"أغلب المغاربة يشغلهم مطلب الكرامة، وهذا جوهري، والسياسات التي تحوم حول هذا الجوهر متعددة.. الولاية الحكومية الحالية استثنائية لأنّ الدستور، في الفصل 86، يتحدّث عن إرساء جميع قواعد اللعبة الديموقراطية المؤسساتية لكي ندخل في منطق المنافسة" يقول الحبيب الشوباني ضمن عرض له حضره مغاربة بمدريد يوم أمس، ويزيد: "لا يمكن حتى لحكومة من الأنبياء أن تقضي على الفساد في خمس سنوات إذا لم يكن هناك وعي جماعي للإنخراط في محاربة الفساد ووجود شبكات مجتمعية لمواجهة شبكات الفساد، لا بد من ثقافة إصلاح تواجه ثقافة الفساد، بدون منظومة مضادة لن نستطيع محاربة الفساد حتى لو جاء سيدنا عمر بن الخطاب لقيادة الحكومة". واعتبر الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، أنّ عمر المغرب في مسار البناء الديمقراطي "قصير جدا"، وأردف أنّ الاحتفاء بخمسينية الحياة البرلمانية، الذي تمّ شهر نونبر من العام الماضي بما لهذه المؤسسة من أدوار مركزية في حياة الديمقراطيات، قد أتت بعد ما عرفته المؤسسة التشريعية من انقطاعات و تراجعات عبر تاريخها.. إذا أخذنا عصارة كل هذه المدّة لن نجد خمسين سنة كاملة من الممارسة البرلمانية الحقيقية.. نحن إذا شعب يتلمس طريقه نحو الطريق الصحيح لبناء مجتمع له أسس حقيقية لدولة القانون والمؤسسات التي تحفظ كرامة المغاربة أينما وجدوا، وهذا لا يعني تقليلا لكل ما أنجز، فالمغرب تاريخ من المواجهات والمراجعات والمصالحات والإصلاحات، وهي أربع كلمات تلخص كيف أفهم بلدي كمواطن". الشوباني، وهو الذي أطّر ندورة أقيمت بالعاصمة الإسبانية مدريد وقدّم للحاضرين بصفته الوزاريّة لا الحزبيّة، قال إنّ "دستور 2011 هو إعلان جديد من أجل إرساء مصالحة مجتمعية وإصلاحات حقيقية في إتجاه بناء دولة القانون والمؤسسات والموساواة في الحقوق والواجبات"، كما بسط قراءته لذات الوثيقة الدستورية معتبرا أنّ "النظام الدستوري ركز على فصل السلط وتوازنها وتعاونها، والديموقراطية المواطنة والتشاركية، والحكامة، وربط المسؤولية بالمحاسبة"، واسترسل الشوباني: "هذا الكلام يمكن أن نجده في دستور 1996، ودستور 1992 بلغة اخرى، غير أن دستور 2011 أعطى مجموعة من التدابير والإجراءات التي تجعل كل هذا ذا طبيعة قانونية ومؤسساتية تعكل الحق والمستحق في حياة البرلمان". الوزير المتصدّر للموعد المقام ب "غموض" وهو يكشف تنظيمه من لدن "جمعيات المجتمع الإسباني بإسبانيا"، والمقام بإحدى فنادق مدريد، اعتبر أنّ سنوات ما بعد استقلال 1956 "لم تمر كلها في التوافق والبناء والتعاون، بل مرت في خصومات وصراعات ومواجهات، حيث أرادت الدولة التحكم في المجتمع"، وأضاف الشوباني: "المجتمع بطبيعته السياسية، في تلك المرحلة، أراد إضعاف الدولة ومواجهتها.. وبين التوجهين ضاعت كثير من مصالح المغرب وأفاق الجميع على ضعف الدولة والمجتمع، لقد كان كارثيا اختيار الإصطدام والمواجهة بين الطرفين". المسؤول الحكومي المغربي، وهو القياديّ بحزب العدالة والتنميّة، قال أيضا إنّ "اعتراف الدستور بالإمازيغية هو مصالحة من المصالحات، كما الاعتراف بالحسانية وموقع المرأة والشباب والعمل الجمعوي، كل هذا كان بمثابة مصالحات للخروج من منطق التحكم والتحكم المضاد، والصراع من أجل إضعاف الدولة والمجتمع في محيط متربص وعالم يسحق الضعفاء في حروبه". وضمن تفاعله مع مداخلات المتواجدين بالقاعة، والتي جاءت مثيرة لمشاكل الهويَّة وحقيقة الحكم بالمغرب ومستقبل الجالية في اختيار ممثليها بالبرلمان المغربي وعدد من الإشكالات التي تؤرق بال القاطنين بالمهجر، تطرق الشوباني لمقتل كريم لشقر الذي كان موقوفا من لدن الشرطة بمدينة الحسيمة، إذ قال الوزير إنّ "الحديث عن تعرضه للتعذيب داخل مقر الشرطة بالحسيمة نفاه تقرير الطبيب الشرعي الذي أنجز التشريح"، مؤكدا أن "الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقق في الموضوع، حساب كلام وزير العدل والحريات، وستعلن عن النتائج"، مشددا على "وجود فرق بين الضرب المفضي للموت والتعذيب الممنهج"، رافضا بذلك الحديث عن "وجود تعذيب في المغرب كسلوك للدولة". أمّا بخصوص مشاركة الجالية المغربية في الخارج ضمن الانتخابات البرلمانية فقد اعتبر الشوباني أنّ الانتخابات السابقة عرفت وجود توجّه لمشاركة الجالية في الانتخابات، لكن أحزاب رفضت الأمر خوفا من اكتساح حزب العدالة والتنمية للاستحقاقات.. وواصل: "هذا أمر معروف، لكن الدستور الجديد حسم الموضوع، وليس عليكم إلا الإستعداد لتكونوا قيمة مضافة في برلمان بلدكم عبر انتخابات شفافة ونزيهة" وفق تعبير ذات المتحدّث.