هلْ غيّرت مدونة الأسرة، بعد عشْر سنوات من تطبيقها، النظرة التي كانت سائدة تُجاهَ المرأة، في المجتمع المغربي؟ الجوابُ، حسب معطيات حملتْها دراسة كانت قد أعدّتها وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بعد خمس سنوات من تطبيق المدونة، ولم تُنشر بعد، يسير في اتّجاه أنّ نظرة المغاربة إلى المرأة تغيّرت، في عدد من الأمور، خصوصا تلك التي تهمّ علاقتها بالرجل. ففيما يتعلّق بالمساواة بين المرأة والرجل في الحقوق، كشفت أرقام الدراسة، التي قدمتها بسيمة الحقاوي خلال لقاء دراسي حول تقييم حصيلة عشر سنوات من تطبيق مدوّنة الأسرة، التي دخلت حيّز التنفيذ سنة 2004، أنّ 49،5% من المستجوبين الذين شملتهم الدراسة، أكّدوا على أهمّية المساواة بين المرأة والرجل في كلّ الحقوق، "نظرا للمكانة المُعتبرة للمساواة". أرقام الدراسة، التي أنجزتها وزارة التضامن حول "التغيير في التمثلات وممارسات المواطنين والمواطنات بعد خمس سنوات من مدونة الأسرة، والتي قالت الوزيرة الحقاوي إنّه سيتمّ تحيينها، كشفتْ عن تغيير كبير في التمثلات التي كانت سائدة حول دور المرأة في الحياة الزوجية، إذْ أنّ نسبة أكثرَ من 75،5 في المائة من المستجوبين اعتبروا أنّ العمل المنزلي الذي تقوم به المرأة بمُفردها مُساهمة مادّية. أكثرُ من ذلك، يذهبُ نصف المستجوبين، إلى أنّ مساهمة الرجل في تدبير شؤون البيت أصبحت ضرورية، ويربطون ذلك بنسبة النساء اللواتي أصبحن يشتغل خارج البيت؛ وفيما يخصّ مهمّة تربية الأطفال، يبْدو أنّ المغاربة لم يعودوا يُلقون بها على عاتق الأمّ لوحدها، إذْ شدّدت نسبة 54،8 في المائة من المستجوبين على أنّ مهمّة تربية الأطفال هي مسؤولية الأب والأم معاً، وهو ما يعتبر دليلا مهمّا يعبّر عن التغيير الذي حصل في توزيع الأدوار بين الجنسين، حسب الدراسة. وفي مؤشّرٍ على تطوّر إدراك أهمّية الدور الكبير للمرأة داخل الأسرة، ومساهمتها، إلى جانب الرجل، في قيادة سفينة الزواج، أكّدت نسبة 80،2 في المائة من العيّنة المستجوبة خلال دراسة وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، أنّ المسؤولية المشتركة بين الزوجين مسألة إيجابية، وتساهم في نجاح العلاقة الزوجية، وتتيح الحوار بين الزوجين. وفي علاقة بموضوع الحياة الزوجية، ما يزال دور العائلة طاغيا، إلى حدّ كبير، في العلاقة التي تربط بين الأزواج المغاربة، ففي حال وقوع النزاع بين المرأة والرجل، فإنّ نسبة 67،8 في المائة من الأزواج يلجؤون إلى العائلة، لحلّ النزاع، بينما تلجأ نسبة 16،9 في المائة إلى الأصدقاء، وتفضّل نسبة 33،4 في المائة اللجوء إلى الحوار، بين الزوجين. وإن كان حضور العائلة ما يزال طاغيا، إلا أنّ الدراسة اعتبرت أنّ لجوء أكثر 33% من الأزواج إلى الحوار لحلّ الخلافات بينهما، "يدلّ على نضج ومسؤولية الزوجين، والرغبة في إبعاد العائلة من أيّ تدخّل"؛ ومن ناحية أخرى، فإنّ المحكمة تظلّ، في حال فشل الوسائط الأخرى، حاضرة في حل النزاعات بين الأزواج، إذ صرّح أكثر من 50 في المائة من المستجوبين أنّ المحكمة تشكّل وسيلة لحلّ النزاع. وفي مقابل التطوّر الكبير الحاصل في نظرة المغاربة إلى العلاقة بين المرأة والرجل، وتأييد نصفهم للمساواة بين الجنسين في كل الحقوق، إلا أنّ النّزعة المحافظةَ ما تزال طاغية على آراء العيّنة المستجوبة؛ ففيما يتعلق بحقّ الولاية في الزواج، الذي أقرّته مدوّنة الأسرة بالنسبة للمرأة الراشدة، اعتبر 68،1 في المائة من المستجوَبين أنّ الولاية الاختيارية للمرأة الراشدة "غيرُ إيجابية".