يوْماً واحداً بعد إعلان الحكومة عن مشروع مرسومٍ يقضي بتجديدِ أسطول سيارات الأجرة من الصنف الأول بكامله، عبَّرتْ نقاباتٌ مُمثّلة للمهنيين العاملين في القطاع، عن رفضها لمشروع المرسوم، في ظلّ عدم إشراكها في صياغته، داعيةً الحكومة إلى الجلوس إلى طاولة الحوار معها، وفسْح المجال أمامَها لإبداء رأي المهنيين، وتقديم مقترحاتٍ تهمّ تجديد الأسطول، وكذا السُبل القمينة بالنهوض بالقطاع بشكل عامّ، وتحسين أوضاع العاملين فيه. ويبْدو أنّ محاولة الحكومة "إغراء" أصحاب سيارات الأجرة الكبيرة بالتخلّص من سياراتهم التي يعملون بها حاليا، مُقابل الحصول على 80 ألف درهم، لشراء سيارات جديدة، لنْ تلقى استجابةً من طرف المهْنيين، فقدْ أجمعتْ آراءُ مسؤولي نقاباتٍ لسيارات الأجرة أنّ الحكومة لم تستشرْهم قبل الإعلان عن المشروع، "ونحنُ أدْرى بالمشاكل التي يتخبّط فيها القطاع، والحلول الملائمة له"، حسب حسن الدكالي، الكاتب العامّ لنقابة سيارات الأجرة بسلا. وفي الوقت الذي وضعت الحكومة، ضمن الشروط التي يجب أن تتوفّر في الراغب في الحصول على تعويض 80 ألف درهم، أن يزيد عمر السيارة على 10 سنوات عند تاريخ إيداع ملف طلب الدعم، وأن تكون السيارة استُعملت كسيارة أجرة من الصنف الأول خلال الثلاث سنوات الأخيرة على الأقل من تاريخ إيداع الملف، مع التزام صاحب السيارة بسحبها نهائيا، قال أحمد صابر، الكاتب الوطني لنقابة مهنيي سيارات الأجرة بالمغرب، إنّ المشروع "ليس سوى مجرد عمليّة لذرّ الرماد في العيون". صابر أوضح أن مشروع مرسوم تجديد أسطول سيارات الأجرة الكبيرة، الذي يُرتقبُ أن تصادق عليه الحكومة قريبا، "مرفوضٌ لأنّنا لمْ نُستشرْ حوله، والحكومة حضّرت المشروع بشكل انفرادي كعادتها، دون إشراك المهنيين"؛ وأضاف صابر أنّ النقابات لا تُعارضُ تجديد أسطول سيارات الأجرة الكبيرة، غيرَ أنّ ذلك يقتضي توفيرَ أرضية قانونية مناسبة أوّلا، "فقبل أن تمنح الحكومة دعما لأصحاب سيارات الأجرة، يجب أن تضمن لهم استمرارية العمل، في ظلّ لجوء أصحاب المأذونيات إلى سحْبها، من المهنيين، بأحكام قضائية، من أجل إعادة تأجيرها بحثا عن "الحلاوة"، يقول صابر. من جهته انتقد إبراهيم الطائع، عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عدمَ إشراك الحكومة للمهنيين في مشاورات إعداد مشروع مرسوم تجديد أسطول سيارات الأجرة الكبيرة، قائلا إنّ مشاريعَ من هذا النوع يجب أن تكونَ مُؤطَّرة بضوابط، ومنها إشراك من يعْنيهم الأمر؛ واستطرد الطائع أنّ المهنيين لا يرفضون تجديد أسطول سيارات الأجرة، شريطة أن يتمّ إشراكهم، في ظلّ وجود وعودٍ سابقة للحكومة لم تنفّذ بعد، مثل دعم الكازوال، وهو الوعد الذي لم تلتزم الحكومة بتنفيذه، رغم مرور سنة على الوعد الذي قدّمته الحكومة، على حدّ تعبيره. ويبْقى نوع السيارات التي اقترحتِ الحكومة أن يعوَّض بها الأسطول الحالي من سيارات الأجرة، والذي يتشكل بالخصوص من "مرسديس 240"، من النقط التي أثارت حفيظة المهنيين، إذ قال حسن الدكالي، الكاتب العامّ لنقابة سيارات الأجرة بسلا، إنّ السيارات التي اقترحتْها الحكومة غيرُ مُلائمة لتشغيلها كسيارات أجرة من الصنف الأول؛ بينما قال إبراهيم الطائع، إنّ على الحكومة أن تُقدّم طلبات عروض أمام شركات تصنيع السيارات، "لأنّ الأمر يتعلق بصفقةٍ تشمل 45 ألف سيارة، وإذا كانت هناك منافسة ستنخفض أسعار السيارات"، على حدّ تعبيره. وفيما تقول الحكومة إنّ مشروع تجديد أسطول سيارات الأجرة يهدف إلى الحدّ من الأخطار البيئية، وتوفير ظروف عمل ملائمة للمهنيين، قال أحمد صابر إنّ المهنيين يستطيعون العمل بسيارات تُقلّ أربعة أشخاص فقط، لتوفير الراحة لسائق سيارة الأجرة وللركّاب، وأضاف أنّ ما يجب على الحكومة القيام به هو منْح المأذونيات للمهنيين، وآنذاك سيكون بمقدورهم اقتناء سيارات جديدة، حتى من دون أيّ دعم للحكومة، لكونهم سيربحون ما بين 20 و 30 مليون سنتيم، التي يفرضها أصحاب المأذونيات ك"حلاوة"، وتوفير ثمن كرائها. وأضاف المتحدّث أنّ استفادة المهنيين من مأذونيات النقل سيضمن لهم استقرارا اجتماعيا، في ظلّ إقدام عدد من أصحاب المأذونيات على اللجوء إلى المحاكم، لفسخ العقود بعد انتهائها، مع أصحاب سيارات الأجرة، وإعادة كراء المأذونية إلى شخص آخر، بعد أن ارتفع المبلغ المالي الذي يدفعه الراغب في كراء المأذونية، والمعروف ب"الحلاوة"، إلى ما بين 20 و 30 مليون سنتيم، فيما يصلُ، في بعض المناطق، حسب أحمد صابر، إلى أكثر من أربعين مليون سنتيم، وهو ما دفع نقابات سيارات الأجرة إلى خوض وقفة احتجاجية قبل نحو شهر أمام محكمة الاستئناف بسلا، لمطالبة القضاء بوقف أحكام نزْع المأذونيات.