وُلد الأخوان أنس ونزار الحضري بمدينة تطوان، إذ رأى أنس النور عام 1977، بينما كان نزار قد في ربيعه الخامس.. وبنفس المدينة تلقّيا تكوينهما المدرسي، حاضيّين برعاية أسرتهما التي واكبتهما خلال تدرجهما الدراسيّ. يتميّز نزار باشتغاله في صناعة الأسنان بمدينة إشبيلية الأندلسيّة، وهو خريج مؤسّسة عموميّة مغربيّة بمدينة الرباط تختصّ في المجال وتكوين أطر تقويم الأسنان ببرنامج يمتدّ على 3 سنوات، وقد تحرّك صوب إسبانيا لشقّ مساره في ذات التخصص الذي يتقنه وسط مختبر رائد في المجال على الصعيد الأوروبيّ والعالميّ.. مفلحا في التميّز وسط خبراء هذا الميدان. من جهة أخرى يزاوج أنس الحضري بين عمله كمصوّر احترافي بعد حلوله بإشبيليّة، عام 2002، وكذلك هو مربّي اجتماعي متعدد الثقافات بعد خضوعه لتكوين في هذا التخصّص..حيث حرص على الاشتغال بالتخصّصين المختلفين قبل حلول العام الماضي الذي شهد اتخاذه القرار بترجيح كفّة الفنّ على الاشتغال الاجتماعيّ. رياح الهجرة" يقول أنس إنّ قصده لجنوب إسبانيا قد تمّ بناء على صدفة، بعيدة عن كلّ تخطيط مسبق، ما حذا به للخضوع لتكوينات من أجل تطوير إمكاناته في المجالين اللذان يعمل بهما.. ويقرّ بأنّه لم يستطِع، بسلاسة، تفضيل أي من نشاطَيه على الآخر بفعل عشقه لممارستهما في ذات الآن.. ويحرص الشاب المغربيّ على الاشتغال ضمن مشاريع تصويريّة فنيّة خاصّة به، إلى جوار مواكبة عدد من الأفلام السينمائيّة التي تنجز فوق التراب الإسباني لتوثيق الاشتغال ضمن البلاتوهات التي تنجز بها. عمل أنس الحضري، حتّى العام الماضي، إلى جوار نشاطه الفني الفوتوغرافي، ضمن مركز لاستقبال المهاجرين غير النظاميّين القاصرين الذين لا يتوفرون على مرافقين، مركّزا تعاطيه الاجتماعي على الأطفال المغاربَة والمنحدرين من عدّة دول بالقارّة الإفريقيّة.. وقد تمكّن أنس، أيضا، من نيل تتويج، عام 2003 بإسبانيا، ضمن مسابقة وطنيّة لأفضل صورة صحفيّة ضمن مجال حقوق الإنسان.. مضيفا هذا الإنجاز لتتويج سابق سبق أن طاله حين شارك ضمن مسابقة وطنيّة لأحسن صورة تعني البيئة والحفاظ عليها. أمّا نزار فقد وصل إلى إسبانيا بعد حلول أخيه الأصغر بها، وقد كان ذلك ضمن رحلة سياحيّة لم تمنعه من قصد بعض المختبرات بغرض الاطلاع على مستجدّات مجال صناعة وتقويم الأسنان الذي يمارس به نشاطه المهنيّ.. "كان ذلك بعد تخرّجي وخضوعي لتدريب عملي بمختبر في الدّار البيضاء، لعام، إذ عدت لتطوان من أجل الانخراط في تدريب مهاريّ ما بين طنجة ومدينتي.. وقد كان أخي أنس قد سبقني إلى إسبانيا.. وحين رأى خبراء ما أستطيع إنجازه، ضمن جلسة ممارسة عمليّة على هامش زيارتي لإقليم الأندلس، تلقيت عروضا بالاستقرار في إشبيليّة" يقول نزار الحضري. ويردف نفس الإطار المغربيّ: "لقد شجعتني الوسائل الحديثة المعتمدة في الاشتغال بصناعة الأسنان في قبول إحدى عروض العمل التي قدّمت لِي.. وقد مكّنني ذلك من الإلمام بكل هذه المستجدّات زيادة على انخراطي في دراسة بماستر يشرف عليه واحد من الأسماء الرائدة بصناعة وتقويم الأسنان على المستوى الأوروبيّ.. وأنَا حاليا مسؤول عن مراقبة جودة تثبيت وزراعة الأسنان ضمن المختبر الذي أشتغل به والمتبني لأحدث التقنيات العالميّة". رؤى مستقبليّة نزار توصّل إلى اتفاق مع شركة إسبانيّة لأجل الإشراف على تسويق منتجاتها الجديدة، الخاصة بتقويم الأسنان وزراعتها، ضمن السوق المغربيّة.. وقد تحرّك ضمن جولة قادته لمدن طنجةوتطوان والعرائش والرباط والدّار البيضاء وأكادير، بمعيّة أطر إسبانيّة مختصّة، من أجل التعرف بما يمكن توفيره من لوجستيك وتكوينات يستفيد منها ذوو الاختصاص من المغاربة. ويعتبر ذات المتخصص المغربي في مجال الأسنان أنّ تنقله صوب إسبانيا، وإشبيلية تحديدا، قد مكّنه من تطوير مهاراته في نطاق اشتغاله حتّى تصبح مقترنة بالتفنّن أكثر من التصاقها بالطابع الصناعيّ للمهنَة.. كما أنّ عشقه للميدان يجعله منغمسا في الاشتغال لساعات طوال بفعل تمطيطه المكاني لحيّز الممارسة حتّى بيت أسرته، مستثمرا توفره على غرفة مجهّزة بمسكنه لأجل تفعيل أبحاثه في تقويم الأسنان وزراعتها. يقرّ نزار الحضري بأنّ حلمه المستقبلي يكمن في مساهمته ضمن تحديث ممارسة المهنة فوق التراب المغربيّ بتركيز على إدخال التقنيات الحديثة للقضاء على جميع الممارسات التقليديّة التي ما زال التعاطي معها يتمّ بأرض الوطن.. "رغم الحداثة التي هبّت رياحها على عيادات تقويم وزراعة الأسنان بالمغرب، وحتّى إذا تمّت مراعاة تطور تقنيات الاتصال وتسريعها من وتيرة الإشعار بالمستجدّات أوّلا بأوّل، إلاّ أنّي أرى بكون إمكانية التوفر على دقّة أكبر وجودة أعلى يمكن أن تتمّ من أجل الرقي بالخدمات لنيل رضَى النّاس كما المختصّين" يردف نزار. أمّا أنس الحضري، وهو الذي شرع في تعليمه بابتدائيّة ابن رشد ثمّ ثانوية القاضي عياض بتطوان، قبل خوضه مسارا جامعيا في دراسة القانون بجامعة عبد المالك السعدي، وهو يعتبر نفسه ما يزال سائرا على درب التعلّم، حتى الحين/ من أجل استمرارية التطوّر في مساره الذي اختار أن يكون فيه مصوّرا فوتوغرافيا محترفا ضمن شقّه الفنّي خصوصا. ويرى أنس أنّ خطواته المستقبليّة تحمل إصرارا على النجاح أكبر من نظيرتها التي بصم عليها في الماضي، "أعتزّ بماضيَّ الذي كان وراء الكاميرا حين اشتغالي التجريبيّ ببداية مساري وأنا أمرّ بكل من جريدة الشمال، للصديق الصحفي خالد مشبال، وكذا عمالة إقليمتطوان كمصوّر للوالي الجهة.. زيادة على مشاركتي بمعارض للصور بكل من المغرب وإسبانيا.. وأبتغي الآن أن أواصل اشتغالي كفنّان فوتوغرافيّ، منخرطا في مجال البحث عن الذّات" يزيد الأخ الأصغر لنزار. تقييم المسار لا يخفي أنس الحضري اعتباره لنفسه من المحظوظين الذين يسيرون في مراكمة النجاحات دون مصادفة عراقيل كبيرة.. ويقول في هذا الصدد: "لقد ساعدني أصدقائي حين وصولي إلى إسبانيا، بل يمكنني التصريح أنّهم أخذوني بالأحضان إلى حدّ أني وجدت الأبواب تفتح امامي وأنا أتلقَّى التكوين تلو الآخر لتحسين مستويات مهاراتي.. وحاليا أمتلك قدرة على رؤية أمور لم أكن ألحظها في الماضي، كما أحضى بثقة كبيرة من لدن الغير وبشكل يجعلني أقدّرها للغاية". أمّا نزار الحضري فهو يعتبر مسيرته جالبة للفرح والسرور العارمين نحوه، خاصّة وأنّه قد اكتسب تجربة مهنيّة كبيرة وشكّل شبكة كبيرة من ذوي العلاقة بمجال اشتغاله وحقق اندماجا اجتماعيا سريعا وسط إشبيليّة وإسبانيا، "أحسّ بالسرور يغمرني حين جلوسي مع ذاتي لتقييم كل خطواتي، إذ أقف على وجود تعاملات تفضيليّة تطالني من قبل محيطي.. وكذلك بيئتي الأسريّة التي شكّلتها تسير أمورها على أحسن وجه.. كما أنّي أتلقَّى عروضا للعودة صوب المغرب من أجل الاشتغال مع مصحّات مختصّة في زراعة وتقويم الأسنان ولم أحسم فيها بعد.. وأشعر بأني في مزاج جيّد يدفعني لمزيد من العطاء بعيدا عن المؤثرات الماديّة كيفما كانت".