في خرجة مثيرة جديدة، ربَط الناشط الحقوقي والباحث أحمد عصيد، بين العُنف الذي يَسِمُ سلوك المغاربة خلال شهر رمضان، وبيْن اعتبار فريضة الصيام "ظاهرة اجتماعية قهريّة" أكثر منها عقيدة. وأضاف عصيد، في ندوة حول حرية المعتقد والضمير، نظمتها مساء الأربعاء، الهيئة المغربية لحقوق الإنسان، أنّ شهر رمضان يتّسم بسلوكيات "في قمّة الوحشية والتخلّف، ويكتسي طابعا مأساويا دراماتيكيا"، لكونه "ظاهرة اجتماعية قهْرية، تعتمد على مبدأ شي حاضي شي". واستدلّ المتحدّث ببعض الاعتداءات التي تطالُ بعض المفطرين خلال شهر رمضان، من طرف المواطنين، ومنها الاعتداء قبل أيام على مواطن في مدينة سلا، بعْد ضبْطه يدخّن في نهار رمضان، ليخلص إلى أنّ رمضان لا يتعلّقُ باعتقاد، بل بظاهرة اجتماعية قهرية". وشرح عصيد، أنّ صيام رمضان يُفترض أن يجعل الصائم، إذا صام عن اعتقاد، يشعر بالطمأنينة، ويشعر بالشفقة على غير الصائم، "غيرَ أنّ العكس هو الذي يحصُل، إذ أنّ الصائمين لا يشعرون بالطمأنينة، بلْ يشعرون، عندما يروْن أحدا يُفطر رمضانَ، بالاستفزاز". وربط الناشط الحقوقي في مداخلته بين عدم تسامح المغاربة مع حرّية المعتقد، بكونهم انتقلوا إلى الدولة الحديثة "لكنْ، على المستوى الفكري، ظلّ الحنين إلى مرحلة من التاريخ الإسلامي كنّا نعتقد أنّها مزدهرة"، مضيفا أنّ النقاش العمومي الدائر، خلال السنوات الأخيرة، حول حرية المُعتقد، "مُعطى مُهمّ وغيرُ مسبوق". وانتقد عصيد عُلماء المجلس العلمي الأعلى، لعَدم مسايرتهم واستحضارهم للتطوّر الذي يشهده المجتمع المغربي، حينَ إصدارهم للفتاوى، وعدم مراعاة التحوّلات التي عرفتها الدولة، خلال المائة سنة الأخيرة، على مستوى التحديث، والتزاماته الدولية، داخليا وخارجيا، وهو ما اعتبره "قمّة الكسل الفكري". وعادَ إلى الفتوى التي سبق للمجلس العلمي الأعلى أن أصدرها حول حُكم قتل المرتدّ، بعدما طلب وزير الأوقاف رأي المجلس بهذا الشأن، قائلا "علماء المجلس العلمي الأعلى عندما أصدروا الفتوى ما خْدّموش عقلهم، ولمْ يأخذوا بعين الاعتبار لا التحولات التي شهدها المجتمع، ولا القانون". وذكّر عصيد، في المقابل، بفتوى الفقيه أحمد الريسوني، بخصوص حدّ الردّة، قائلا "أصبح فقيه الإسلام السياسي أكثر تنويرا من فقهاء المجلس العلمي الأعلى، الذي يرأسه الملك، وزاد "بعد فتوى المجلس الأعلى بأسبوع قال خطيب الجمعة أمام الملك إنّ الإسلام يكفل حرية العقيدة، ولا نعرف ما إذا كان هذا جوابا للملك على فتوى المجلس أمْ لا". انتقادات الناشط الحقوقي، طالت أيضا العقيدة الأشعرية التي يتبعها المغرب، منذ أكثر من عشرة قرون، إذْ قال إنّ الأشاعرة الذين يتبع المغرب عقيدتهم "أفْسدوا كل شيء، بعدما أغلقوا باب الحوار المشترك مع الآخر، وكانوا يُحاورون ليس من أجل إقناع الآخر بأنّه شريك، بل لإقناعه أنّ دينهم هو الدين الصحيح وأنّ باقي الأديان مُحرّفة".