لقد تابع جمع من المتفرجين في أنحاء العالم رحلة سرية فتح الأندلس التي قام بها بعض الكويتيين في عالم الترفيه الخيالي بتخطيط من رجال قادة الإعلام الكويتي الهادف. هذه القافلة من مجاهدي الرسوم المتحركة أو بالأحرى الرسوم المحركة لاحظنا كيف صار بعض رجالها في أكادير باحثاً عن ما لم يجده في الكويت، والبعض في الدارالبيضاء باحثاً له عن إستثمار، والبعض الآخر لست أدري هل سماسرة طنجة ذهبوا بهم من شاطئ الرميلات غرباً إلى شاطئ مالاباطا شرقاً موهمينهم أنهم بذلك بلغوا إسبانيا، أم أنهم اخطأوا المسار البحري لاستعمالهم خريطة الخليج الفارسي عوض خريطة مضيق جبل طارق. أياً كان الحال، يبقى من المهم معرفة تداعيات هذه الغزوة الإعلامية التي قام بها الكويتيون -في سياق سرية ابي قتادة طبعاً- للاندلس و إنطلاقاً من الأراضي المغربية. النتائج العكسية بشكل عام يمكن النظر إلى بعض الأفكار التي طرحت من خلال مجاهدي الرسوم المتحركة الكويتيين على أنها إعتراف ضمني بحقائق تمس المجتمع الكويتي، وهي في مقام الحكي عن الذات. بديهية هذا الأمر تكمن في خروج التعبير من طرف جهة إعلامية تخضع لمراقبة الدولة. من جهة أخرى لا يمكن القطع بحقيقة الأفكار التي تضمنها هذا العمل الإعلامي تجاه المغرب لأنه حكي عن الآخر، وهذا ما يحتاج التوثيق. ومجمل ما يستشف من هذا العمل من جهة النتائج العكسية هو ابرازه لتفشي التأثير السلفي المتطرف في الثقافة الكويتية مع وجود تناقضات مع الحداثة تجعل المجتمع ذات ظاهر متدين و باطن يستحسن الفسوق. وهذا واضح من خلال إجماع كل سرية المجاهد أبي قتادة الكويتي على الكذب و الخيانة الزوجية من جانب ، وكذلك ظاهرة فعل الزوجات لأشياء كالخروج و السفر من وراء ظهور أزواجهن من جانب آخر . و ليس هذا بتعميم في حق المجتمع الكويتي ولكن الأمر حقيقي وإن كان على مستوى شريحة ما. مسلك الهجاء السياسي لو كانت قصة المجاهدين الكويتيين تعبير شعري لحق القول بأن أعذب الشعر أكذبه. لكن إطار القصة كما يصنفه المتخصصون يعبر عنه بالهجاء السياسي -Satire Political -. و هذا النوع من الهجاء يعتمد على إستعمال المواد السياسية للترفيه كطريقة ذكية لتمرير مضمون ما يصعب تمريره مباشرةً 1. تأييد هذا المعنى تجده في عدم إمكان مثلاً الإعلام الرسمي الكويتي إبلاغ مواطنيه بعدم الزواج من مغربيات و أن يحذروا من السحر - أو الشرويطا كما جاء في الشريط-. كذلك لا يمكن لهذا الإعلام أن يبلغ مواطنيه بأن مشروع زيارة المغرب قد يؤدي في مشاكل عائلية و ما أشبه. فلهذا الغرض قام بتمرير كل هذه الرسائل و بكل سهولة وإرتياح من خلال سرية المجاهد أبي قتادة الكويتي الكرتوني. رسائل كاذبة قام مشروع الرسوم المتحركة للمجاهدين الكويتيين -الذين لم نرى لهم أثراً لما كانوا تحت الإحتلال الصدامي- بتقديم صورة كاذبة عن المغرب الرسمي والشعبي. فتصوير رجل الأمن وهو يلفق تهماً للزوار ثم يعدل عن ذلك مقابل المال لا يمثل الحقيقة. وفيه اشارة إلى تفشي تلفيق التهم والرشوة. وهذا كذب محض و تضخيم غير مبرر، لأن حوادث خرق القانون المنعزلة تحدث في كل العالم و ليست خصوصية مغربية. أضف إلى هذا عدم ثبوت حدوث مخالفات من هذا النوع في المطارات، وادراجه بهذا المعنى إفتراء مكشوف. فالحكم على عموم الأشياء بخصوصيات ظواهر في موضع الإنزواء ليس من العرف في شيء، وعليه، الصورة العامة التي تم تقديمها هي نتاج عمل غير شريف. أما إذا كان القائم على إعداد سرية ابي قتادة الكويتي إستعمل إحصائيات الرشوة في الكويت لخلق صورة عن المغرب فهذا شيء آخر. لأنه يوجد إستطلاع في أرشيف جريدة القبس الإلكترونية عن الرشوة في الكويت يفيد بأن 34% دفعوها ، 13.5% طلبوها و 46.5% عرضت عليهم! أما تقديم نساء المغرب في صورة الممارسات للشعوذة و في جو عائلي ففيه إساءة للأسرة المغربية، و فيه ترويع مضمر من مصاهرة المغاربة. فظواهر كالسحر والدعارة و الفساد توجد في كل المناطق وعند مختلف الشعوب والثقافات. ولكن المرفوض هو الربط الذي قام به مهندس شريط المجاهدين الكويتيين ما بين مرض يصيب المجتمعات و الأسرة وهذا ما جاء في الشريط على شكل مؤامرة بين أم وابنتيها لوضع السحر في الشاي للأجانب الكويتيين. ومدلولية هذا العمل فيها تطاول على شرف الأسرة المغربية. و لا مجال للإتيان بنماذج تعاطي السحر في الكويت وعلى مستويات طالت حتى منتخبهم الوطني الذي إستخدم السحر وأعمال الشعوذة للفوز في مباريات مهمة أثناء دورات الخليج المختلفة وبطولة كأس آسيا2. بعدما تبينت الصورة التي قدمها شريط الرسوم المحركة للمجاهدين الكويتيين عن المغرب، يمكن إستنتاج الهدف من هذه الصورة و هو التحذير من المغرب الرسمي والشعبي. وترسيخ صور كهذه بطرق مختلفة هو من الأشياء التي من شأنها الإضرار المادي المتمثل في التأثير على السياحة و الإستثمار، و المعنوي المتمثل في سمعة المجتمع المغربي. و يحق التساؤل عما إذا كان من الطبيعي تضامن المغرب مع القضايا الإقليمية لدول من هذا القبيل. _____ هوامش 1.Henderson, J. (1993) Comic Hero versus Political Elite pp.307-19 in Sommerstein, A.H.; S. Halliwell, J. Henderson, B. Zimmerman, ed (1993). Tragedy, Comedy and the Polis. Bari: Levante Editori 2. مقابلة مع المعلق الرياضي الكويتي / خالد الحربان ، في برنامج ( حيهلا ) 22/ 10 / 1422ه. قناة الرياضة والشباب الكويتية