قطعت جماعة العدل والإحسان الشك باليقين، وحددت ملامح علاقتها بحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية برئاسة عبد الإله بنكيران، عندما أكد قياديون في "الجماعة" أن تنظيمهم لم يدعم أبدا حزب "المصباح" في الانتخابات التشريعية، لسبب بسيط أنه لا يؤمن بجدوى عملية سياسية "عبثية"، وفي ظل شروط محددة سلفا لمن يريد الخوض في معترك اللعبة السياسية. الجماعة بما كشف عنه قياديوها ذات لقاء رمضاني، ليلة الخميس الماضية، تكون قد صفعت بنكيران ليستيقظ من "حلمه" الذي ما فتئ يعبر عنه بدعواته المتكررة لأحد أكبر التنظيمات الإسلامية بالبلاد، من أجل مراجعة موقفها السياسي القاضي بالامتناع عن الخوض في العملية السياسية، التي من تجلياتها المشاركة في الانتخابات. وكان بنكيران قد دعا غير مرة، خاصة بعد توليه رئاسة الحكومة وتبوأ حزبه المرتبة الأولى في انتخابات 2011، الجماعة إلى أن تستفيد من الانتخابات التي وصفها بالنزيهة والشفافة، وخاطب الجماعة بالقول "هكذا يجب أن يفهم العدل والإحسان أن البلاد تغيرت، ومن الأفضل أن تنخرط للمساهمة في الإصلاح من داخل المؤسسات، عوض البقاء خارجها". وإذا كان بنكيران يصر في تصريحاته على أن "حزبه متقارب مع جماعة العدل والإحسان بما أن لهم نفس المرجعية الإسلامية، بالرغم من موقف الجماعة الرافض للمشاركة في الحياة الحزبية"، فإن الجماعة أكدت أخيرا أن ما يعتبره بنكيران تقاربا ليس في الحقيقة سوى عاملا يباعد بين الطرفين. حزب العدالة والتنمية، مُذْ فاز في الانتخابات وتبوأ كراسي الحكومة، لم يفتر في ترديد أنه "ملكي" التوجه، كما أكد زعيمه أكثر من مرة أن من ينتظر أن يصطدم الحزب مع الملك فهو خاطئ وواهم، ولعل هذا المعطى وحده يباعد بين "العدالة والتنمية" و"العدل والإحسان"، بما أن هذه الأخيرة لا تنظير بعين الرضا للمؤسسة الملكية. قياديو العدل والإحسان، في اللقاء الإعلامي ذاته، لم يترددوا في توضيح رؤية الجماعة إلى الوضع السياسي بالبلاد، فبالنسبة لهم "أصل الداء هو المخزن، والمخزن هو الملك والأجهزة والحاشية التابعة له"، كما أن "المشكل مع الملكية أنه نظام استبداد، وسلطة قابضة بكل شيء، مقابل إلغاء الذكاء الجمعي للأمة" يقول عبد الواحد المتوكل القيادي بالجماعة. الانتخابات التي يتغنى بنكيران بذكرها لا تجد القبول لدى الجماعة أيضا التي ترى "عدم قدرة أي حزب في أن يحصل على أكثر من خمس مقاعد البرلمان، بالنظر لنمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي والقوانين الانتخابية، مما يفضي إلى حكومة وبرلمان لا سلطة ولا قرار لهما، فالقرار في يد خارج هذه المؤسسات".