بالرغم من إيمانيات الشهر الكريم، فإن الإقبال على المخدرات يعرف ارتفاعا خلال شهر رمضان، كما تزداد بالموازاة وتيرة الحملات الأمنية التي تستهدف توقيف مروجي هذه السموم بأنواعها، حيث تفيد أرقام رسمية عن ارتفاع في عدد الموقوفين بتهمة ترويج المخدرات واستهلاكها بعموم التراب المغربي. مدينة الناظور من بين المدن التي تعرف تزايدا في نشاط مروجي المخدرات، الذين يختارون مناطق خارج المدار الحضري لشساعة المجال الذي يتيح الفرار، ولسهولة مراقبة قدوم العناصر الأمنية سواء التابعة للأمن الوطني أو الدرك الملكي، حيث يستعينون بمساعدين لمراقبة التحركات الغير مرغوب فيها، كما يستعمل أغلبهم سيارات بصفائح ترقيمية مزورة في تنقلاتهم، وذلك تفاديا لتحديد هوياتهم. وتعتبر مدينة الناظور، ومنطقة فرخانة التابعة ترابيا لبلدية بني أنصار، من أشهر المناطق المعروفة بترويج الهيروين بدرجة أولى، والكوكايين بدرجة ثانية، في حين تعتبر الشيرا أو الحشيش مخدرا متاحا وسهل المنال في هذه المنطقة الجبلية المتاخمة لمدينة مليلية المحتلة. وتصدّر فرخانة لمراكز تجارة الهيروين لم يأت اعتباطا، بل تشير أرقام أمنية أن 96% من الموقوفين على خلفية تجارة المخدرات القوية بالإقليم يقيمون في هذه المنطقة، وأغلبهم يقرون خلال التحقيقات الأمنية أنهم يجلبون سلعتهم من مدينة مليلية المحتلة. آخر العمليات المفعّلة لتوقيف تجار الهيروين تمت بداية الأسبوع، عندما ألقت مصالح الشرطة القضائية التابعة للمنطقة الإقليمية لأمن الناظور، القبض على شخص في ال32 من العمر، مبحوث عنه بموجب 5 مذكرات أمنية من أجل الاتجار في الهيروين، وذلك بعد رصد لتحركاته بمنطقة فرخانة، حيث تم إيقافه بمنزله، ونقله لمقر الشرطة للتحقيق المعمق قبل إحالته على القضاء، حيث اعترف بترويجه للمخدر منذ مدة، كما كشف عن هوية مزوده الذي يقطن بدوره في المنطقة. وقبل إحالة عناصر الشرطة القضائية بالناظور الموقوف على جهات التحقيق، ألقت القبض على من اعتبرته صيدا ثمينا، وذلك بقرية أركمان القصية عن مركز الناظور ب20 كيلومتر، وهو شخص معروف باسم الشاذلي مبحوث عنه بموجب 10 مذكرات بحث وطنية من أجل ترويج الهيروين والكوكايين، وينحدر من منطقة فرخانة. وحجزت عنصار الأمن لدى الشاذلي كمية مهمة من المخدرات القوية وسيارة مزورة الوثائق، ليتم وضعه رهن تدابير الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة، حيث اعترف بدوره بأسماء مزوديه وشركائه الذين صدرت في حقهم مذكرات بحث وطنية. مصدر أمني، فضل عدم الكشف عن هويته، أكد في تصريح لهسبريس، أن الحملات الأمنية المفعلة لا تقتصر على شهر رمضان، كاشفا أن المصالح الإدارية بالمنطقة الأمنية الإقليمية سجلت ارتفاعا في عدد الموقوفين من أجل الاتجار في المخدرات بأنواعها خلال هذا الشهر، وأنها ستعلن عن الإحصائيات كالمعتاد في نهاية الشهر. وشدد المصدر الأمني على أن تجفيف منابع تجارة المخدرات وخصوصا القوية، يبقى رهانا صعبا يحتاج لإمكانيات لوجستيكية وعناصر أمنية أكثر من المتوفر عليها، مؤكدا أن الحصيلة مشرفة، وأن الإدارة العامة للأمن مقتنعة بفعالية أداء أمنيي المدينة خلال الثلاثة أشهر المنقضية. جمعويون في منطقة فرخانة دقّوا مرارا ناقوس الخطر في مراسلات موجهة للجهات المعنية حول ارتفاع تجارة الهيروين بالمنطقة، ومساهمة ذلك في إفساد الشباب، وانتقدوا ضعف التدخلات الأمنية الهادفة للحد من تحركات المروجين، مقرّين بأن صعوبة المسالك وقلة العناصر الأمنية تعقد من الوضع. وطالب الجمعويون بإلحاق فرخانة بالنفوذ التابع للأمن الوطني وإحداث مفوضية أمنية، عوض الوضع الحالي المتسم بتداخل الاختصاصات الترابية بين الأمن والدرك الملكي، المتوفرين على عناصر قليلة يتمركز أغلبهم عند النقطة الحدودية مع مليلية المحتلة؛ ما يجعل نجاعة تدخلاتهم محدودة ودون جدوى. محمد باشاو، الإطار التدريسي بثانوية فرخانة، في تصريح سابق لهسبريس قال إن "نسبة الهدر المدرسي في ارتفاع، خصوصا لدى الإناث، والسبب تجار المخدرات الذين يتخذون من أبواب المؤسسات مكانا للاتجار في هذه السموم، حيث يخاف الأولياء من استهداف بناتهم من طرف المتربصين". وأضاف نفس رجل التعليم بأن "غياب الأمن، والتحرش بالتلميذات وعدم توفر نقل مدرسي، هي من أسباب ارتفاع نسبة الهدر، ما يجعلنا نعلن وصولنا لمرحلة الخطر بهذه المنطقة التي تعاني التهميش في ظل غياب التفاتة المسؤولين المحليين من جميع مواقعهم".