تشهد الأغنية الرياضية في الجزائر رواجا كبيرا منذ تأهل "محاربي الصحراء" إلى كأس العالم 2014، التي انطلقت في البرازيل الخميس الماضي. ويكثر الطلب على الأغاني الرياضية على أرصفة كبرى شوارع العاصمة الجزائر وباقي مدن البلاد، حيث يعرض شباب أقراصا مضغوطة لأشهر الأغاني التي تشجّع الفريق الوطني لكرة القدم، خاصة تلك التي لاقت قبولا كبيرا من الجزائريين. ولا تزال أغنية "جيبوها يا لولاد" (عودوا بالكأس أيها الأولاد) تستحوذ على قلوب الجماهير لارتباطها بتأهل الجزائر لأول مرة في تاريخها بمونديال 1982 في إسبانيا، والتي أدّتها فرقة "البحارة" آنذاك. يأتي بعدها أغنية "يا لولاد ديرو حالة" (أيها الأولاد أرونا مهارتكم) للفرقة نفسها، وتخاطب الأغنيتان الفريق الوطني لكرة القدم. وخلال مقابلة للأناضول مع قائد فرقة البحارة، الصادق جمعاوي، قال "الأمور جيدة على المستويين، فالأغنية الرياضية موسميّة كما تعلمون، مرتبطة بمشاركة الفريق الوطني في المناسبات الرياضية الكبرى، كأس العالم وكأس أفريقيا بدرجة أقل". وبسؤاله عن رواج الأغنية الرياضية ومستواها، أضاف أن فرقته تحرص على "حسن انتقاء الكلمات النظيفة والتي تحمل رسالة ضد العنف في الملاعب وتشيع الروح الرياضية مهما كانت النتائج، فضلا عن روح المحبة بين الجميع والتنافس بشرف ونزاهة". وقال جمعاوي، الذي تعشقه الجماهير الجزائرية، عن الأغنية الرياضية "إنها سلاح ذو حدّين، فإما تهدم الشباب وإما تبني أخلاقهم الرياضية". وتابع "لذلك حرصنا في فرقة البحارة على أن نوجّه الجيل الصاعد من فناني الأغنية الرياضية لتقديم أغان بالمستوى المطلوب سواء على مستوى الكلمات أو الألحان". ويحرص الجيل الجديد من الفنانين على تقديم أغان بطابع عصري تكون حماسية وتستعمل فيها آلات صاخبة الإيقاع لإثارة مشاعر الجماهير. ومن تلك الأغاني، أغنية أداها نجم الأغنية الرياضية "بلال ميلانو" بعنوان "جزاير ممُّو عينيا" (الجزائر بؤبؤ عينيَّ) في ألبوم استبق أولى مقابلات الفريق الجزائري في كأس العالم ضد بلجيكا في 17 يونيو/ حزيران الجاري. ومن أغنيات الألبوم الجديد "في يديّ رافد لعلام" (في يدي أحمل العلم) و"بلادي العزيزة" و"لاَلْجيري هي هي" (الجزائر هي هي) و"الجزائر نموت عليك". وزارت الأناضول مسرح "ابن خلدون" في العاصمة الجزائر، وتحدثت إلى فرقتين احترفتا الأغنية الرياضية، هما فرقة "برشلونة وبلدي" وفرقة "النهضة". وقال رئيس فرقة "برشلونة وبلدي" محمد الزين، إن فرقته انطلقت عام 2003، وطرحت 4 ألبومات كان آخرها ألبوم "هيا هيا أيها الخُضر"، ويحوي أغاني أشهرها "ألجيري مياموري" (الجزائر حبي) وهو مزيج بين العربية والإسبانية. وأضاف الزين ل"الأناضول" أن "الهدف من هذه الأغاني هو تشجيع الفريق الوطني أولا، لكن ثانيا توجيه الشباب عموما بكلمات موزونة ونظيفة حتى لا يلجأ إلى العنف في الملاعب أو في الشارع". من جهته، تحدّث عبد الحكيمي بن عمران، قائد فرقة "النهضة" عن تجربته في الأغنية الرياضية، فقال إن "الفرقة انطلقت عام 2008، وشاركت في مهرجانات جهوية (على صعيد المحافظات) ووطنية للأغنية الرياضية، ومن أشهر أغانيها "لا للعنف لا"، وهي مخصصة للعنف الذي لا يزال يضرب العنف في الملاعب الجزائرية". وتابع عبد الحكيمي للأناضول أن "الأغنية الرياضية تشهد رواجا كلما تأهل الفريق الوطني إلى منافسة قارية أو عالمية". ومضى بالقول "علينا كفرق أن ننتهز الفرصة لإشاعة الروح الوطنية، وتشجيع الفريق بحسن اختيار الكلمات والألحان". وعلى صعيد شبكات التواصل الاجتماعي، يكثر نشاط الفِرق الرياضية، إذ بث شباب ما اعتبروه الأغنية الرسمية للجزائر في مونديال البرازيل على موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب" والتي سجلت قرابة نصف مليون مشاهدة، وهي بعنوان "حب الجزائر". بالإضافة إلى فرقة "تورينو ميلانو" المشهورة بأغنية "يا فرحة مكمولة"، التي لاقت رواجا كبيرا منذ مونديال 2010 ولا تزال متداولة إلى اليوم. وبثت فرقة "لا فييستا" (الحفلة) أغانيها هي الأخرى على شبكة الإنترنت، وكانت المفاجأة بانضمام فرقة تونسية تسمى "أولاد الجويني" إلى فرحة الجزائريين، فأصدرت ألبوما بعنوان "ألجيريانو بريزيليانو" قبل حوالي شهرين والذي لقى مكانة عالية بين الأغاني الجزائرية. وتعج مواقع التواصل الاجتماعي بمئات الأغاني الرياضية الممجدة للفريق الوطني منذ مونديال جنوب إفريقيا 2010. ويسجل عدد المشاهدات أرقاما قياسية بعشرات ومئات الآلاف ما يعكس درجة رواج هذه الأغاني بين مجتمع يعشق كرة القدم، ويشكل الشباب فيه نسبة تفوق 70 %. ولا تعمّر الأغنية الرياضية طويلا في الجزائر، حيث تعيش "عصرها الذهبي" في المناسبات اللافتة ثم تختفي إلى موعد رياضي لاحق. *وكالة أنباء الأناضول