بعْد مُضيّ شهريْن ونيّفٍ على انطلاق الحوار بيْن النقابات الممثلة لمهنّيي سيّارات الأجرة ووزارة الداخليّة، والذي انطلق يوم 30 دجنبر الماضي، خرَجَ المهنيّون ليُعلنوا أنّ شهرْن ونصفَ الشهر من الحوار مع وزارة الداخليّة لمْ تُفْض إلى أيّ نتيجة، وإنْ كانَ الحوارُ ما يزالُ مستمرّاً بيْن الطرفيْن. وقالَ أحمد صابر، الكاتبُ العامّ للنقابة الوطنية لمهنيِّي سيارات الأجرة بالمغرب، في ندوة صحافية نظمتها النقابة صباح اليوم بالرباط، إنّ الحوار بيْن وزارة الداخلية وممثلي مهنيي سيارات الأجرة خلال جلسات الحوار التي جمعتْهُما "لم يعرف أيّ مستجدّ"، وأضاف "وجدْنا أنفسنا أمام بابٍ مسدود". ويطْغى الوضع الاجتماعي للمهنيين العاملين في قطاع سيّارات الأجرة على المطالب المرفوعة من قِبَل النقابات الممثلة لهم إلى وزارة الداخلية، ففي الشّقّ الاجتماعي، يُطالب المهنيون باستفادة السائق المهني من رخص استغلال سيارة الأجرة في حال استمرار النظام المعمول به حاليا، كحَلّ آني. وعلّق الكاتب العام للنقابة الوطنية لمِهْنيي سيارات الأجرة بالمغرب على هذا المطلب بالقول "90 في المائة من رخص استغلال سيارات الأجرة يستفيدُ منها أشخاص لا علاقة لهم بالقطاع، وهُناكَ مهنيّون قضّوا أربعين سنة من الخدمة ولم يستفيدوا من أي رخصة، وعندما يعجزون عن مواصلة العمل يصبحون عاطلين". وعلاقة برُخص استغلال مأذونيات النقل، يشتكي المهنيون من الأحكام القضائية التي يلجأ إليها بعض أصحاب الرخص "للتملّص من الدخول في العَقد النموذجي"، وقال أحمد صابر إنّ بعض أصحاب رخص سيارات الأجرة يعمدون إلى إعادة بيْعها بعد انتهاء مدّة العقد بأموال طائلة تحْت الطاولة، رغم أنّ القانون يمنع بيْعها أو تفويتها"، وأضاف "القضاء الذي يحكم بنزع الرّخص من المهنيّين يكرّس اقتصاد الريع". ويُطالبُ مهنييو سيارات الأجرة بتحسين ظروف عملهم، وتوفير الحماية الاجتماعية لهم، وذلك عبْرَ إخراج مشروع استفادة المهنيين من خدمات صندوق الضمان الاجتماعي، والتغطيّة الصحية إلى حيّز الوجود، واعتبر أحمد صابر أنّ سائقي سيارات الأجرة يُعتبرون "الحلقة الأضعف"، في قطاع النقل بسيارات الأجرة، موضحا أنّ الأمين العامّ لوزارة الداخلية دعا خلال لقاء مع المهنيين إلى ضرورة إيجاد إطارٍ قانوني لهم". من المطالب الأخرى التي ترفعها النقابات الممثلة لمهنيي سيارات الأجرة، اعتماد نظام الكازوال المهني في إطار دعْم الحكومة للمحروقات بالنسبة لمهنيي النقل، وعلى الرغم من الانخفاض الذي سجّلتْه أسعار المحروقات خلال الآونة الأخيرة، إلّا أنّ عودتها إلى الارتفاع يثير قلقَ المهنيين، وقالَ صابر "الحكومة صرّحت أنها ستخصص لنا دعما لشراء الكازوال، لكنّنا لم نستفدْ لحدّ الآن من أيّ دعم"، وأضاف "نريد أن تخصص لنا الحكومة الكازوال المهْني، على غرار البحّارة، مثلا". على صعيد آخرَ، لا يزالُ تجديد أسطول سيارات الأجرة من الصنف الأوّل يُثير ردود فعْل المهنيين، ولا تُبدي النقابة الوطنية لمهنيي سيارات الأجرة التابعة للاتحاد العامّ للشغالين بالمغرب ترحيبا كبيراً بالقرار الحكومي بهذا الشأن، وإنْ كان الكاتب العامّ للنقابة قد قالَ إنّ السيارات المعمول بها حاليا "لن تبقى أبدا، ونحن نريد البديل، لكنْ وفْقَ مقاربة تشاركية وليْس وفق ما تقترحه الحكومة لوحْدها". وأشار صابر إلى أنّ النقابات الممثلة للمهنيين لديْه اقتراحات وبدائل، لتجديد أسطول سيارات الأجرة الكبيرة، والذي اعتبر أنّه "خلق مشكلا كبيرا"، وقال صابر إنَّ سيّارة الأجرة يجبُ أن تتوفّر فيها معايير تتعلق بالجمالية والسلامة وراحة الرّكاب، وهي شروط، يرى المتحدّث أنها لا تتوفر في السيارات التي اقترحتْها الحكومة، والتي يرَى أنها "ستشوّه المنظرَ العامّ للمدن نظراً لكبر حجمها". وفيما تقول الحكومة إنّ اختيار السيارات الحالية جاء بهدف الحفاظ على استقرار تسعيرة النقل، وتوفير راحةٍ للركاب وهامش ربْح للمهنيّين، ذهبَ صابر إلى أنّ مبرّرات الحكومة لا تستندُ إلى أسس صحيحة، موضحا أنّه يُمكن تجديد الأسطول الحالي بسيّارات صغيرة من أربعة مقاعد، دُونَ أنْ يؤدّي ذلك إلى رفْع تسعيرة النقل، إذا وُوكب ذلك بإجراءات تحفيزية، "وحتّى إذا كانت هناك زيادة فلنْ تتعدّى 2 أو 3 في المائة". وأوْضح قائلا "إذا رفعنا تسعيرة النقل على الخط الرابط بين مدينتيْ الرباط وفاس مثلا، بخمسة دراهم، فإنّ السيارات الصغيرة ستضمنُ راحة للمسافرين، والتي لا تضمَنُها السيارات الحالية، التي لا تتوفّر على صندوق للحقائب"، وأضاف "أمّا إذا كانَ هناك دعْم من طرف الحكومة، من خلال توفير الكازوال المهني، وتخفيض الضرائب، فلنْ نضيف سنتيما واحدا لتسعيرة النقل". على صعيد آخرَ تطالبُ النقابات الممثلة لمهنيي سيارات الأجرة بإشراك المهنيين في انتخابات الغُرف المهنية، وقال الكاتب العامّ للنقابة الوطنية لمهنيي سيارات الأجرة بالمغرب إنّ المهنيين "مقصيون من الانتخابات المهنية، بيْنما حتّى الخمّاسون لهم الحقّ في التقييد في اللوائح الانتخابيّة"، وعَزا ذلك إلى "الخوف من السيطرة على الغرفة المهنية"، ولتجاوز الوضع القائم دعا صابر إلى خلق هيئة خاصة بمهنيي سيارات الأجرة. وفي الوقت الذي تدعو النقابات الممثلة لمهنيي سيّارات الأجرة وزارةَ الداخلية إلى حوار مُثمر، وتقول إنّ الحوار الحالي هو "حوار من أجل الحوار فقط"، بحسب أحمد صابر، حذّر هذا الأخير من مَغبّة عدم استجابة وزارة الداخلية لمطالب المهنيين، قائلا "نحنُ الآن في حوار، لكن إذا لمْ تتم الاستجابة بمطالبنا سيأتي وقت قد لا يعرف المهنيون ممثلينَ ولا سُلطة، عندما يشتدّ الضغط، وهذا ما لا نريده لبلدنا".