بعد تداعي جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي أولى العالم المتقدم ومعه جزء هام من الدول الأخرى أهمية خاصة لحقوق الإنسان ، وبدأنا نرى بعض الأنظمة الديكتاتورية تتحدث هي الأخرى عن الحقوق الأساسية للكائن البشري ، فأنشأت منظمات ومجالس لحقوق الإنسان ، بل شرعت وزارات التربية الوطنية والتعليم في الكثير من الدول في برمجة نصوص دراسية حول مادة حقوق الإنسان ... لكن بقيت بعض الدول خارج التغطية ، وبعيدة عن الصف .. بل أن بلادنا التي يحلو للبعض أن يعطي بها الأمثلة كواحة للديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي شاءت الصدف الماكرة أن نرى أن حقوق الإنسان في الدولة الواحدة ، أحيانا ، تشوبها فروقات ، فحقوق الإنسان في الرباط ليست هي حقوق الإنسان في المناطق الحدودية النائية ، بل لا نجانب الصواب إذا قلنا أن حقوق الإنسان في المناطق الحدودية المسترجعة سنة 1975 ليست هي حقوق الإنسان في الشريط الحدودي الممتد من محاميد الغزلان والى فجيج ، فالدولة المغربية أصبحت تثير حقوق الإنسان الخاصة بالتشتت والتشرذم الطارئ بعد 1975 حيث وجد سكان الصحراء المغربية أنفسهم موزعين بشكل مأساوي بين الوطن و تندوف ، لكن نفس الدولة لم تحرك ساكنا لسكان قبائل الصحراء الشرقية المشتتين بين المغرب والجزائر منذ 1962 فقبائل لعمور ، أولاد جرير وذوي منيع أساسا ليعشون في ظل"حڭرة " وحرمان خطير في حقهم في التجمع العائلي و الاستفادة من ممتلكاتهم التي أجتزها الاستقلال ، لكن لم يسبق للإعلام المغربي ولا للمجلس الاستشاري ولا لمنظمات أو جمعيات حقوق الإنسان بكل تلاوينها السياسية والفكرية أن تطرقت لهذا الموضوع وهذه الأوضاع على الإطلاق ، فظلت قضية السكان المنحدرين من الصحراء الشرقية من الطابوهات والمحرمات ... بل شاهدنا كيف أقصت سلطات الرشيدية و فجيج رعايا جلالة الملك إبان الزيارة الملكية للإقليمين من السلام على جلالته ، فلا أحد من سكان الصحراء الشرقية في إقليمالرشيدية حظي بشرف السلام على عاهل البلاد ، بل قدم للملك شخص آخر في بوذنيب على اعتبار أنه يمثل قبيلة ذوي منيع ، الشيء الذي أدخل سكان الصحراء الشرقية المتواجدين في المغرب في دائرة "الحڭرة " لأول مرة في تاريخ الزيارات الملكية لمنطقة تافيلالت منذ الاستقلال . ان لسكان الصحراء الشرقية المقمين بالمغرب ملفات ، بعضها لا يمكن أن تحسم فيه إلا السدة العالية بالله ، لذلك ظل هؤلاء يترقبون الزيارة الملكية بشغف لكن مصالح البرتوكول غيبتهم بطريقة عمقت شعورهم ب "الحڭرة "ومن هذه الملفات يمكن أن نذكر : 1-ملف الحدود والممتلكات : فالحدود ظلت مقفلة منذ 1962 إلا في فترات وجيزة و محدودة ، فحرم سكان الصحراء الشرقية المتواجدون بالمغرب من حقهم في التجمع العائلي بذويهم ، بل يمكن اعتبارهم من أكثر الناس تضررا من هذا الحق الذي أولته المواثيق الدولية أهمية خاصة ،فجلالته حين كان ينادي بفتح الحدود ويلح على الجزائر فإن تنظيم لقاء سكان الصحراء الشرقية بعاهل البلاد وفي هذه الأقاليم الحدودية كان يثير انتباه الرأي العام العالمي ويفضح إدعاءات خصوم الوحدة الترابية ، فالجزائر المتباكية على حق الشعوب في تقرير المصير تغلق الحدود وتحرم السكان من حقهم في التجمع العائلي ، إن وضعية هؤلاء السكان بمناسبة الزيارة الملكية كان بالإمكان - لو انتبه المسئولون- أن تكون ورقة ضغط على الخصوم والأعداء. -2تهميش قاتل بسبق إصرار للسكان المنحدرين من الصحراء الشرقية في إقليمالرشيدية و فجيج ، فالسلطات وعلى الأخص في الرشيدية توصد الأبواب في وجه هؤلاء السكان ولو كانوا رجال سلطة سابقين ، فديوان عامل الرشيدية رد مرارا قائد قبيلة ذوي منيع المتقاعد والمقيم بالرشيدية من مقابلة السيد العامل لبسط هموم السكان بل أن الخليفة الأول قال لأحد معاونيه حين نقل إليه معلومة تفكير أطر قبيلة ذوي منيع في التوجه الى الديوان الملكي : ( أش عند ذوي منيع من أطر واش عند ذوي منيع ما يديروا). -3منذ 1962 صادرت الجزائر قطعان ابل وأغنام ، كما اعتقلت مواطنين منحدرين من الصحراء الشرقية بدعوى اجتياز الحدود ، لكن الملاحظ أن سلطات الرشيدية و فجيج تعاملت مع هؤلاء بنوع سيء من اللامبالاة ، فلم يعملوا على التخفيف من معاناة السكان ولو بقسط ضئيل ، بل لم يسبق لعامل الرشيدية ولا باشا بوذنيب أن استقبل أي واحد منهم بوصفه ضحية السجون الجزائرية ، جردته كذلك من كل ما يملك مع العلم أن بعضهم يقيم فوق تراب عمالة الرشيدية وتحديدا ببوذنيب ، والغريب أن هذه السلطات ساهمت في حصول العديد من المواطنين على امتيازات : وظائف ، ورخص نقل ، و أراضي لكنها لم ترحم ولا أحدا من ضحايا الاعتقال الجزائري ، ولا من قبيلة ذوي منيع منذ أزيد من عقدين ، فهؤلاء السكان غير موجودين في أجندة المسؤولين ، بل أن احد المعتقلين السابقين بسجن بشار يدعى : التهامي العيرجي صادرت الجزائر قطيعه وقطيع إخوانه ،و أصهاره ، تنهش الأمراض بدنه ويعيش وأسرته في ظل فقر مدقع ، فلا أحد في الرشيدية واساه ولو بوعد كاذب . -4من حق السكان المنحدرين من الصحراء الشرقية المقيمين بالمغرب أن يتساءلوا عن أسباب هذا التهميش وهذا الإقصاء : فهم ومنذ قدوم العلوي الأول مولاي الحسن الشريف (الحسن الداخل ) وهم مخلصون للعرش العلوي بل أن سكان بشار في السنوات الأخيرة عبروا عن تعلقهم بالعرش والمملكة في التظاهرة المعروفة بانقطاع التيار الكهربائي ، فما هو سبب هذا التهميش أو هو رغبة السلطات في استفزاز السكان ليصدر منهم ما يعكر الصفو ؟ إننا نقول لكم بصراحة : يا سلطات الرشيدية و فجيج لقد وصل السيل الزبى لكن سنظل كما الأجداد وفي أي مكان محبين لهذا الوطن ولثوابته وحين بضيق الحال وتسد في وجوهنا الدروب فإن وجهة سكان الصحراء الشرقية جلالة الملك محمد السادس نصره الله ، لذلك فإنهم اليوم يصرخون بملء أفواههم : واملكاه !!