قال محمّد أوجار، متحدّثا ضمن ندوة عن "تصور السياسة المغربية لقضايا الهجرة" بصفته ممثلا لحزب التجمّع الوطني للأحرار، إنّ "المغرب، بكل حساسياته، حكومة ومعارضة وبرلمانا، لا يمكنه إلاّ أن يقف موقف دفاع مستميت عن حقوق المغاربة أينما كانوا"، وأردف ضمن حديث له، إبّان تسييره لذات الندوة ضمن فعاليات المهرجان الأول للثقافة الأمازيغية بأوروبا المنظم من طرف مجلس الجالية المغربية بالخارج وسط أمستردَام، بشراكة مع مؤسسة أركَان، أنّ "الإرادَة متوفرة وإن كان هناك تقصير في الوسائل أو الأولويَّات، لكنّ الهدف الاستراتيجي هو أن نكون مع مغاربة العالم ونستمع إليهم ونأخذ من مطالبهم ما لنا القدرة على تحقيقه". ثالث نقاشات المهرجان الذي أقامه الCCME على مدى 3 أيّام بالأراضي المنخفضة، وهي التي جاءت بعد التطرق ل "وضعية الثقافة الامازيغية بهولندا" وكذا "الفرص الاقتصاديّة الواعدة بالمغرب"، لم يقتصر الحضور فيها على المستقرين بالديار الهولنديّة ليمتدّ صوب قادمين من بلجيكا وألمانيا.. إذ استطالت على مساحة زمنية قاربت 5 ساعات، وعرفت إثارة إشكالات لم تستثن أيا من مجالات التدبير الحكومي المغربي ذات الصلة بالمغاربة المستقرين ببلدان الاستقبال الأوروبيّة. الصديقي يسقِط المعارضة والأغلبيّة الوزير عبد السلام الصديقي، الذي تحرك نحو أمستردَام بألوانه الحزبيّة معوّضا لمحمّد نبيل بنعبدالله، الامين العام لحزب التقدّم والاشتراكيّة، قال ضمن مداخلته إنّه "حين يتعلق الأمر بالجالية المغربية يكون ذلك ماسّا بعمق قضية وطنية أساسية لا يوظف فيها منطق المعارضة والأغلبية"، وزاد القياديّ في صفوف الPPS: "كل الأحزاب المغربية مفتخرة بالدور الذي تلعبه الجالية المغربية في الخارج، ونعتبر أنفسنا، في هذه الظرفية، كلّنا منتمين لحزب المغرب كما قال الملك محمد السادس". "كل حزب يسعى للاهتمام بهذه الجالية ويعطي اقتراحات في مجالات مختلفة، ونرى ان هناك اهتماما مؤسساتيا كبيرا لا يمكن لأحد أن ينكره، وهناك وزارة قائمة الذات تتكلف بهذا العمل، وهناك مجلس للجالية ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، وقطاعات حكومية أخرى" يقول الصديقي قبل أن يسترسل: "قضية الضمان الاجتماعي التي يعاني منها مغاربة هولندا واكبتها اجتماعات بسند من أحزاب سياسية، لأن المسألة تهم كرامة المواطن المغربي الذي لا نقبل إهانته من أي كان..". واعتبر ذات المتحدّث أن الوضع الدستوري الحالي للجالية المغربية قد أتى ب "مكانة خاصة محددة للحقوق والواجبات"، كما أورد أنّ المنتمين لهذه الشريحة من المغاربة "ليسوا مقصِّرين بقدر ما قصّر الوطن في حقّهم".. "تجلبون 60 مليار درهم في السنة، وهو مبلغ ضخم يفوق ما يجلبه الفوسفاط والسياحة من عائدات، لتخفف نسبة 40% من عجز الميزان التجاري بما يمثل 20% من السيولة النقدية.. لقد كان هناك خطأ في الماضي لا يمكن إنكاره ويتمثل في النظر إلى المهاجر كجالب للعملة الصعبة فقط، لكن الأن الأمور تغيرت ومغرب اليوم ليس مغرب الأمس" يقول الصديقي. كلام معوّض بنعبدالله بنقاش AmsterdamRai أورد بأنّ "تواجد تمثليات لأحزاب المغربية بالمهجر ضرورة للحماية والتأطير حتى لا يتم التلاعب بالجالية من طرف بعض الحركات المتطرفة، وكذا المساهمة في تعريف الجيلين الثاني والثالث على ثقافات بلدهم"، وواصل: "هناك من يشتكي من تعقد المساطر الإدارية بالمغرب، لكن هذا لا ينفي وجود تحسن كبير في التعامل مع الراغبين في الاستثمار بما يلقونه من تسهيلات، وإذا كانت هناك حالات وجدت صعوبة في المساطر فنحن مستعدون لاستقبالها وتيسير الأمور لها.. نريد أن يساهم مغاربة العالم في المجهود التنموي بالبلاد لأنهم رأسمال المغرب وثروته البشرية.. بوجودهم سنتمكن من تجاوز مشاكل في مختلف المجالات". لشكر: المغرب الرسميّ والشعبيّ الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أورد ضمن مداخلته أنّ "موضوع الهجرة لم يعد يعني المغاربة فقط، بل أصبح في صلب التحديات التي تواجه الإنسانية برمتها"، وأضاف: "ممقاربة الموضوع يجب أن تكون إنسانية ومندمجة، فقد تغيرت أمور كثيرة في تدبير ملف الهجرة الذي أصبح يطرح كحق أساسيّ من حقوق الإنسان، ويسمو هذا الحق على كل الالتباسات الفاصلة بين الهجرة الشرعية وغير الشرعية.. وكل الأسلاك الشائكة والإجراءات الأمنية لم تستطع ثني البشر عن الهجرة". "المغرب عرف تصورات عدة لقضية الهجرة، والمغرب به الرسمي والشعبي أردنا ذلك أم كرهناه، إذ يوجد من يملك سلطة القرار والإدارة لتنفيد برنامجه، ويملك القوانين المؤطرة والمال والموظفين، وهناك من يملك فقط أن يكون قوة اقتراحية وله الحق في أن يوضح الاختلالات، ولذلك يجب أن نميز ولا نكتفي بالقول أننا جميعا مغاربة وكلنا متشابهون.. هنا أقول إنّنا مختلفون.. الهجرة التي فرضتها سنوات الجفاف والأمراض في جنوب المغرب غير هجرة الأدمعة والكفاءات، والهجرة التي فرضتها سنوات الرصاص بسبب الإستبداد والظلم، في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من مناطق الشمال، ليست هي هجرة اليوم لأن الناس لم يصيروا يهاجرون لغياب الحقوق والحريات لكن بسبب اليأس و انعدام الشغل" يورد كبير الUSFP. واسترسل نفس المتدخل: "نظرتنا للمهاجر الذي يتجنس هي غير نظرتنا له بالأمس، المغاربة في الأمس كان يعتبرونه خائنا ذهب لبلاد الكفرة، واليوم هناك نظرة أخرى لموضوع الهجرة وتصور أخر لها.. كما أن المغرب لم يعد مصدرا للهجرة أو معبرا للهجرات القادمة من الجنوب فقط، لذلك لم يعد مطلوبا من المغرب التوقف عند حل مشاكل جاليته بالخارج، بل مشاكل المهاجرين القادمين من جهات أخرى صوبه، ويجب أن نعرف أن هناك قرابة 50 ألف مهاجر من دول جنوب الصحراء يعيشون بيننا في الوطن، وذلك يفرض علينا أن نحترم حقوقهم لنقدم نموذجا لدول الشمال التي تستقبل مهاجرينا.. ونحن في الإتحاد الإشتراكي نطالب بمشاركة المقيمين الأجانب في بلدنا ضمن السياسة، على الأقل في المجالس المحلية، وعندما وضعنا مقترح قانون للمشاركة السياسية لجاليتنا في الخارج وضعنا من المطالب والتعديلات ضرورة تمكين الجاليات الأجنبية في بلدنا من الحق في التصويت، ليكون هناك تعامل بالمثل في دول استقبال مع جاليتنا". وشدد لشكر على أن دستور يوليوز2011 منح للجالية الحق في المشاركة السياسية، مؤكدا أن الأمر لا يحتاج إلا لتغيير التشريعات والقوانين المرتبطة بالهجرة وجعلها مسايرة للسياقات الجديدة، مؤكدا على "وجوب التحرر من العُقد".. وواصل: "يجب أن نحبب أبناءنا من الجالية في بلدهم، عبر تعريفهم بالقيم التي توجد فيه بانفتاح بعيد عن الشوفينية والانغلاق، فهذه أجيال جديدة يجب أن ننفتح عليها دون استعمال مقاربة الحظر، فالأصل في الأشياء هو الإباحة". البوقرعي يطالب بفتح مؤسسات الحكامة النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنميّة، وهو الذي تنقّل لأمستردام كمتدخّل معوّض للوزير عزيز الربّاح الذي كان حضوره مبرمجا بالصفة الحزبيّة، قال إنّ إنّ مثل هذه النوة "يجب أن تكون للاِستماع أكثر من أن تكون لبسط الأراء والأفكار التي تصل في أكثر الأحيان لدرجة الاختلاف"، واعتبر أنّه "يجب على السياسيين أن ينتقلوا للمهجر حتّى يستمعوا للمغاربة، لأن ما ينقص هو الحوار، ومثل هذه اللقاءات تشكل جسرا حقيقيا من أجل فهم البعض للبعض الآخر حتّى وإن اختلفوا".. وزاد: "قضية المهاجرين هي قضية وطنية لا تقل أهمية عن باقي القضايا المطروحة للنقاش بالبلد، وهي بعيدة عن المزايدات السياسية أو يجب أن تبقى بعيدة، لأننا لسنا هنا من أجل تسجيل النقاط بل نحن في المراحل الأولى للتعاطي الإيجابي مع هذه القضية لأن المرحلة السابقة طبعتها أخطاء، وعلينا الأن أن نفكر بشكل جماعي لتجاوزها بعيدا عن تسجيل نقطة ما على حساب الخصوم". ذات المتدخل اعتبر أن "أكثر من 4 ملايين من المغاربة موجودون بالخارج اضطراريا، مما يشكل نسبة مهمة من فلذات أكباد الوطن، أغلبهم هاجر في وقت كانت الهجرة غير منظمة إبانه، ومع التوسع الديموغرافي للمهاجرين أصبح لزاما تدخل الدولة حاليا من أجل حماية أبناءها ومصاحبتهم والإهتمام بشؤونهم، إذ المتواجدون ببلدان المهجر لم يتخلوا في يوم من الأيام عن بلدهم بل حافظوا على الروابط التي تجمعهم به".. كما دعا البوقرعي إلى "شكل جدي ومسؤول لانخراط المغرب في قضية التمثيلية السياسية للمهاجرين المغاربة، ليس فقط في المؤسسات المنتخبة بل حتى في مؤسسات الحكامة التي من المفروض أن تعمل على إدماج هذه الشريحة الواسعة واستحضار البعد التنموي الذي تقدمه لبلدها". "يجب أن ينصب اهتمام الحكومة على المستوى الديني والثقافي والتربوي كي لا تترك الجالية عرضة لتيارات جارفة وهدامة بكل تلاوينها، سواء التطرف الذي يقود للموت في سوريا أو التطرف الذي يقود الإنسان إلى الإنسلاخ من هويته، وحضور الدولة يجب أن يكون معتبرا، بعيدا عن منطق الرقابة قريبا من المواكية والمصاحبة" يقول ذات المتحدّث قبل أن يزيد: "من المؤسف أن نرى التشيع قد وصل ببلجيكا إلى 30 ألف مغربي، وذلك له تبعات أخرى تمثل خطرا على البلد"، ويواصل: "يجب على الحكومة الاهتمام باللغتين الرسميتين الأمازيغية والعربية، والعمل على المستوى الإداري والقنصلي لتجويد الخدمات المقدّمة للمواطنين بالمهجر، وعلى الحكومة أن تعزز الحوار وآليات التواصل مع حكومات دول الاستقبال لضمان الحفاظ على الحقوق والمكتسبات، زيادة على توفير مواكبة حقيقية وبنية استقبال معقولة لكي لا يتعرض المغاربة للنصب والاحتيال حين إقدامهم على الفعل الاقتصادي بوطنهم". بنشماش: لا تعداد للكفاءات المغربيّة المستشار البرلماني الذي هو أيضا رئيس المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة انتقد عدم توفر المغرب على سياسة عمومية مندمجة ومتكاملة، فيها قدر معقول من التكامل والإندماج والتنسيق والإلتقائية، تجاه الهجرة.. وقال ضمن مداخلته: "لدينا سياسة برامج تختلف وتتعدد بحسب المتدخلين والقطاعات المهتمة بمغاربة العالم، في بلدنا لدينا 14 قطاعا حكوميا يهتم بهذا الجانب، وهذا شيء إيجابي لكنه يتميز بكثير من التشتت وقليل من التكامل". واعتبر حكيم بنشماش أن سياسة الدولة تجاه المهاجر "بها مجموعة من الأعطاب والاختلالات والمشاكل، منها غياب دليل قوي على أن الحكومة تفهم وتستوعب التحولات العميقة التي تقع في صفوف مغاربة العالم ووضعيتهم"، وأضاف: "هناك تحول بارز كالتأنيث المتصاعد للهجرة والشيخوخة التي أفنت شبابها في الهجرة والتشبيب المتصاعد للهجرة.. في حين قضايا المهاجرين ليست بأولوية لدى الحكومة الحالية، والدليل على ذلك أنه منذ سنيتين ونصف من عمر حكومة بنكيران لم تستطع عقد اجتماع للجنة الوزارية المشتركة، وبضغط قوي من البرلمانيين أخرج رئيس الحكومة مرسوما لمأسسة هذه اللجنة الوزارية المشتركة لكنها لم تجتمع بعد، وذلك ما يدفع للتساؤل عمّا إذا كان بنكيران ليس لديه من الوقت ما يكفي لجمع اللجنة من أجل الجواب على انتظارات مغاربة العالم، كما أن بنكيران وقع في 24 غشت 2011، قبل وصوله للحكومة، اتفاقية مع منظمة مدنية للمهاجرين فيها مجموعة من الإلتزامات لم ينفذ منها شيئا ممّا وعد به إذا ما ترأس الحكومة..بنكيران، قبل أن يكون رئيسا للحكومة، كان يتحدث عن عدم رغبة الدولة في مشاركة الجالية في الإنتخابات، وبعد وصوله للحكم لم يقم بشيء في هذا الباب وهنا أتساءل عن الذي يمنعه من ذلك". وقال ينشماش إن تقريرا للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أكد أن التصويت بالوكالة، بالنسبة لمغاربة العالم، لم يستعمل إلا مرتين خلال الإنتخابات الأخيرة، ودعا الCNDH في في توصيات صادرة عنه بتغيير هذه الطريقة في التصويت وتعويضها بالتصويت بالمراسلة أو التصويت الإلكتروني.. "ذلك ما نتبناه جملة وتفصيلا في حزب الأصالة والمعاصرة لإعتقادنا أنّه سيحل الإشكال في انتظار إصدار القوانين المتعلقة بضمان ممارسة المهاجرين لحقوقهم السياسية كاملة".. كما أنّ ذات المداخلة أوردت بأنّ "الحكومات المغربية المتعاقية اجتهدت في إحصاء المبالغ المالية من العملة الصعبة التي تدخل للبلد عبر الجالية المنتشرة عبر العالم، في حين يتم النأي عن عناء تعداد الكفاءات المغربية المتواجدة بالخارج والتي ستمكن من المساهمة في التنمية بالمغرب".