تحمل "ندّى أبو عيسى" ابنتها البكر، (نور) ثلاثة أيام، بحنانٍ لا يخلو من خوف، فلا شيء يبعث على قلق أي امرأة، تحمل لقب "أم" لأول مرة، سوى أن يبقى جزءا من الحبل السرّي في بطن مولودها. وتعد "أبو عيسي" الساعات لكي ترقب جفاف بقايا الحبل، ووقوعه لكي ترتاح، وتضم صغيرتها دون أن يساورها شعور التوتر، غير أن الأم الغزيّة لم تكن تدري أن خوفها سيتحول إلى رعب، وصراخ يتجاوز التفاصيل الصغيرة للأمومة. فعلى سرير الإصابة باتت ترقد الأم ومولودتها، بعد أن أصابتهما شظايا الطائرات الحربية الإسرائيلية مساء الاثنين، في قصف استهدف منزلهما في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة. وتنسى الأم مخاوف "الحبل السري" وتعليمات من حولها بكيفية العناية بطفلتها في أيامها الأولى، وإسكات أنينها فما جرّى أسكن في قلبها خوفا لا يزول، كما تقول لوكالة الأناضول. وتتمتم وهي لا تصدق أن صغيرتها على قيد الحياة :" الحمد لله، أنني لم أفقد نور، لا أتخيل حياتي دونها، رُزقت بها قبل 3 أيام، وكنت أخاف كأي أم من مجرد لفّها، خاصة التعامل مع (الحبل السري)، وما قد يسببه لنور من ألم، وكانت أمي تُخبرني ماذا أفعل؟ واليوم ومع القصف الإسرائيلي فقدت القدرة على النطق". وتضم أبو عيسي صغيرتها إلى أحضانها، وتحمد الله على أنّها لم تتحول إلى رقم جديد، في قائمة القتلى جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة. وتتابع وهي تهدهد مولودتها :" لم أشعر بإصابتي، ولا بأي شيء، فقط أردت الاطمئنان على نور، لقد كنت أنا وهي وزوجي ووالدتي، وعدد من أفراد عائلتي نجلس معا عندما باغتتنا إحدى القذائف". ولا يصدق "هايل" والد الطفلة نور، أن زوجته وطفلته بخير، وأن إصابتهم متوسطة كما يؤكد الأطباء داخل المستشفى. ويستدرك بأسى:" لا أكاد أتخيل أن أكون مثل الآباء الذين يحملون جثث أطفالهم، الحمد لله أن سلّمها، لم يعد أطفالنا في أمان، قبل أيام رحلت طفلة رضيعة عمرها عام، أين مؤسسات حقوق الإنسان من مجازر وجرائم إسرائيل وما ترتكبه من انتهاكات". وتتواصل في قطاع غزة عملية الجرف الصامد" التي أطلقها الجيش الإسرائيلي، منذ الاثنين الماضي (7 يوليو)، حيث أسفرت حتى اليوم عن مقتل 187 فلسطينياً وإصابة أكثر من 1000 آخرين في سلسلة غارات جوية استهدفت مناطق متفرقة من القطاع، بحسب مصادر طبية فلسطينية. ومن بين القتلى 33 طفلا، أصغرهم عام ، وهو ما وصفته مؤسسات حقوقية فلسطينية ودولية بالجريمة ضد الإنسانية. *وكالة أنباء الأناضول