موجة من الفيديوهات اكتسحت النت مؤخرا رسمت فوق ألم المواطنين وحزن وجوههم ابتسامات عريضة. هي ليست فيديوهات فكاهة ولا كاميرا خفية، ولا سكتشات المغاربة السخيفة، إنما هي فيديوهات أسخف من ذلك وأتفه، فيديوهات نوابنا ووزرائنا بالبرلمان. صور فاضحة لمدى سخرية هؤلاء من شعب أعطاهم الحق في تمثيله وإيصال صوته إلى المسؤولين، وردود أفعال عار أن ترى تسجلها الكاميرات صادرة من هؤلاء المسؤولين أنفسهم. كثير من المواطنين بمجرد مشاهدته لتلك المقاطع المستهزئة بكرامة الشعب يقل اكتراثه في فهم ما يحدث ويزيد عزوفه عن الانتخاب والمشاركة في تحديد مصيره داخل قبة البرلمان. وهذا بالضبط ما يصبو إليه مسؤولو الحكومة، شعب سلبي معرض مستغن عن كل ما هو انتخاب ومشاركة فعلية في اختيار الأصلح لتمثيله حتى يفرغ لهم المجال للعبث والتجاوزات وسوء استعمال السلطة. كيف يمكن ادعاء صورية الحكومة وضحد سلطتها زعما أن السلطة كاملة بيد الملك وأن الحكومة لا دور لها إلا لتلبية رغبات السلطان وكأننا نعيش في دكتاتورية، في حين تظهر سلطة الحكومة جليا في فسادها. كيف يمكن للبعض نسب حكم الملكية المطلقة للنظام الملكي المغربي وسلب مساحة اختصاص كل وزير في وزارته وكل وزارة في قطاعها ونحن نرى بأم أعيننا التفسخ والاستبداد الذي تنهجه تلك الوزارات في خططها بحرية تامة وبدون تدخل القصر أو قراراته، عدم تدخل ناتج عن سياسة "الكاموفلاج" والتمويه الذي تتخذها الوزارات عند تبرير مواقفها لدى القصر، ونشهد كل يوم مدى توسع رقعة سلطة كل وزير وكل مسؤول لتصل إلى حد استغلال منصبه ومركزه للعبث بالنظام كما فعل وزير الاتصال أمام أعين الملأ، سلطة تستغلها لمصالحها الخاصة وتتآمر بها على الشعب لنهب أمواله وإهمال مصالحه. جلالة الملك عند تنصيبه للوزراء يأمل في كل مرة تركيب حكومة قادرة على تحمل أعباء وزاراتها وفك بعض من الآفات المتراكمة منذ حكومة الاستقلال، وطبعا يتم ذاك التنصيب والاختيار حسب نتائج الانتخابات ومراكز الأحزاب وعدد مقاعد كل منها. نعم نعلم جميعا كم هي فاسدة تلك الانتخابات وكيف أن معظم الشعب يأبى المشاركة فيها أ جهلا أم عدم اكتراث أم عزوفا الأمر سيان، ولذلك بالضبط نسمع كم مرة يتم استبدال وزير بآخر ومسؤول بغيره بقرار من جلالة الملك... ولا تتجدد إلا الأسماء بينما المشاكل باقية كما هي. من أين تريدون أن يختار الملك الوزراء والمسؤولين؟ من بلد آخر، من كوكب آخر؟ أليسوا مواطنين اختيروا من بيننا؟ ألا يعبر فسادهم عن فساد شعب بأسره؟ بعبارت أخرى: هؤلاء الوزراء والبرلمانيون والمسؤولون الذين يستغلون كراسيهم وخزنات وزاراتهم وختمات مناصبهم للنهب والتضليل والفساد، أليسوا أفرادا من الشعب؟ ألم يتم اختيارهم من بين المواطنين بغض النظر عن مستواهم الطبقي الاجتماعي؟ أليسوا مغاربة من لحم ودم؟ أم هم أناس من طينة أخرى؟ نعم هم مغاربة مثلنا، طينتهم من طينتنا، لكنهم فور اعتلائهم المناصب واستلامهم مفاتيح الدوالب والخزنات تحدث طفرة في خلايا أدمغتهم وجيناتهم ليتحولوا إلى مصاصي دماء. لكن، هل كون هؤلاء البرلمانيين والمسؤولين مفسدين منحلين زائفين يكفينا كشعب مسؤولية حمل هم أنفسنا ومشاركتنا في لعبة الفساد؟ بلى وجود مصاصي دماء في الحكومة دليل على وجود مصاصي دماء داخل الشعب بأحجام تتفاوت قدر المسؤولية مثلا عندا رأيت فيديو مستشفى العرائش بجدرانه المتسخة وأفرشته العفنة ومراحيضه المقززة وأرضيته الملوثة، مستشفى تنعدم أساسيات النظافة في غرفه ومرافقه وأقسامه فبالأحرى أساسيات الصحة، مستشفى يصرخ من نقص في المعدات والأجهزة بل وحتى في الطاقم الطبي، تعجبت من تسمية الفيديو "مستشفى ياسمينة بادو"، لأن أول سؤال خطر بذهني عند رؤيتي للحالة المزرية لأروقة المستشفى لم يكن هو "أين ياسمينة بادو"، لكن "أين عاملة النظافة؟" عاملة النظافة امرأة مهملة منعدمة الإخلاص والوطنية، تغش في عملها وتزهد في مجهودها، معبرة بسلوكها المشين عن راتبها الزهيد، فراتبها المخجل الذي يدفع لها شهريا لا يكفيها حتى لدفع ثمن الكراء، كي يدفعها بالمقابل غشها إلى أخذ الرشاوى من المواطنين لتسديد فواتير الماء والكهرباء وسد حاجيات الأكل، مقابل أن تتركهم يزوروا عائلتهم في غير ساعات العمل، وأن تهتم بجلب طعام جيد لأحد المرضى المحظوظين بعائلة تدفع الرشاوى. سخط عاملة النظافة على الأوضاع سببه الراتب الهزيل الذي يدفعه لها رئيس عاملات المصلحة "الشفار"، الذي ينهب من أجرة العاملات ويأخذ أَسِرَّة المستشفى الجديدة إلى بيته ليترك أَسِرَّة قديمة بتلك القذارة، ويأخذ مساحيق التنظيف إلى بيته ويترك أرضية المستشفى بتلك الحالة المقززة، ويأخذ حتى "الجعبة ديال الروبيني" إذا أعجبته ومصباح الكهرباء إذا احتاجه و "السطل" من المرحاض إذا أراد ليترك المستشفى كأنه "كاريان ديال الديشي". ولماذا كل هذا التسيب من طرف رئيس المصلحة وهذا الطغيان، لأن مقتصد المستشفى أكبر اللصوص ينهب أموال المستشفى ويودعها خزنته عوض شراء طلاء لحيطان المستشفى، ويأخذ براميل الحليب والمربى وأكياس "الطحين" والقطاني و"كوربات" الخضر والفواكه إلى "ڤيلته" ليزيد كرشا على كرشه من مال حرام ويترك للمرضى صحونا منفرة "لحم لاوي وبطاطا بايتة وخبز كارم"، هذا إن كان يعطى لهؤلاء المرضى أكل من الأصل. ولماذا المرضى مهملون على ذالك النحو، لأن الممرضات والممرضين مرتشون لا يعملون إلا ب(20 درهم فالجيب)، يتصرفون مع المرضى بنذالة وتأفف، منعدمي الوطنية والضمير والحس الإنساني، يتحركون في القسم "بالتكصويل" كأنهم يعملون مع معجبين وليس مع مرضى. وهذا العتي في التعامل سببه غياب مراقبة الممرض العام، لأن تركيزه كله في كيفية سرقة الدواء من دواليب القسم، وأخذه إلى بيته، وكيف يسهل أمر الدخول على هذا وذاك من أقربائه ومعارفه حتى يسهلوا عليه أمره عند الحاجة. ثم يأتي الأطباء بأنفتهم وجبروتهم، يتكلمون مع المريض كأنه هو نفسه مكروب أو فيروس، يلمسونه بتقزز ويمشون الخيلاء كأن بيدهم المحيى والممات، وفرعونهم الطبيب رئيس القسم (عاطيها للي كونفرونس) لا تجده في مكتبه إلا قليلا، نادرا ما يقرر زيارة قسمه وفحص المرضى، وعندا يقرر (خاصهوم يبقاو يصفقو ليه وهو كيدور، كي العريس فوق الطيفور). كل هذه السلوكيات القبيحة المشينة وهاته السرقة في وضح النهار وهذا التخاذل في العمل ناتج عن غياب مراقبة رئيس المستشفى، لأنه حاضر في " أشغال بناء فيرمته الجديدة" على حساب من؟ على حساب المرضى، أحوج الناس إلى الاعتناء والمقابلة. وهنا وفقط منذ هذه النقطة يمكن الحديث عن وزيرة الصحة، ووزير الاتصال والوزير الآخر والآخر، ماذا يفعلون؟ أين هم؟ هم بين مكاتبهم المكيفة وسياراتهم الضخمة الفخمة ودورهم الفاحشة يسفون خزائن الدولة بمهل، يتبعون سياسة الخداع والتزييف في تقاريرهم وخططهم ونتائج إحصاءاتهم وإنجازاتهم الكاذبة عند تقديمها للملك، وفي البرلمان يتأتئون ويبتسمون ويضحكون على الذقون بأجوبة أتفه منهم. يكذبون في وجوهنا، ثم نشاهدهم فنسخر منهم... وخلاها عادل إمام "والله دا احنا للي مسخرة" كلنا مسؤولون، كلنا متورطون، كلنا نتحمل تدحرج هذا الوطن في الهاوية، من الألف إلى الياء... ومن سيأتي ليتحدث عن الاستثناءات سأدع له المجال ليتحدث إلى أن يقر يوما بما فعله أو ما لم يفعله لوطنه كلنا مصاصو دماء هذا الوطن فإن أردت الإصلاح... فلتبدأ من نفسك http://www.ipetitions.com/petition/maroctransport www.facebook.com/mayssasalama