هل حان الوقت لمراجعة مدونة الأسرة بعد مرور عشر سنوات على تطبيقها؟ وما هي المقتضيات، التي يتعين مراجعتها تحديدا؟ وبالمقابل، هل حققت باقي المقتضيات المستجدة في مدونة الأسرة الأهداف المتوخاة من تفعيلها؟ وما هي التغييرات، التي أحدثتها مستجدات مدونة الأسرة بعد عقد من تنزيلها، سيما في ما يتعلق بالذهنيات والممارسات والمواقف؟ أجوبة هذه الأسئلة، تضمنتها خلاصات بحث ميداني حول موضوع: «عشر سنوات من تطبيق مدونة الأسرة: أي تغيرات في تمثلات ومواقف المواطنات والمواطنين؟»، أنجزته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بدعم من هيأة الأممالمتحدة للمرأة في إطار تتبع تنفيذ مدونة الأسرة، والتي تم تقديمها أول أمس الثلاثاء 26 يوليوز 2016 بالرباط، بحضور الوزيرة الوصية على القطاع، بسيمة الحقاوي وممثلة هيأة الأممالمتحدة للمرأة بالمغرب، ليلى الرحيوي. وكشفت أبرز خلاصات البحث الذي شمل عينة تتشكل من 1200 شخص ينتمون إلى 100 منطقة من مختلف جهات المغرب، أن المستجوبين يطالبون بمنع تزويج الفتيات الصغيرات المتراوحة أعمارهن بين 12 و16 سنة، إذ يطالبون بإلغاء المادة 20، التي تمنح القاضي سلطة الإذن بزواج القاصر قبل السن القانونية للزواج. ويطالب المستجوبون بمراجعة المادة 238 من المدونة والمتعلقة بالولاية الشرعية على الأبناء، وذلك لأجل جعل النيابة الشرعية الأبناء بيد الأبوين معا دون تقييدها بشروط بالنسبة للأم (وفاة الأب، غيابه، فقدانه للأهلية)، وذلك انسجاما مع المادة 4 من المدونة التي تنص على الرعاية المشتركة للأبوين على الأسرة، وانسجاما مع الفقرتين 3 و4 من المادة 51 التي تنص على حقوق وواجبات الزوجين. وطالب المستجوبون، كذلك، بمراجعة المادة 49 من المدونة، من خلال إقرار مطبوع يوقعه المقبلان على الزواج يحدد طريقة تدبير الأموال المكتسبة أثناء الزواج، على أن يدرج ذلك المطبوع ضمن الوثائق المتعلقة بطلب الإذن بالزواج. وكذلك، وضمن المقتضيات التي اقترح المستجوبون مراجعتها، تأتي المادة 156 من مدونة الأسرة، حيث يقترح المستجوبون تمديد الخبرة الطبية لتحديد مسؤولية الخاطب في حمل المخطوبة. أما في ما يهم المقتضيات، التي عبر المستجوبون عن الرغبة في إلغائها، فيتعلق الأمر بطلاق الخلع. وكشفت نتائج البحث الذي يتأسس على 3 محاور أساسية، يتعلق الأول بمعرفة قانون الأسرة والتمثلات السائدة بخصوصه في المجتمع المغربي، والثاني بتمثلات المغاربة حول العلاقة بين الرجال والنساء داخل الأسرة، فيما يتعلق الثالث بالآفاق المستقبلية من خلال انتظارات واقتراحات العينة المستجوبة، (كشفت نتائج البحث) أن 35.2 في المائة من المستجوبين يرون أن مدونة الأسرة ساهمت قليلا في تحسين العلاقات بين الأزواج مقابل 22.7 في المائة يرون أنها ساهمت كثيرا في تحسين العلاقات بين الأزواج. وفي ما يتعلق بتأثير عقد من تطبيق مدونة الأسرة على الزوجين، فاعتبرت نسبة 52 في المائة من المستجوبين أن عقلية وممارسات الزوجة، هي التي عرفت تغيرا بفعل تأثير مدونة الأسرة، في حين ترى نسبة 48 في المائة بأن عقلية الزوج وممارساته هي من طالها التغيير. وفي ما يهم المساواة بين الزوجين في الحقوق والواجبات، فقد اعتبرت نسبة 58.9 في المائة من المستجوبين أن الرجال والنساء ينبغي أن تكون لهم نفس الحقوق والواجبات داخل الأسرة. لكن العينة المستجوبة في إطار البحث، بدت أكثر تقبلا لفكرة المساواة بين الأزواج في الواجبات وليس في الحقوق، إذ عبرت نسبة 70 في المائة من المستجوبين على ضرورة إلزام المرأة ذات الدخل القار بالمساهمة في نفقة الأسرة، وهي المساهمة المادية، التي لا يقابلها بالضرورة حصول الزوجة على حقوق إضافية داخل الأسرة (51 في المائة مقابل 36 في المائة، يقولون بأن إنفاق الزوجة على الأسرة يعني حصولها على حقوق إضافية داخل الأسرة). وإلى ذلك، استهدف البحث الميداني قياس مستوى معرفة المغاربة بمدونة الأسرة والأحكام الجديدة التي أتت بها والتفسيرات السائدة حولها في المجتمع، وتقييم مدى تملك أو عدم تملك هذه الأحكام لدى المغاربة، وتحديد التغيرات التي حدثت في العلاقات الأسرية، والتعرف على علامات التغيير في تمثلات وسلوك وممارسات المغاربة بعد عشر سنوات من التفعيل، ورصد التحولات التي طالت الأسرة المغربية خلال هذه الفترة فطومة نعيمي