عام، أكثر ثقة على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من نظرائه، مثل حركة الشباب الصومالية وبوكو حرام النيجيرية أو فرعي تنظيم القاعدة في اليمن وشمال أفريقيا، إذ عرف شهر مارس الماضي نشر الدولة الاسلامية تقريرا سنويا ثانيا على الانترنت هم أنشطتها، وجاء في 400 صفحة تتضمن احصائيات بالهجمات التي شنتها. ويقول جون دريك، وهو خبير في شؤون الشرق الاوسط لدى شركة "إيه.كيه.إي" الاستشارية في لندن، إنّ "القاعدة والتنظيمات المنبثقة عنها كانت دائما جماعة متباينة، وهذا يعني أيضا ان جهودها في مجال التعريف بنفسها وبأنشطتها متباينة للغاية"، ومضى يقول: "في حالة الدولة الاسلامية هناك تنوع كبير من بشر لهم تجارب حياتية وآراء مختلفة.. ويحدث هذا بكثرة الآن". ومن بين عشرات التعليقات التي تعبر عن التمسك بالشريعة ورفض القانون الدولي والغضب من جماعات اسلامية اخرى، لعدم تأييدها للدولة الاسلامية ضد الهجمات الجوية الامريكية، عبر عبد الله عن موقف مماثل وهو يكتب: "هل من الصعب ان تتصور أنني أدعم الدولة الإسلامية واشاهد الافلام؟"، فيما رحب بعض المتشددين بهذه الاصوات الجديدة. وكتب مستخدم ل "حساب إسلامي" على تويتر يدعو إلى "فتح الامريكيتين"، وقال إن "الدولة الاسلامية تحتاج الى وجه يخاطب الغرب، نشأ هناك ويتفهم المشاعر ومفوه، لكنه أيضا لديه معرفة غزيرة اسلاميا".. ويقول مسؤولون أمنيون غربيون، حاليون وسابقون، إنهم يأخذون على محمل الجد الحوار المتبادل بين المتشددين على الانترنت، بما في ذلك تهديداتهم من وقت لاخر بمهاجمة أمريكا والغرب. وإذا كان هؤلاء المتشددين يعيشون في دول غربية فان مخاطر القاء القبض عليهم كبيرة بموجب قانون مكافحة الارهاب أو "جرائم الكراهية".. واذا كانوا يتواجدون حاليا في مناطق صراع مثل سوريا أو العراق فقد يكون من الصعب اعتقالهم، لكن قد يتم كشف هوياتهم ثم محاكمتهم لدى عودتهم.. وما من شك في أن حسابات تويتر، مثل حساب "عبد الله"، تجعل المقاتلين الاسلاميين أكثر قدرة على التواصل وأقرب الى الناس.. ويخشى بعض خبراء الامن من أن ذلك يمكن أن يساعدهم على جذب وتجنيد مزيد من المقاتلين. * رويترز