لا حديث اليوم في صفوف بعض شبيبات الأحزاب المغربية إلا عن مبادرة شباب 2012, المبادرة التي تبنتها رابطة الشباب الديمقراطي بالمغرب التي يربطها البعض بحزب الأصالة والمعاصرة, والتي تهدف حسب ذات الهيئة إلى" تشكيل لوبي شبابي يدافع عن أحقية الشباب في التقدم للانتخابات التشريعية سنة 2012, وتفعيل كوطا 20 في المائة مخصصة للشباب ليس فقط في الأجهزة الحزبية بل حتى في الانتخابات التشريعية والجماعية المقبلتين" الفكرة إذن واضحة, فالرابطة تدعو إلى تمكين الشباب من الحصول على انتدابات انتخابية على مستوى البرلمان المغربي بنسبة 20 في المائة على غرار التجربة المغربية المتميزة في تمكين المرأة من ولوج البرلمان والمجالس المنتخبة. الهيئة نفسها, ولحشد الدعم اللازم للمبادرة, اتصلت ببعض شبيبات الأحزاب المغربية وتعتزم تقديم مقترح قانون إلى الأحزاب السياسية ورؤساء الفرق البرلمانية يدعم المكانة السياسية للشباب في المؤسسات المنتخبة, ويشترط على الأحزاب الراغبة في دخول الانتخابات تخصيص لائحة مستقلة للشباب. شخصيا, كفاعل مدني وسياسي, أعتبر المبادرة ايجابية جدا, وانه لأمر ايجابي كذلك أن نمنح فرصة للشباب في مجال الممارسة السياسية سواء داخل المجالس المنتخبة أو داخل الهيئات التقريرية للأحزاب السياسية. غير أن ما أعيبه على هذه المبادرة هو كونها غارقة في النخبوية ما دامت إلى حدود كتابة هذه الأسطر حبيسة صالونات النخبة بالعاصمة ولم تفتح بعد قنوات اتصال حقيقية مع شبيبات الأحزاب الأخرى خصوصا الصغرى منها لأن اغناء ودعم المبادرة يقتضي الانفتاح على شبيبات جميع الأحزاب السياسية بالمغرب وليس فقط الأحزاب التقليدية المعروفة, كما يقتضي كذلك استشارة المنظمات والهيئات المدنية المهتمة بالشباب. علاوة على ذلك, لم ألاحظ أي تحركات محلية وجهوية لأصحاب هذه المبادرة تروم تقريب الشباب المغربي من مختلف مناطق المغرب من أهدافها وآفاقها. من جهة أخرى, ركزت المبادرة على آلية الكوطا لتمكين الشباب من الحصول على مقاعد برلمانية ,وهذه الآلية في نظري زيادة على ما تنطوي عليه من خطاب الاستجداء والتوسل, لا تعبر حقيقة عن تطلعات الشباب المغربي الذي عانى لسنوات من تقزيم لحضوره و تهميش لقضاياه سواء على مستوى الممارسة السياسية أو على مستوى القوانين والتشريعات. حيث أنه ورغم كل التحولات الإيجابية والتشريعات المتقدمة التي عرفها المغرب في العقد الأخير على مستوى حقوق الإنسان والمرأة والطفولة وكذا محاولات تحديث المشهد السياسي, نسجل بكل أسف غياب أي قانون بالمغرب متعلق بالشباب, وعدم وجود أي لجنة مختصة بالشباب في البرلمان المغربي بغرفتيه , ناهيك عن ضحالة المشاركة السياسية للفاعلين الشباب في تسيير الأحزاب ضدا على قانون الأحزاب السياسية خصوصا المادة 22 منه التي تنص على ضرورة إشراك الشباب والنساء في الأجهزة المسيرة للحزب. ولا أظن أن مجرد اعتماد كوطا لتمثيل الشباب في المؤسسات المنتخبة من شأنه أن يصحح هذا الوضع, بل المطلوب من محتضني هذه المبادرة تبني مطلب " برلمان للشباب المغربي" الذي انتظره الفاعلون الشباب لمدة طويلة, فهو يعتبر أمرا مشروعا لا يستحق كل هذه المماطلة, ويستجيب لتوصيات المؤتمر العالمي للشباب المنعقد مؤخرا بتركيا وكذا توصيات المؤتمر العالمي لشباب الألفية الثالثة, وأهداف الألفية للتنمية. قد يبدو الأمر مستحيلا خصوصا وأنه سبق للمنتدى المغربي للشباب في فبراير 2009 أن دعا إلى تأسيس برلمان للشباب المغربي لكن دعوته لم تلق آذانا صاغية. لكن بالمقابل من يطلب المستحيل يحصل على أفضل ما هو ممكن. من هذا المنطلق, يتوجب على أصحاب المبادرة إن قرروا فعلا تبني هذا المطلب الإسراع بوضع مشروع برلمان للشباب المغربي وتعميق النقاش مع مختلف الفاعلين حول ضرورة وراهنية وجود برلمان للشباب المغربي على غرار دول كثيرة, والعمل على جلب الدعم والمساندة اللازمين للمشروع. أما الحديث عن صلاحياته وكيفية انتخابه وكونه هيئة استشارية أو تقريرية فهذا نقاش سابق لأوانه. " حتى يزيد ونسميوه سعيد"..