سمعة المرأة المغربية في الحضيض هذا ما استنتجته خلال ترحالي و تجوالي في بلاد العرب. بحكم إقامتي خارج المغرب بمجرد ما يبدأ الحديث حول المرأة و مشاكلها في منطقتنا أجد نفسي كرجل مغربي مضطرا للدفاع عن أختي المغربية. لماذا يا ترى أصبحت المرأة المغربية متهمة في شرفها بهذا الشكل؟ هل هي ضحية أم مرتكبة جريمة مع سبق الإصرار و الترصد؟ هل تورطها في صناعة المتعة نتيجة لازمة اقتصادية عصفت بالمغرب منذ الثمانينيات أم نتيجة لتخليها عن أحكام العفة و الطهارة التي يقررها الإسلام؟ لماذا هذا الهوس ألذكوري بشرف المرأة؟ في البدء كان الاقتصاد. عرف الاقتصاد المغربي هزة عميقة خلال الثمانينات بسبب انخفاض سعر الفوسفات و سنوات الجفاف و ضغط صندوق النقد الدولي الذي فرض على المغرب سياسة التقشف و إعادة هيكلة الاقتصاد المغربي لدفع ديونه. في ضل هذه المعضلات الاقتصادية و جد المغرب نفسه مضطرا لسياسة الخصخصة و ترك الشعب المغربي في مهب الريح. لا حكومته قادرة على خلق مناصب شغل كافية و لا الاستثمارات الأجنبية جاءت بالوثيرة المتوقعة. فبدأ خيرة شبابنا بشد الرحال إلى الضفة الأخرى بحثا عن الثروة. إذن الرجل المغربي وجد ضالته في قوارب الموت أو الهجرة الشرعية من اجل الشغل أو الدراسة بينما المرأة بحكم ثقافة المغرب المحافظة فرض عليها أن تنتظر العريس في صمت الذي ربما لن يأتي آو سيأتي بعد حين, بعد ذهاب سنوات الشباب الجميلة. المرأة لا تستطيع ركوب البحر بحكم ثقافتنا و بنيتها الجسمانية بالإضافة إلى المخاطر التي تحف المحاولة. المرأة يجب أن تنتظر حلا من السماء هكذا يردد لسان حال المجتمع في استسلام رهيب. في نفس المرحلة التاريخية أي الثمانينيات بدأت تنتشر على نطاق واسع مشاكل اجتماعية أخرى كالجريمة و الدعارة. فالأصل الاقتصادي لهذه المشاكل واحد. الكثير من النساء وجدن أنفسهن عالة على أسرهن و الكثير منهن اكرهن على الدعارة إما مباشرة آو بحكم الواقع و ليس للأمر علاقة بالقرب آو البعد عن الدين لان المرأة المتدينة الغير قادرة على الزواج و التي لا تستطيع إيجاد شغل فهي في أزمة أيضا و مستقبلها مفتوح على جميع الاحتمالات. الدعارة عرفها العالم الإسلامي على مر العصور و لكن ارتفاع وثيرتها آو انخفاضها مرتبط بأسباب موضوعية. و المفارقة المثيرة هي أن الجماعات الإسلامية بدأت تتكاثر خلال السبعينات و الثمانينيات أي بتزامن مع ارتفاع وثيرة الهجرة و الدعارة. ربما العامل الاقتصادي المذكور أعلاه يفسر لنا شيئا من الأسباب الموضوعية التي أدت إلى سطوع نجم الخطاب الديني...كرد فعل على واقع متردي و كذلك لأسباب ليس هذا المجال للخوض فيها. يمكن تقسيم أفواج المهاجرات إلى ثلاث مجموعات رئيسة. هناك الطالبات و هناك العاملات في شتى أنواع المهن -هناك من تجمعن بين الاثنين- و هناك المتاجرات في أجسدهن و يحلوا للبعض أن يصنفهن كعملات في قطاع صناعة الجنس, بمعنى, كما تبيع العاملة في حقل التوت قوة عملها مقابل المال فان المومس تبيع اللذة أو قوة العمل من اجل نفس الهدف. حسب الإحصائيات المهاجرات اللواتي يبعن اللذة هن أقلية و اغلبهن يتواجدن في بلدان الخليج و الظاهرة في تزايد بسبب استمرار الأزمة الاقتصادية و بسبب مظاهر الثراء التي تظهر على المومس الناجحة تماما كالمهاجر الرجل الناجح الذي يسحر أبناء حيه بسيرته الفارهة. المومس الناجحة تسحر المريدات للثروة . سوق الدعارة سوق قائم بذاته و ليس ضروري أن تفقد المرأة عذريتها لتشتغل فيه فهناك الرقص المثير مثلا....هكذا تروج المحترفة سلعتها للمبتدءات. اتهام كل المغربيات في شرفهن كما هو شائع في الكثير من البلدان العربية هو حكم جائر جملة و تفصيلا و هو حكم بني جزء كبير منه على سيرة المهاجرات إلى الخليج اللواتي يلقى عليهن القبض في الفنادق أو الفيلات الفاخرة من حين إلى أخر و كذلك بسبب قصص الليالي الحمراء التي يرويها كل خليجي زار المغرب وعبث بنسائه بالإضافة إلى هوس المراهقة المغربية بالفنان الشرقي كما حصل في مهرجان موازين الأخير مع تامر حسني الذي فجرت في وجهه المراهقة المغربية الطاقات الدفينة في جسدها. بعد كل ما قيل, هل المرأة المغربية المومس مجرمة؟ المرأة المشتغلة في قطاع صناعة الجنس ليست مجرمة بل هي ضحية نظام اقتصادي و سياسات حكومية فاشلة و ضحية أحكام مجتمع منافق لا يخجل الكثير من الذكور فيه من أن يضاجعوا العاهرات و يحلموا بالعذراوات. ضحية فكر ذكوري يرفض الغير العذراء للزواج و يلعنها إذا باعت ما لا يريد. ضحية فتوى دينية يصدرها رجال من مكاتبهم المكيفة بدون أن يطرحوا أي حلول ناجعة و يكتفون بالتذكير بحال العاهرات في جهنم و كأن الموس تستمتع ببيع جسدها لمن هب و دب ولا تحلم بزواج مستقر. الطعن في سمعة كل مغربية خصوصا المهاجرة هو منتهى التفاهة و المغربية التي تبيع اللذة هي ضحية قبل ان تكون مجرمة. اختيار قوارب الموت أو الدعارة ليس مجرد اختيارات فردية بل نتيجة لأسباب اقتصادية و اجتماعية معقدة لا يجب أن يخجل أي مغربي من مناقشتها و الدفاع عن كرامة الإنسان الذي يجد نفسه مضطرا لها.